أكد أنطونيو أوردياليس المحامي الإسباني، بهيئة المحاماة بمدينة مالقة الإسبانية، أنه لجأ إلى فتح ملف قضية الإرهابي بجبهة البوليساريو المدعو "إبراهيم غالي" من جديد، بهدف كشف حقائق بعض المسؤولين الإسبانيين، الذين تستروا على دخول "مجرم حرب" إلى الأراضي الإسبانية بوثائق وهوية مزورة باسم "ابن بطوش"، إضافة إلى الاستعانة بالقاعدة العسكرية سرقسطة لهبوط الطائرة الرئاسية الجزائرية، التي وصل على متنها. وأوضح المحامي الإسباني، في حواره مع "رسالة الأمة"، أنه تأكد أن رئيسة حكومة لاريوخا، كونشا أدرو عن الحزب الاشتراكي العمالي بإسبانيا، قد التقت قبل وصول الإرهابي "ابن بطوش" بمسؤول رفيع المستوى من جبهة البوليساريو بالبلد الإسباني، وأشار إلى أن إرهابي جبهة البوليساريو يخدم أجندة قوية في الاتحاد الأوروبي، ما جعل القضية تخلق صراعات دبلوماسية بين الأطراف، إضافة إلى أن هذه القوى بحاجة ل "إبراهيم غالي" في موضوع المناجم، حسب قوله. ◄ ما هي الأسباب التي دفعتكم كمحام إسباني لفتح ملف قضية مجرم الحرب المدعو "إبراهيم غالي"؟ ● صراحة، هناك عدة أسباب دفعتني لرفع دعوى قضائية منذ دخول إبراهيم غالي أو ابن بطوش المزيف، مطار سرقسطة، بتاريخ 14 أبريل 2021، من بينها أن الحكومة الإسبانية الحالية نسيت أن إسبانيا هي دولة قانون أو أنها كانت كذلك حتى وقت قصير. لكن ما يجب على الرأي العام الوطني والدولي معرفته، أن القانون الجنائي للدولة الإسبانية يقول في مادتها 451.3 المتعلقة بقانون العقوبات، في كل من قسميها (أ) و (ب) أن التستر والتواطؤ وإخفاء أشخاص يزعم أنهم ارتكبوا جريمة شنعاء، أو مساعدتهم على الهروب من أحد التحقيقات القضائية، يعاقب عليها القانون الجنائي الإسباني في مادته السابقة الذكر، بعقوبات حبسية تتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات، إضافة إلى نزع الأهلية لمزاولة المهام السياسية، لمدة تتراوح ما بين سنة إلى اثني عشر عاما، وإذا كان الجرم هو إخفاء الشخص المعني والمتابع من لدن القضاء الإسباني، فإن الذين يتعمدون مساعدة الجناة "المزعومين" كشركاء كانوا أو جناة، تتم إدانتهم باعتبارهم ساعدوا الجناة أو المتهمين بارتكاب جريمة معينة أو الهروب من تحقيقات السلطات أو التهرب من وكلائها بالسجن، وذلك شريطة أن تتوفر أي من الظروف التالية: أن يمثل الفعل المخفي جرائم إبادة، أو جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم ضد الأشخاص والممتلكات محميون في حالة نزاع مسلح أو الإرهاب أو اغتيال وما إلى غير ذلك.
◄ تحدثم عن الإدانة لمجرمي حرب، هل تظن أن حكومة بيدرو سانشيز تعاملت مع الموضوع بطريقة" ديمقراطية"؟ وهل ترون أن قرارات القضاء الإسباني كانت صائبة للسماح ل"غالي" بمغادرة الأراضي الإسبانية؟ ● ما يمكنني التطرق إليه بخصوص هذا الموضوع هو أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، ولا يمكن لنا التسامح مع حكومة تدعي الديمقراطية، وتصرفاتها وقراراتها لم تكن حكيمة مع الجارة القريبة منا المملكة المغربية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع وتسبب في صراع دبلوماسي بين البلدين، وهذا الصراع أدى إلى خسائر وأضرار معنوية ومادية لملايين الأشخاص. ◄ كنتم أول من تقدم بدعوى قضائية ضد السلطات والمسؤولين الإسبان، ما هو تفسيركم لذلك؟ ● صحيح، تقدمت بدعوى قضائية ضد السلطات التي تسترت على تزييف هوية مجرم حرب المدعو "إبراهيم غالي" لدخول الأراضي الإسباني، وكنت على علم أنني إن لم أفعل ذلك، فلن يفعله أحد، لأن إسبانيا أصبحت منذ سنوات بلدا متسامحا مع إرهاب الدولة. ◄ بصفتكم محاميا ، ما هو تقييمكم لمبررات القاضي "سانتياغو بيدراز" لرفض قرار السجن المؤقت وسحب جواز سفر إبراهيم غالي؟ ● ماذا عساي أن أقول، سوى أنني لا أحب التعليق على الإجراءات التي لا أعرفها بالكامل، لكنني سأجيب عن هذا السؤال بطرائف وقعت بالبلاد (إسبانيا).. في عام 2006 فتح القاضي بالتاسار غارزون قضية جنائية ضد 31 من كبار المسؤولين السياسيين والضباط العسكريين المغاربة، الذين اتهموا باختفاء 542 شخصا بين سنتي 1975 و1985، بعد شكوى قدمتها جمعية صحراوية بتهمة جريمة إبادة جماعية بالمناطق الصحراوية وغيرها، آنذاك تم القيام بإجراءات لا حصر لها، وفي النهاية قامت المحكمة بمقاضاة إحدى عشر شخصا منهم بتهم ضد الحكومة المغربية، بمعنى أنها أصدرت في حقهم أمر توقيف واعتقال دوليين. وفي نفس السنة (2006)، تم فتح قضية جنائية دولية أيضا، بتهم جرائم إبادة بناء على طلب من لجنة صينية، ضد رئيس الوزراء السابق لجمهورية الصين الشعبية "لي بينغ"، رفقة خمسة مسؤولين صينيين كبار آخرين، ليتم إصدار مذكرة بحث واعتقال، فاحتجت الصين بشدة، واضطرت حكومة "ماريانو راخوي" إلى تعديل القانون الأساسي للسلطة القضائية بتاريخ 27 فبراير 2014، لتنتهي القصة الصينية وكأنه لم تكن هناك أي قضية. وبتاريخ 20 دجنبر 2007، فتح القاضي السابق آنذاك لمحكمة التحقيقات المركزية رقم 5 المتواجد بمدريد، إجراءات ضد "إبراهيم غالي" رفقة 27 آخرين من أعضاء جبهة البوليساريو بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والإرهاب والتعذيب، إضافة إلى حالات الاختفاء القسري وغيرها، ليتم الشروع في الإجراءات التمهيدية بداية سنة 2008، بناء على طلب الجمعية الصحراوية لحقوق الإنسان، وفي العام الماضي افتتح قاض آخر من نفس المحكمة الجلسة السابقة 2020/447، بناء على طلب المدون والناشط الصحراوي "فاضل بريكة" أحد ضحايا التعذيب من قبل جبهة "البوليساريو" بمخيمات تندوف، حول جريمة التعذيب والإرهاب والإبادة الجماعية المرتكبة من طرف العديد من الإرهابيين. لكن السؤال الذي أطرحه على نفسي بصفة محاميا إسبانيا، هو كيف لقضاة محكمة التحقيقات المركزية رقم 5 بمدريد، الذين استطاعوا منذ عام 2006 ،أن يحددوا مكان 11 مواطنا مغربيا ومقاضاتهم بالقانون الإسباني، وكذا موقع مسؤولين كبار في الحكومة الصينية خلال نفس السنة، أن لا يتمكنوا من تحديد موقع إرهابي واحد من جبهة البوليساريو؟ وتتمة لما سبق، فإن ما يجب على عامة القراء أو المهتمين بالشأن الوطني والدولي، أن يعرفوه، هو أن رئيسة النيابة العامة الحالية "دولوريس ديلغادو غارسيا"، معروفة في الأوساط الاسبانية بالعلاقة التي تربطها بشكل "علني" بالقاضي المسحوبة أهليته "بالتاسار غارزون" وهو القاضي السابق في محكمة التحقيقات المركزية رقم 5 أي في المحكمة الوطنية، وأنها تولت منصب وزارة العدل في حكومة "بيدرو سانشيز" الحالية خلال سنتي 2018 و 2019، وتشغل حاليا مهام رئيسة النيابة العامة، فما الذي يجب أن نفكر فيه حول نزاهة القاضي سانتياغو بيدراز يا ترى ؟ ◄ سبق لكم أن أشرتم في تصريحات سابقة إلى أن وزيرة الخارجية رفقة مسؤولين كبار وآخرين في الحكومة الإسبانية لبيدرو سانشيز قد تدخلوا فعلا للتستر على مجرم الحرب المدعو "إبراهيم غالي" واستقباله بالأراضي الإسبانية وذلك بالقاعدة العسكرية سرقسطة ما تفسيركم لهذا؟ ● صراحة، ووفقا للتحقيقات التمهيدية، التي أجراها قاضي المحكمة الابتدائية رقم 7 في سرقسطة، رفائيل لاسالا الباسيني، فإن أوامر إخفاء هوية "غالي" وشركائه الذين كانوا متواجدين معه، بعد هبوط طائرة الرئاسة الجزائرية GULFSTREAM يوم الأحد 18 أبريل 2021، قرابة الواحدة بعد الزوال، كانت صادرة عن هيئة الأركان العامة الجوية بناء على طلب من رئيس ديوان وزيرة الخارجية أرنشا غونزاليز لايا، وقد تم إصدار هذه الأوامر شفاهيا إلى الجنرال المشرف على القاعدة العسكرية، خوسي لويس أورتيز كانيافاتي ليغنفيلد، الذي اعترف بذلك أمام القاضي لاسالا الباسيني. إضافة إلى أنه ثبت أن الإرهابي "إبراهيم غالي" الذي دخل الأراضي الإسبانية بجواز سفر مزور تحت اسم "ابن بطوش" نقل في سيارة إسعاف من القاعدة الجوية إلى مدينة لوغرونيو، متوجها إلى مستشفى سان بيدرو. وعلاوة على هذا، فقد ثبت أيضا أن رئيسة حكومة لاريوخا، كونشا أندرو عن الحزب الاشتراكي العمالي بإسبانيا، كانت قد التقت أياما قليلة قبل وصول المدعو "إبراهيم غالي" بمسؤول رفيع المستوى في جبهة البوليساريو في إسبانيا. ◄ مجرم حرب تسبب في أزمة دبلوماسية بين بلدين، فكيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات الدبلوماسية المغربية- الإسبانية؟ ● صراحة، لن أستطيع تحديد الأمر ببساطة، لأن ذلك رهين بالمدة التي سيظل فيها الاشتراكي الشيوعي بيدرو سانشيز رئيسا للحكومة الإسبانية، باعتباره مجرد أداة في خدمة قوى أخرى تابعة للاتحاد الأوروبي لها مصلحة في استمرار هذه الأزمة، وهذه القوى التي أتحدث عنها هي بحاجة لإرهابي جبهة البوليساريو "إبراهيم غالي" من أجل موضوع آخر مرتبط باستغلال المناجم.
المصدر جريدة رسالة الأمة الوسوم أنطونيو أوردياليس إسبانيا البوليساريو المغرب