يبدو أن الحكومة، ومعها أغلبيتها بمجلس المستشارين، استشعرت خطورة موافقتها على "المادة 8" من مشروع قانون المالية، والتي جاء بها فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، بمباركة الحكومة نفسها، إذ قررت الأغلبية البرلمانية بالغرفة الثانية تقديم تعديل بحذف المادة المثيرة للجدل. وفي وقت هدد الفريق الاشتراكي بعدم تقديم تعديلات مشتركة مع الأغلبية إذا ما تمسكت بالتعديل الذي جاء في القراءة الأولى من طرف مجلس النواب، جاءت التعديلات المشتركة للفرق البرلمانية بمجلس المستشارين لتطالب الحكومة بحذف المادة رقم 8 مكررة. وضمن المبررات التي قدمتها التعديلات، التي اطلعت عليها هسبريس، أن "مجال هذه المقتضيات ليس هو القانون المالي، إذ يتعلق الأمر بتنفيذ أحكام قضائية صادرة عن المحاكم المختصة"، مشددة على أن "مجالها هو قانون المسطرة المدنية". وبعدما وافقت الحكومة على المقتضى الذي يؤكد أنه "لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية للحجز لهذه الغاية"، أكدت فرق المعارضة أنها ستتجه إلى المحكمة الدستورية للطعن في هذه المادة، لكونها تخالف المقتضيات الدستورية وتتجاوز اختصاصات قانون المالية. ونصت المادة 8 مكررة، التي اقترحها "فريق المصباح"، ووافقت عليها الحكومة، على أنه "يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة أو الجماعات الترابية ألا يطالبوا بالأداء إلّا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية أو الجماعات الترابية المعنية"، مضيفة: "في حالة صدور قرار قضائي نهائي اكتسب قوة الشيء المقضي به، يدين الدولة أو الجماعات الترابية بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه 60 يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي السالف ذكره في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية". وتبعا للمادة المذكورة، يتعين على الآمرين بالصرف إدراج الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الأحكام القضائية في حدود الإمكانات المتاحة بميزانياتهم، وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية؛ على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة. جدير بالذكر أن إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس فريق العدالة والتنمية، أكد أن المادة التي أثارت الجدل "حققت التوازن المطلوب بين مبدأين دستوريين وقانونيين وبين تحقيق المصلحة الخاصة والعامة"، مضيفا أن ذلك جاء "من خلال تحقيق الاحترام الواجب للأحكام القضائية النهائية وإلزامية تنفيذها لفائدة الأفراد والخواص، والحفاظ على استمرارية المرفق العام بأداء مستحقات الموظفين والأعوان والشركات المتعاقدة مع الدولة والجماعات الترابية، وتحقيق المصلحة العامة بتوفير الخدمات العامة الضرورية للمواطنين".