أوضح الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الأوروبي، ورئيس فيدرالية مسلمي فرنسا، محمد بشاري، أن التصويت الشعبي السويسري يعد ذروة التوجه اليميني لأوروبا عموما، وخاصة أنه هناك 22 دولة من أصل 27 في الاتحاد الأوروبي تحكمها الأحزاب اليمينية مع التأكيد أنه لافرق بين يمين معتدل أومتطرف، لأنهم يتفقون على مبدأ واحد وهو إرجاع أوروبا إلى الجذور المسيحية اليهودية، وبالتالي نبذ أي مظاهر إسلامية، على حد قوله. وأضاف بشاري أن البعض اعتبر أنه لاداعي للجدل الذي أُثير مؤخراً حول منع بناء المآذن أو الحجاب بحجة أنه شأن داخلي وتم بعد استفتاء شعبي ديمقراطي اختارته شعوب الدول التي تم التصويت فيها. ويقول "دليل أبوبكر" عميد مسجد باريس ل"العربية.نت": إن خوف الأوروبيين من الإسلام والمسلمين يدفعهم إلى مثل هذه الاستفتاءات بكل مضامينها، بالرغم من معارضة الكثير من أصحاب القرار لنتائجه. لكن بشاري في تصريحه ل"العربية نت" له وجهة نظر أخرى في أن الاستفتاء كان هدفه دغدغة شعور هذه الشعوب من قبل اليمين للحصول على مكاسب انتخابية، خاصة في فرنسا لأن الانتخابات على الأبواب في مارس 2010، معرباً عن استغرابه في كيفية اعتبار الاستفتاء أو الحظر شأنا داخليا، مذكراً بمشاركة الجنود الجزائريين منذ عام 1830 في حروب فرنسا في مستعمراتها. وأضاف أن بناء أول مسجد في فرنسا كان عام 1926 اعترافاً بالتضحيات التي قدموها أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث عُرفوا بال "الفرنسيون المسلمون"، كما أشار إلى بطولات الجنود المغاربة في الحرب العالمية ضمن الجيوش الفرنسية، باعتراف الفرنسيين أنفسهم. ويقول بشاري في حديثه ل "العربية نت": تمت تسميتهم بالجنود الفرنسيين آنذاك، هل كانوا فرنسيين عندها والآن صاروا غير فرنسيين، يريدون إسلاما خاصا بهم وحسب رؤيتهم، ويستغلون المسلمين حسب آهوائهم. وأكد بأن هدف هذه الاستفتاءات هو التوجه العام لضرب مظاهر الوجود الإسلامي، كما يبدي مخاوفه من فتح الأبواب لتداعيات هذا التوجه أو تطورها لتشمل حظر بناء المساجد على سبيل المثال حيث تعلو الآن بعض الأصوات المطالبة بذلك في هولندا وبلجيكا وبعض الدول الأوروبية. غياب التنسيق وفيما إذا كان هناك رد للمؤتمر الإسلامي على ماسماها "التجاوزات" يقول بشاري: "تم عقد لقاء أوروبي للقيادات الإسلامية في منتصف شهر ديسمبر الحالي بالعاصمة البلجيكية بروكسل وخرجنا بتوصيات تقر بمشاورات مباشرة مع خوزيه باروزو رئيس المفوضية الأوروبية وتم الاتفاق على اجتماع في آخر شهر يناير 2010 لمناقشة هذه التوصيات". ويعقب قائلاً: "ستكون هذه التوصيات بمثابة نواة لتنظيم مؤتمر كبير سيعقد في مقرالبرلمان الأوروبي ويضم الأحزاب اليمينة واليسارية والنقابات ونوادي الفكر تحت مسمى مؤتمر التفاهم الأوروبي الإسلامي في شهر مايو 2010". و يبدي "دليل أبوبكر" عميد مسجد باريس أسفه لعدم وجود تنسيق بين المنظمات والقيادات الإسلامية في أوروبا، ممايضعفها ويكبل من مشاريعها في إيجاد ورقة عمل موحدة للقيام بحملات توعية تعريفية عن الدين الإسلام. استغلال صورة المرأة وينفي بشاري الادعاء القائل بأن بعض المسلمين يسعون إلى "أسلمة أوروبا" مما أثار قلق الأوربيين الأمر الذي دعاهم إلى التصويت ضد أية مظاهر أو رموز دينية ويقول ل "العربية نت": لقد قمنا بتحليل نتائج استفتاء منع المآذن وقد كان معظم الذين استجابوا من سكان القرى التي لايوجد فيها مسلمون ولم يعاشروهم". "واسُتغلت المرأة بشكل بشع في حيثيات التصويت، حيث أظهر السياسيون بأن التصويت سيساهم في تحرير المرأة في الدول الإسلامية، مما حمل المواطن السويسري هذا العبء، مع عدم وجود الترابط في ذلك" يضيف مشيراً إلى انقياد الأوروبيين الأعمى للإعلام. ويطالب بشاري بتفهم القلق الأوروبي قائلاً إن منظر المرأة المنقبة مستفز للأوروبيين لأنه يعيد إلى الأذهان صورة أفغانستان ومظاهر العنف في إيران ويربطونه بالقاعدة". حوار الثقافات ويؤكد بشاري حاجة المسلمين لمخاطبة الأوروبيين انطلاقاً من ثقافتهم، كما يدعو إلى ضرورة الاندماج في المجتمعات الأوروبية ضمن ضوابط شرعية إسلامية، ويرفض في تصريحه ل"العربية نت" الاتهام بأن مرتديات الحجاب من المهاجرات ويقول: "هن من الجيل الثاني والثالث أي أنهن أروبيات 100%، ويوجد 387 منقبة فقط في كل فرنسا، ممايؤكد أن المستهدف هو الإسلام". كما يعرب بشاري عن أسفه لممارسات بعض الدول الإسلامية والتي تختلف في وجهات النظر، وذلك عند توظيف جالياتها في أوروبا لنقل هذه الخلافات وتصفية الحسابات، مما يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام، بالإضافة إلى صراع بعض الحركات الإسلامية مع دولهم ونقل حلبة الصراع إلى داخل أوروبا، الأمر الذي سيبث الرعب في نفوس الأوروبيين والذي سيكون حافزأ لليمين في مشاريع استصدار الكثير من القرارات الضارة بالوجود الإسلامي في أوروبا.