في إطار تتبع التطورات الخطيرة لملف محاولة إعدام الفضاء الأخضر لحدائق المندوبية، عقدت 25 هيأة سياسية ونقابية وحقوقية وجمعوية وشبابية، يوم الجمعة الماضية، اجتماعا موسعا وصف بالهام والعاجل، بمقر مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، للوقوف على المستجدات المتلاحقة التي يعرفها هذا الملف. وفي هذا الصدد، استحضر المجتمعون أهمية الموقع المذكور، باعتباره فضاء للذاكرة الجماعية والمشاركة للمغاربة عامة وساكنة طنجة خاصة، ومتنفسا أساسيا في قلب المدينة، حيث لقي تأهيله في السابق استحسان عموم المواطنات والموطنين، اعتبارا لسده خصاصا فادحا في المناطق الخضراء في هذه المنطقة. كما وقف الحاضرون، على تطورات الأحداث، لاسيما من خلال محاولة استئناف تسييج الموقع، ومن خلال ما تمخض عن دورة المجلس الجماعي، والتي تم فيها الإصرار على مواصلة المشروع، بل وإماطة اللثام عن خطط لإقامة سوق ومرافق تجارية أخرى بجانب المرآب، في الوقت الذي كان المأمول التثمين الواضح والمستدام للموقع المذكور، خاصة في ظل الخروقات القانونية والإدارية التي يعرفها المشروع، وعلى رأسها خرق مقتضيات تصميم التهيئة الحالي، والذي يحدد طبيعة المنطقة المذكورة باعتبارها منطقة خضراء وأثرية محرم البناء فوقها، خرق القانون وتبخيسه من خلال تسييج المكان وبدئ الأشغال بدون رخصة، خرق كل الشرائع والقيم الأخلاقية والانسانية عبر استباحة حرمة قبور الموتى، بل والعبث بعظامهم ورفاثهم، والاستخفاف بحق الملكية والارتماء على أرض الغير، ومحاولة التمادي في صفقة مكلفة قد تشكل عبئا ماليا باهضا يسدد من مالية الجماعة المنهوكة أصلا. وشدد المجتمعون، على أن حجم هذه الخروقات التي تريد بِنَا العودة إلى سنوات السيبة العمرانية والتي تجهل وتتجاهل التزامات المغرب والتوجه العام للسياسات العمومية للبلاد في مجال البيئة وتثمين المآثر، تؤكد أن السلطات الولائية والجماعية تمعن في نهج سياسة فرض الأمر الواقع، ومعاكسة ما عبر عنه أبناء المدينة بخصوص حدائق المندوبية. وفي هذا الاطار، وبعد نقاش مستفيض ومسؤول وشفاف، أصدرت الهيآت المحتمعة بلاغا وصف بالتاريخي والقوي والناري، حملوا فيه المسؤولية لوالي جهة طنجةتطوانالحسيمة، بخصوص عدم وضع حد للخروقات القانونية السالفة الذكر، والتعبير عن استنكار الهيئات لصمت الولاية عن مخطط طمس معالم الجرائم المرتكبة في هذا الملف بشكل مكشوف. كما دعا البلاغ، عمدة المدينة البشير العبدلاوي عن حزب العدالة والتنمية الذي يدير مجلس المدينة، إلى تحمل مسؤوليته التاريخية الكاملة، والإنصات إلى صوت الساكنة التي يمثلها، والعودة إلى التزامه البيئي الأصيل، وإلى عدم التورط في هذا الملف المشبوه. ودعا البلاغ ذاته، كل من المجلس العلمي لطنجة، ومندوبية الأوقاف والشؤون الاسلامية ومديرية الثقافة ومفتشية المباني التاريخية والوكالة الحضرية بطنجة، إلى تحمل مسؤولياتهم في هذا الملف، والخروج عن صمتهم اتجاهه، واستحضار واجبهم الاداري والوطني في حماية البيئة وحفظ الذاكرة والمآثر التاريخية. واعتبر البلاغ، الشركة الفائزة بصفقة تدبير المرائب، شركة غير مواطنة، مضرة للبيئة ومدمرة للمآثر ومستخفة بقبور المسلمين وغير المسلمين، مع الدعوة إلى شن حملة شاملة لفضحها ومقاطعتها. وعليه – يضيف البلاغ – فإن الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية والشبابية المدافعة عن حدائق المندوبية الملتئمة اليوم، إذ تؤكد على مواصلة التنسيق والعمل المشترك فيما بينها، من خلال ميثاق حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، تعلن عن تشكيل لجان عمل قانونية وعلمية للاشتغال بالموازاة مع لجنة البيان العام ولجنة برنامج العمل. ودعا البيان، إلى تسطير برنامج نضالي مستمر وتصاعدي، عبر تنظيم وقفات احتجاجية بحدائق المندوبية، وحمالات تواصلية وطنية ودولية ودعوات قضائية، وصولا إلى مسيرة احتجاجية واعتصامات اذا لزم الأمر ذلك. إلى ذلك، وكرد فعل عملي وعاجل حول ما يحاك ضد حدائق المندوبية من مؤامرات تدميرية، تدأعلنت الهيئات المجتمعة في ذات البلاغ، عن تنفيذ وقفة احتجاجية ثانية اليوم الاحد بداية من الساعة 5 مساء بفضاء حدائق المندوبية، وتدعو عموم الساكنة من مسؤولين ومثقفين ومناضلين إلى التعبئة العامة و المشاركة المكثفة، وذلك من أجل حماية شاملة ودائمة للموقع المذكور، حسب البلاغ دائما.