في إطار تتبع التطورات المتسارعة لمحاولة إعدام الفضاء الأخضر لحدائق المندوبية بطنجة، والذي أصبح ينذر بنشوب “صراعات” شرسة بين بعض الهيئات المدافعة عن هذا الفضاء، ودخول محمد مهيدية والي جهة طنجةتطوانالحسيمة والبشير العبدلاوي عمدة طنجة عن حزب العدالة والتنمية الذي يدير مجلس المدينة على خط احتواء القضية فيما يشبه “الحرب الباردة” بين الرجلين المسؤولين، عقدت أول أمس الجمعة لقاءات مكثفة بكل من مقر الولاية ومجلس المدينة لاحتواء الوضع المحتقن، خصوصا بعد بروز تيار ثالث مدافع عن حدائق المندوبية مشكل من شباب المدينة، الذي اطلق نداء “أنقدوا حدائق المندوبية” ، ودعا للاحتجاج بموقع الحدائق ضدا على محاولة الاجهاز عليه بإقامة مشروع مرآب تحت أرضي للسيارات وتفويت تدبيره لاحدى الشركات المحلية. الوالي يلتقي الفعاليات المدنية والسياسية والشبابية استقبل والي جهة طنجةتطوانالحسيمة بمقر الولاية بطنجة، أول أمس الجمعة، تمثيلية عن الفعاليات المدنية والسياسية والشبابية المدافعة عن حدائق المندوبية لتدارس آخر تطورات الملف. وكان اللقاء – حسب المشاركين فيه – مناسبة لبسط موقف الفعاليات المحلية من ملف حدائق المندوبية التي تشكل متنفسا حقيقيا لساكنة المدينة، وفضاء تاريخيا وبيئيا ذي وظائف هامة، مبرزة ضرورة تثمينه والمحافظة عليه بشكل يؤهله للعب هاته الأدوار بشكل أمثل. من جانبه، عبر الوالي عن حرصه على التفاعل البناء مع مطالب فعاليات المدينة، واختياره لنهج الحوار وأسلوب الإقناع وانفتاحه على جميع المبادرات الهادفة لصيانة الموروث التاريخي للمدينة وفضاءاتها الخضراء. وتجاوبا منه مع مطالب الساكنة بهذا الخصوص، أكد والي الجهة في ذات اللقاء، على حرصه بضمان الامتناع عن أي أشغال بالموقع المذكور إلى غاية الوصول الى تصورات متكاملة وبديلة تضمن بشكل كامل الطبيعة البيئية والأثرية لحدائق المندوبية. وخلص اللقاء، إلى كون اعادة تأهيل المنطقة لا يمكن أن ينجح إلا بالانخراط القوي للساكنة وللمجتمع المدني، كما تم تسجيل استعداده تلقي اقتراحات وتوصيات المجتمع المدني التي تهم المنطقة ودراستها، مع تشكيل لجنة مختلطة لتتبع الملف والوقوف عليه. الوفد المدني المشارك في الاجتماع، أشاد وثمن حرص الوالي على التواصل مع هيئات المجتمع المدني، والتفاعل مع اقتراحاتهم وآرائهم، ليختتم اللقاء بالاتفاق على مواصلة الحوار في جو موسوم بالرغبة المشتركة في بحث وايجاد حلول مقبولة وعملية تحفظ للفضاء خصوصيته، وتسهم في المسار التنموي الشامل للمدينة. العمدة يستقبل التكتل الجمعوي بطنجة الكبرى في الوقت الذي كان فيه والي جهة طنجةتطوانالحسيمة، يستقبل تمثيلية عن الفعاليات المدنية والسياسية والشبابية المدافعة عن حدائق المندوبية أول أمس الجمعة، كان عمدة المدينة يستقبل في ذات اليوم، وحول نفس الموضوع بمقر الجماعة، التكتل الجمعوي بطنجة الكبرى. بدوره تباحث وفد التكتل مع عمدة طنجة ملف حدائق المندوبية، والذي أصبح موضوع رأي عام محلي ووطني بسبب أهميته التاريخية والبيئية والثقافية. واستهل اللقاء، ببسط رئيس مجلس