لم تمنع مواقف نقباء ورؤساء سابقون لجمعية هيئات المحامين، وبعض الجمعيات المهنية القضائية، الرافضة للمادة ال9، التي تحظر الحجز على أموال وممتلكات الدولة، عند تنفيذ الأحكام القضائية، من تبني البرلمان بمختلف مكوناتها لهذا المقتضى المضمن في مشروع قانون المالية لسنة 2020. ففي جلسة ماراطونية، استمرت طيلة أمس (الثلاثاء)، وحتى الساعة الثالثة من صباح اليوم (الأربعاء)، حسمت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، الجدل القانوني الذي أثير بشأن التنصيص على “منع إخضاع أموال وممتلكات الدولة للحجز لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدها.” وتمكنت الحكومة، ممثلة في وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشبعون من اقناع الفرق النيابية من الأغلبية والمعارضة، بالمصادقة على “المادة 9 من مشروع قانون المالية لسنة 2020″، بعد أن توافقت مع هذه الأخيرة، على “صيغة مشتركة موحدة” للمادة، مثار الجدل، “تحفظ حقوق الدائنين الحاملين لأحكام قضائية اكتسبت قوة الشيء المقضي به، وأيضا تضمن استمرارية المرفق العمومي.” وتنص الصيغة المتوافق بشأنها، والتي تم التصويت عليها بالإجماع من قبل نواب فرق الأغلبية والمعارضة، باستثناء نائب واحد عن فيدرالية اليسار، على أنه “يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة أو الجماعات الترابية ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية أو الجماعات الترابية المعنية.” كما تنص الصيغة ذاتها، والتي اطلعت “رسالة 24” على مضمونها، على أنه “في حالة صدور قرار قضائي قابل للتنفيذ، يدين الدولة أو جماعة ترابية بأداء مبلغ معين يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه تسعون يوما ابتداء من تاريخ الإعذار بالتنفيذ في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية لهذا الغرض، ووفق مبادئ وقواعد المحاسبة العمومية، وألا يتم الأداء تلقائيا من طرف المحاسب العمومي داخل الآجال المنصوص عليها بالأنظمة الجاري بها العمل في حالة تقاعس الأمر بالصرف عن الأداء بمجرد انصرام الأجل المشار إليه.” الصيغة نفسها، نصت كذلك على أنه “إذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي، عبر الآمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة، وذلك في أجل أقصاه خمس سنوات، وفقا للشروط المشار إليها أعلاه دون أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات المحلية للحجز لهذه الغاية.” وكان نادي قضاة المغرب، قد اعتبر أن ما تضمنته مقتضيات المادة التاسعة من مشروع قانون المالية لسنة 2020 من منع لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية عن طريق الحجز، يشكل “مسا واضحا بمبدأ فصل السلط واستقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية”، كما هو منصوص عليه في الفصلين 1 و107 من الدستور.