استمع قاضي التحقيق باستئنافية القنيطرة، صباح أول أمس السبت، في إطار الاستنطاق التفصيلي إلى مفتش الشرطة مقترف مجزرة قتل زوجته وأصهاره بحي " لافيلوت" باستعمال السلاح الوظيفي، وقد أمر قاضي التحقيق بإيداع الشرطي القاتل رهن تدابير الاعتقال الاحتياطي بالمركب السجني للمدينة إلى حين تحديد تاريخ للجلسة المباشرة أمام المحكمة. وقد أحيل الجاني على النيابة العامة تحت حراسة أمنية مشددة، كما عمل رجال الشرطة على تصفيد المتهم الذي بدا شاحبا ،حسب مصادر عليمة للجريدة، ومطأطئ الرأس إلى أن تم إدخاله إلى غرفة قاضي التحقيق المكلف بالملف. وأضافت نفس المصادر أن المديرية العامة للأمن الوطني باستشارة مع النيابة العامة، أصدرت تعليمات إلى الشرطة القضائية التابعة لأمن القنيطرة، بعدم تمديد الحراسة النظرية، أو إعادة تمثيل أطوار الجريمة التي هزت سكان المدينة وكذا الرأي العام بجميع ربوع المملكة، خصوصا بعد مواكبة إعلامية متجددة على مدار الساعة. وقد اعترف مفتش الشرطة السابق بجميع أطوار جريمته البشعة، كما وقع محضرا قانونيا لدى الشرطة يشهد من خلاله بتسليم طفليه ( 6أشهر وسنتين) لأحد أفراد عائلته (ابن خاله) بالدارالبيضاء من أجل رعايتهما بحكم السن المتقدمة لوالدته الأرملة، وكذا وثائق بممتلكاته من أجل تحويلها في اسم الولدين . وقد اعترف الشرطي ، ليلة الجمعة الماضية،بجميع تفاصيل جريمته أمام المحققين بكل تلقائية، وكانت إجابته مرتبكة وسريعة، وكأنه يريد الخلاص من كل ما بجعبته، كان يردد أنه ثأر لرجولته التي مرغها صهره "العسكري" السابق في التراب، بعد أن صفعه وسبه باستعمال ألفاظ نابية على مرأى ومسمع من جيرانه وأمه، كما أنه لم يرذع ابنته من معاملة أم زوجها بطريقة غير لائقة ولا تمت لديننا للأخلاق بصلة. كان الشرطي يركز بين الفينة والأخرى، على مصير أبنائه المجهول وهما ما زالا في ريعان الطفولة ، ثم بدأ في سرد تفاصيل حياة ملأها السواد قبل سنوات واليوم انتهت تفاصيلها بطريقة مأساوية لم تخطر له يوما ولو في الأحلام.حيث بدأت تفاصيل القضية منذ اليوم الذي وطئت فيه قدما والدة الشرطي الشقة، قادمة من مدينة سيدي سليمان من أجل التطبيب ورؤية الولدين اللذين اشتاقت إليهما .لكن الزوجة التي تعمل في سلك الشرطة أيضا، رفضت أن يرافقها الابن إلى الطبيب. وفي المقابل أصر الشرطي على مرافقة الأم إلى العيادة، الأمر الذي اعتبرته الزوجة تحد، نشب على إثره خلاف حاد بين الطرفين ، ففتح الزوج باب المنزل وطرد زوجته خارجه.اعتبرت الزوجة أنها أهينت وأسرت بأن لا تغفر لزوجها فعلته بطردها من منزلها الذي تملك نصف حصته معه، وفي لحظة غضب اتصلت بوالديها اللذين حضرا على الفور كعادتهما، بعد أن أصبحا يترددان على منزل ابنتهما كلما نشب شجار بين الزوجين اللذين جمعهما العمل في سلك الشرطة ثم ضمهما منزل الزوجية، فالزوج ينحدر من مدينة سيدي يحى الغرب مفتش شرطة ممتاز كان يعمل بإحدى الدوائر الأمنية بالمدينة 13 سنة من الخدمة، و4 سنوات للزوجة مقدم شرطة المنحدرة من مدينة القنيطرة، كانت تعمل بالمصلحة الاجتماعية، ومشهود لهما بحسن السيرة والتفاني في العمل حسب الملف المهني للطرفين. لكن الجيران أفادوا في شهاداتهم أن المنزل كان يغلي من الداخل لكثرة شجارهما وتدخل عائلة الزوجة في كل مرة وحين. لكن هذه المرة كانت مغايرة حيث تمادى الأب " العسكري" في