تعكف الحكومة الإسبانية حاليا، على دراسة كيفية إنقاذ اقتصاد سبتة ومليلية المحتلتين من الأزمة التي تمران منها جراء قرار المغرب إغلاق الحدود البرية مع المدينتين، بالتفكير في اعتماد مخطط عاجل قد يجعل منهما تعودان إلى وضعية ما قبل 1912، عندما كانتا مستقلتين اقتصاديا عن المغرب. وأوردت مصادر إعلامية إسبانية بداية الأسبوع الجاري، في هذا الصدد، تشكيل حكومة مدريد لجنة مكونة من 6 وزارات وهي رئاسة الحكومة ووزارة التجهيز والداخلية والخارجية والمالية وكذلك الصحة علاوة على مشاركة أجهزة الاستخبارات لدراسة مخطط اقتصادي عاجل لانقاذ المدينتين السائلين، مع الإشارة إلى عدم اشراك وزارة الدفاع في هذه اللجنة بحكم أن مخطط تأمين حماية المدينتين يعتبر عسكريا محضا، بينما "اللجنة الانقاذ" ذات أهداف سياسية واقتصادية بالدرجة الأولى. وأبرزت المصادر ذاتها، أن حكومة مدريد، وأمام إغلاق المغرب الحدود مع سبتة ومليلية لمدة سنتين تقريبا مع احتمال فتح هذه الحدود منتصف 2022، تريد صياغة نموذج اقتصادي خاص لهاتين المدينتين بغض النظر عن عودة المغرب لفتح الحدود من عدمه. وعقدت اللجنة الوزارية المشتركة، عدة اجتماعات لتدارس كيفية التصرف على المدى القصير في حال قرر المغرب فتح الحدود في أية لحظة، في حين يتجلى العمل الاستراتيجي الحقيقي للجنة في تأمين استقلالية اقتصاد الثغرين عن المغرب نهائيا على المدى الطويل لضمان عدم تكرار الأمر والظخول في أزمات اقتصادية خانقة مستقبلا. وقبل إغلاق الحدود، كان جزء من اقتصاد سبتة ومليلية يقوم على تهريب البضائع نحو باقي مدن المغرب، وخاصة الواقعة في الشمال، مثل الفنيدق وتطوان في حالة سبتة، والناظور في حالة مليلية، إذ لا توجد أرقام دقيقة حول حجم التهريب من المدينتين نحو باقي المغرب، لكن بعض الخبراء يتحدثون عن أكثر من مليار يورو سنويا. وتابعت المصادر نفسها، أن حكومة مدريد ترغب في تحويل سبتة ومليلية إلى نقاط جمارك معترف بها لوضع حد للتهريب، وهي الصيغة لن تقبلها الرباط بسبب وضع المدينتبن باعتبارهما مستعمرتين، وبالتالي فهي لا تعترف بسيادة إسبانيا عليهما. وتراهن اللجنة على ربط مستقبل اقتصاد المدينتين بالاقتصاد الإسباني والأوروبي، بالاعتماد على الدعم والمساعدات الأوروبية لتغيير النموذج الاقتصادي الحالي بهما، والذي كان قائما في جزء منه على التهريب نحو المغرب، فضلا عن التفكير في عدد من المقترحات والسيناريوهات من الاندماج التام في نظام شينغن الأوروبي إلى المحافظة على الوضع الحالي للاستفادة من الامتياز الضريبي. في غضون ذلك، يرى النتتبعون أن إسبانيا ستسير نحو تأمين اقتصادي كامل للمدينتين عن المغرب، لاسيما في ظل تطبيق الرباط استراتيجية تطوير المناطق الحدودية للمدينتين بإنشاء مناطق صناعية ومرة بها، وجلب شركات توفر مناصب شغل، في ظل تنامي الحديث في أسبانيا وسط الطبقة السياسية عن وجود مخطط مغربي لخنق سبتة ومليلية اقتصاديا في أفق إعداد الأرضية لاستعادتهما، حيث يطالب المغرب باستعادة المدينتين من السيادة الإسبانية، ولكنه يكتفي ببعض الإشارات الآن بحكم الأولوية التي يمنحها لملف الصحراء . ومن باب المقارنة، فمخطط حكومة مدريد بتأمين الاستقلالية الاقتصادية لسبتة ومليلية عن المغرب سيعيد سيناريو وضعيتهما قبل سنة 1912 عندما كانتا بشكل عام مرتبطتين بالاقتصاد الإسباني، لكن بعد هذا التاريخ الذي يصادف استعمار فرنسا واسبانيا للمغرب، اندمجتا في اقتصاد المغرب وإسبانيا في آن واحد. وإذا نجحت مدريد في مخططتها هذا، سيعني مرحلة تاريخية جديدة للمدينتين في علاقاتهما مع المغرب، أي الانفصال الشبه التام، أو ظهور سيناريوهات جديدة مرتبطة بتغيير وضع المدينتين وبرد الفعل المغربي قد لا تكون في الحسبان، وغير مخطط لها سلفا .