بعد الضجة التي اثارتها المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020، والمتعلقة ب «تنفيد الأحكام القضائية»، ذكرت مصادر مطلعة لموقع «أحداث أنفو»، أن هاته المادة استأثرت بنقاش مستفيض داخل لجنة المالية، حيث وصل عدد المتدخلين من أجل مناقشتها والتساؤل حولها وطلب شروحات بخصوصها هذه المادة إلى 26 تدخلا بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية. وفِي تعقيب لوزير المالية محمد ينشغلون أكد أنه «تمت برمجة فصول لتنفيذ الأحكام القضائية في ميزانيات جميع الوزارات المعنية»، وهو ما يبين، بحسب الوزير، «رغبة الحكومة وجديتها للتنفيذ الجزئي للأحكام القضائية». وقد اعتبر بنشعبون أن «الاقتطاع المباشر للتعويضات من ميزانيات الوزارات سيؤدي لتوقيف الاستثمار العمومي، لأن نفقات التسيير تؤدى أولا»؛ مشيرا إلى أنه «تم اقتطاع 10 مليارات درهم خلال السنوات الأخيرة»، «وإذا بقيت هذه الوتيرة فسيتم توقيف الاستثمارات وهذا خطير»، يقول وزير المالية. وأشار بنشعبون أنه «يمكن الجلوس، أغلبية ومعارضة، لصياغة حل معقول يضمن الحقوق العامة والخاصة»، معتبرا أن هذه «المسألة أصبحت استعجالية». وحسب ما أفادت به مصادرنا فإن «الأغلبية والمعارضة تمضيان نحو الترافق في صيغة جديدة لهذه المادة، بما يضمن تنفيذ الأحكام القضائية وعدم المساس بسير المرافق العامة». وكان «نادي قضاة المغرب» دعا السلطة التشريعية إلى «إعادة النظر في مقتضيات المادة التاسعة» من قانون المالية لسنة 2020، «لما تشكله من تراجع عن المكتسبات الحقوقية الدستورية، ومس باختيارات المجتمع المغربي، ملكا وشعبا، في بناء مقومات دولة الحق والقانون»، داعيا «الإدارة إلى إعطاء القدوة في تنفيذ المقررات القضائية واحترام مقتضياتها». ففِي بيان له أكد النادي أنه من «منطلق حرصه على الدفاع عن استقلالية السلطة القضائية وتحصين دور القاضي في حماية حقوق وحريات المواطنين، أفرادا أو جماعات، ومن منطلق إيمانه بأهمية مؤسسة تنفيذ الأحكام والمقررات القضائية، ودورها في توطيد (الأمن القضائي) وقيمتي العدل والإنصاف اللتين تشكلان ركيزة من أهم ركائز دولة الحق والقانون»، أكد أن «ما تضمنته مقتضيات المادة التاسعة من مشروع قانون المالية لسنة 2020 من منع لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية عن طريق الحجز، يشكل مسا واضحا بمبدإ فصل السلط واستقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما هو منصوص عليه في الفصلين 1 و107 من الدستور». وقد نصت المادة 9 من مشروع القانون المالي الحالي على أنه : «يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية. في حالة صدور قرار قضائي نهائي اكتسب قوة الشيء المقضي به يدين الدولة بأداء مبلغ معين ، يتعين الامر بالصرف بصرفه داخل أجل 60 يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي السالف ذكره في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية . يتعين على الآمرين بالصرف ادراج الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الاحكام القضائية فيي حدود الإمكانيات المتاحة بميزانيتهم . وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية ، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية ، على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي .في ميزانية السنوات اللاحقة. غير انه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز». وقد اعتبر النادي أن «مقتضيات المادة المذكورة آلية تشريعية لإفراغ الأحكام والمقررات القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية من محتواها وإلزاميتها، وذلك خلافا للفقرة الأولى من الفصل 126 من الدستور، الذي ينص على: «أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع)، دون تمييز بين أطراف الدعاوى المتعلقة بها».