أفعاله وصفع الصهر على وجهه كما وجه له ركلة برجله، وأخذ يسبه بألفاظ نابية (أنت ماشي راجل..) ، ولم يفكر في إصلاح ذات البين بين الطرفين خصوصا أن طفلين يجمعانهما. كما عنفت حماته والدته بنعتها بألفاظ نابية كانت سبب الخلاف بين الزوجين، الأمر الذي لم يستسغه الشرطي وخلص والدته من براثن العائلة التي حملتها مشاكل زواج كان متهالك منذ البداية، اتجه الشرطي صوب حارس العمارة وطلب منه إرجاع والدته إلى الشقة ،حيث يوجد الولدان بمفردهما، ثم عاد إلى مرآب العمارة لتبدأ أطوار الجريمة، مد الشرطي يده إلى غمد سلاحه الوظيفي وأخرج المسدس وقرر التخلص من الجميع في لحظة غضب. شاهدت الزوجة رد الفعل وحاولت الفرار باتجاه المصعد ،لكن الطلقات النارية كانت أسرع منها، لترديها قتيلة. ثم وجه طلقة أخرى في اتجاه صهره الذي أصابته على مستوى الفخذ لسقط أرضا، ثم صوب فوهة السلاح في اتجاه حماته وأرداها قتيلة بعد أن أصيبت في كتفها. نهض الصهر الجريح من مكانه في محاولة للفرار، لكن الشرطي كان له بالمرصاد وأنهى تفاصيل مرحلة من حياته بقتل 3 أفراد من عائلته في وقت وجيز وبدم بارد. صعد الشرطي الدرج بسرعة قبل أن تصل عناصر الشرطة التي أشعرها أحد الجيران، أنه سمع ذوي إطلاق رصاص حي في " عمارة اليمامة" بحي " لافيلوت"، كان يردد على مسامع الجميع أنه أنهى القصة ( القصة سالات...)، دخل الشقة وأوصد الباب جيدا من الداخل بعد أن أخرج والدته، ثم حضن أبناءه محتجزا إياهما في الشقة. انتقلت عناصر الشرطة إلى مسرح الجريمة وتم تطويق المكان، كانت الأم تبكي بحرقة لهول ما اقترفته يدا فلذة كبدها. أسرعت سيارات الإسعاف في نقل الضحايا الذين قضوا نحبهم في الجريمة ، تقاطر على الحي عدد هائل من المواطنين الذين حضروا لمواكبة أطوار الجريمة الأولى والسابقة من نوعها بمدينة القنيطرة.و تم تطويق المكان وقد حضر والي الأمن بنفسه من أجل دعم باقي العناصر الأمنية، والدخول في حوار مع الشرطي القاتل من أجل تسليم نفسه دون أن يعرض حياته وحياة طفليه إلى الخطر. بعد أن رفض الشرطي الحوار مع زملائه الأمنيين استعانوا بوالدته من أجل إقناعه بضرورة تسليم نفسه، لكنه لم يستجب للأم المكلومة ولا لبكائها الحارق وطلب منها استدعاء خاله وأبناءه القاطنين بمدينة الدارالبيضاء، استجابت عناصر الشرطة للطلب علها تجد الخلاص فيه وحل المشكلة دون أضرار بشرية أخرى ، وبعد ساعات حضر الخال وأحد أبنائه، ثم اعتلى الدرج وطرق الباب فأجابه الشرطي الذي طلب من ابن خاله التعهد بتربية أبنائه وإبعادهم عن جميع الأجواء والمشاحنات، ثم طلب الصفح من خاله، موضحا أنه كان يعيش الجحيم طيلة سنوات، ملتمسا منه العذر. حيث وعده بالعناية بأطفاله، وبعد 3 ساعات من الحوار، فتح الشرطي الباب وسلم الطفلين لابن خاله، ثم عانق الخال عناقا حارا وخارت قواه ورباطة جأشه التي حاول أن يبقي عليها طيلة أطوار الجريمة. بعد ذلك خرج الشرطي من العمارة وسلم نفسه طواعية لزملائه من رجال الشرطة كما سلم السلاح الوظيفي أداة الجريمة الذي تحتفظ به عناصر مسرح الجريمة من أجل إخضاعه للبحث. كانت الأم تبكي بحرقة وعانقت ابنها أمام الجميع قبل أن يلج سيارة الشرطة في حالة اعتقال، فحاول طمأنتها وأخبرها أنه لن يقبل لها الإهانة مدام حيا خصوصا أنها ضحت بأيام حياتها في تربيته وتدريسه ومساعدته على ولوج سلك الشرطة عقب وفاة والده.