المدينة “العمدة” كل حيثيات بناء مرآب وسوق القرب بحدائق المندوبية، مثمنا مواقف واعمال التكتل الجمعوي واخرها العريضة التي قدمها التكتل بدورة ماي لمجلس جماعة طنجة. واعترف علال القندوسي المنسق العام للتكتل الجمعوي في كلمته خلال اللقاء، بوجود اختلافات كبيرة بين مجلس المدينة والتكتل في العديد من القضايا التي تعرفها مدينة طنجة، مؤكدا على الموقف المبدئي للتكتل من قضية حدائق المندوبية التي يعتبرها خطا أحمرا غير قابل للنقاش أو التفاوض. وطرح التكتل الجمعوي في ذات اللقاء، مبادرة من أجل تهيئة شاملة ومندمجة لفضاء منطقة سوق دبرا، تعمل على تحقيق تنمية المنطقة مع الحفاظ على الموروث الطبيعي والثقافي الذي يتشكل في جزء منه في فضاء حدائق المندوبية. ليختتم اللقاء بالاتفاق على العمل المشترك من أجل إيجاد حل شامل ومستدام لهذا الملف وملفات اخرى عالقة، والعمل على التنسيق مع باقي الجهات المتدخلة قصد تهيئة منطقة سوق دبرا ومحيط مسرح سرفانطيس، بما يليق بتاريخ مدينة طنجة وفق معايير التنمية المستدامة، حسب التكتل الجمعوي بطنجة الكبرى. الكل يعارض إعدام الحدائق التاريخية وكانت عمليات حفر وتسييج الحدائق التاريخية في طنجة، تمهيدا لانطلاق ورش أشغال بناء مرآب تحت أرضي للسيارات، استنفارا كبيرا وسط الفعاليات المدنية والهيئات الجمعوية، التي تعنى بالدفاع عن المعالم التاريخية والمآثر التراثية وحماية البيئة، كما عمت حالة من الغليان في أوساط أبناء مدينة البوغاز، الذين انبروا عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي يحشدون ويعبئون لأشكال احتجاجية أملا في إنقاذ الموقف قبل فوات الأوان. ووصل الاحتقان ذروته، لاسيما من خلال محاولة استئناف تسييج الموقع، ومن خلال ما تمخض عن دورة المجلس الجماعي “السرية” الاخيرة، والتي تم فيها الإصرار على مواصلة المشروع، بل وإماطة اللثام عن خطط لإقامة سوق ومرافق تجارية أخرى بجانب المرآب، في الوقت الذي كان المأمول التثمين الواضح والمستدام للموقع الاركيولوجي، خاصة في ظل الخروقات القانونية والإدارية التي يعرفها المشروع، وعلى رأسها خرق مقتضيات تصميم التهيئة الحالي، والذي يحدد طبيعة المنطقة المذكورة باعتبارها منطقة خضراء وأثرية محرم البناء فوقها، خرق القانون وتبخيسه من خلال تسييج المكان وبدئ الأشغال بدون رخصة، خرق كل الشرائع والقيم الأخلاقية والانسانية عبر استباحة حرمة قبور الموتى، بل والعبث بعظامهم ورفاثهم، والاستخفاف بحق الملكية والارتماء على أرض الغير، ومحاولة التمادي في صفقة مكلفة قد تشكل عبئا ماليا باهضا يسدد من مالية الجماعة المنهوكة أصلا. وتعارض ساكنة المدينة ومعها أكثر من 25 هيأة مدنية وسياسية وحقوقية وسبابية، مخطط اعدام فضاء الحدائق التاريخي لفسح المجال لتشييد مرآب للسيارات على انقاضها، وهو الموقع الذي يضم أشجارا معمرة نادرة، وتماثيل ومنحوتات وقبور مسؤولين إسبان وإنجليز تعاقبوا على حكم طنجة، خلال فترة الإدارة الدولية عليها، من بينهم الدكتور "سينارو cenarro"، الذي توفي سنة 1889، ولويس فورد الذي توفي سنة 1870.