لم يدر في خلد عبد العزيز المراكشي زعيم المرتزقة الانفصاليين أن عام 2014، سيكون على نقيض ما خطط له بشأن ما أسماه ب " حشد الاعتراف الدولي" بالجمهورية الوهمية، وأن رهانه على ورقة حقوق الإنسان وتصوير الأوضاع في الأقاليم الجنوبية على غير ما هي عليه في واقع الحال، بعد إطلاع عدد من الوفود الأجنبية التي زارت العيون على حقيقة الوضع، وخلصت إلى زيف الدعاوى الانفصالية المدعومة من قبل النظام الجزائري. فبعد سحب جمهورية الباراغواي لاعترافها بالجمهورية المزعومة أعلنت جمهورية موريس الإفريقية سحب اعترافها كذلك مما يشكل صفعة حقيقية لأحلام المراكشي وزمرته وضربة قوية للمخططات النظام الجزائري الذي طالما حرص على توظيف ورقة حقوق الإنسان لتحقيق اختراق سياسي ودبلوماسي على المستوى الدولي والقاري ضد المغرب. ويشكل هذا السحب الجديد مؤشرا آخر على فشل المخططات الجزائرية في الحفاظ على ما تبقى من دول ما زالت لم تكشف حقيقة السياسات التوسعية الجزائرية وحقيقة البوليساريو كمنظمة لا علاقة لها بمبادئ التحرر الوطني، وارتباطها الوثيق بتيار الإرهاب الدولي، الذي أكدته التقارير المتتالية الصادرة عن مؤسسات ومراكز دولية وأروبية أك وجود علاقة قوية بين الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء والبوليساريو وبين هذه الأخيرة وشبكات التهريب والجريمة المنظمة، مما يجعلها بؤرة حقيقية لزعزعة الاستقرار والأمن بالمنطقة وتهديدا حقيقيا للدول المجاورة. إن سحب جمهورية " موريس " الإفريقية اعترافها بالجمهورية الوهمية والذي أتى بعد أسبوعبين فقط من أن اتخذت الباراكواي خطوة مماثلة اعتبرت فيها البوليساريو مجرد تنظيم مسلح لا علاقة له بحركات التحرر الوطني المتعارف عليها دوليا، كان بفضل المقاربة الدبلوماسية الجديدة والفعالة التي أصبح ينهجها المغرب تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية في هذا الشأن، في إطار قاعدة "أن الهجوم خير وسيلة للدفاع". مقاربة جديد فرضتها المتغيرات التي عرفتها المنطقة والعالم والتي تطلبت إجراء تغيير نوعي وعميق في الأولويات والآليات، من أجل تعزية الحضور المغربي في المحافل الدولية والتواصل المستمر مع جميع الدول، وتغيير الصورة المغلوطة التي أشاعتها آلة الدعاية الجزائرية والانفصالية المغرضة على مدى العقود الثلاثة الماضية، بشأن طبيعة النزاع المفتعل حول الصحراء، والأسباب الحقيقية التي كانت وراء ظهوره على الساحة منذ عام 1976. ولا شك أن هذين المستجدين على مستوى سحب مزيد من الدول لاعترافها بالجمهوية الوهمية في غضون السنتين الأخيرتين وبوتيرة قياسية، يعكسان مدى نجاح المقاربة الدبلوماسية التي نهجها المغرب في التعريف بمقترحه الخاص بالحكم الذاتي بالصحراء والذي حظي كما هو معلوم بترحيب ودعم دولي كبير، وظهرت مؤشراته بوضوح في النص عليه داخل قرارات مجلس الأمن وتقارير الأمين العام للأمم المتحدة، كمقترح جدي وذي مصداقية. وهو ما يعتبر نتيجة طيعة ومنطقية لتنامي قناعة المجتمع الدولي بواقعية وجدية ومصداقية هذا المقترح، في مقارنة مع الأطروحة الانفصالية التي لم تعد قادرة على إقناع أي طرف دولي بجدواها في إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء، وخطرها في واقع الأمر على مستقبل الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، وهو ما جعل مجموعة من الدول تأخذ مسافة بعيدة بينها وبين الكيان المزعوم مفضلة الاحتكام إلى الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي. لذلك نعتقد أن المكتسبات التي حققتها دبلوماسيتنا المغربية في هذا المجال، يجب أن تشكل دافعا قويا وحافزا مستمرا لمواصلة التعبئة بكل تجلياتها ومقوماتها وآلياتها ووسائلها البشرية والمادية والدبلوماسية والسياسية، واستثمار كل نجاح دبلوماسي في هذه القضية، في السير نحو الأمام لسحب البساط نهائيا من أرجل النفصاليين ومن يدعمهم من حكام الجزائر، وتعزيز الموقف المغرب أمام المحافل الدولية والأممية.