بعدما عجزت الحكومة عن تمرير المادة "8 مكرر" من مشروع قانون المالية "73.16" للسنة المالية 2017، الذي اقترحه فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب وصادقت عليه الغرفة في القراءة الأولى، لكنه رُفض في مجلس المستشارين؛ وهي المادة المتعلقة بتملص الدولة من تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها وضد الجماعات الترابية، تستعد حكومة سعد الدين العُثماني لإعداد مشروع قانون خاص بهذه الغاية. وتبحث الحكومة عن صيغة قانونية لدفع نواب الأغلبية إلى المصادقة عليها؛ وذلك بهدف منح ضمانات للدولة للتملص من تنفيذ الأحكام القضائية، وهو ما سيجر عليها انتقادات واسعة مثل تلك التي شهدتها المادة 8 مكرر التي أجمعت الأطياف السياسية والقانونية وحتى القضائية على خرقها للدستور. ووفقا للمعطيات التي حصلت عليها هسبريس فإن الحكومة قالت إنها ستقدم المادة، المرفوضة شعبيا وبرلمانيا، في شكل مشروع قانون، ستحيله على البرلمان للمصادقة، معلنة أنها ستلتزم بما ينص عليه الدستور في ما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية، وفِي الوقت نفسه ستساهم في الحفاظ وعدم المساس بالمرفق العمومي. ولم تستبعد مصادر برلمانية أن تذهب الحكومة إلى الإقدام على إعداد مشروع قانون لتعديل المسطرة المدنية، والاستعانة بأغلبيتها لتمريره، وذلك عملا بما قدمته الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين، التي أكدت أن "مجال هذه المقتضيات ليس هو القانون المالي، إذ يتعلق الأمر بتنفيذ أحكام قضائية صادرة عن المحاكم المختصة، ومجالها هو قانون المسطرة المدنية". ورغم تأكيد أكثر من مصدر حكومي أن الحكومة التي دفعت أكبر فريق برلماني إلى تعديل قانون المالية، قبل أن تتراجع عنه، ليس هدفها تبخيس الأحكام القضائية، إلا أن ما جاء في المادة السابقة يؤكد رغبتها في عدم تنفيذ أحكام القضاء، وذلك عندما أكدت أنه "لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية للحجز لهذه الغاية". وتبعا لما ستقدمه الحكومة مجددا، فإنه "يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة أو الجماعات الترابية ألا يطالبوا بالأداء إلّا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية أو الجماعات الترابية المعنية"، مضيفة: "في حالة صدور قرار قضائي نهائي اكتسب قوة الشيء المقضي به، يدين الدولة أو الجماعات الترابية بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه 60 يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي السالف ذكره في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية". ويتعين حسب التعديلات التي ستقدمها الحكومة على الآمرين بالصرف إدراج الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الأحكام القضائية في حدود الإمكانات المتاحة بميزانياتهم، وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة.