لا أريد هنا أن أنتقد أحدا بعينه بل سلوكات لمديرين ومديرات اعتبروا أن الإدارة التربوية مجالا لتحقيق بعض مآربهم النزوية بنرجيسية مفضوحة، معتبرين كونهم رؤساء مؤسسات أصبح لهم الحق في إهانة مرؤوسيهم وإصدار الأوامر لهم ومطالبتهم بالتنفيذ الفوري وبدون نقاش، وكأن أحدهم قائد ثكنة عسكرية لا يجب التفريط في أمر دون تنفيذه. منتظرا رد”Avos ordres capitaine” ناسين أو متناسين أن الإدارة التربوية تنبني من عدة عناصر تربط بينهم علاقة وظيفية متناغمة أساسها الانسجام والتكامل والتعاون والوحدة المهنية التي تتجلى في التربية والتعليم، من أجل تكوين المواطن الصالح وبناء مجتمع و المحافظة عليه وتكريس قيمه ومبادئه. حتى المذكرات النيابية لا يطبقون منها إلا التي تعطيهم مزيدا من السلطة للانتقام من أساتذة كرسوا حياتهم لخدمة أبناء هذا الوطن، ليتعرضوا للإهانة والتهميش وتصيد الفرص للتنكيل بهم، لأنهم (الأساتذة ) كباقي عباد الله يفضلون نقاش الأمور والأخد بالرأي الصائب من أجل مصلحة المؤسسة والتلميذ خاصة، لأن الأستاذ بمثابة وتد الرحى، ومركز اشعاع ..أدرى بمصلحة التلميذ..وأقرب إليه من أي أحد آخر !! وعندما يفرض عليه المدير، ما لم يقتنع به وما لم يكن في مصلحة التلميذ، يعتبره شخصا متمردا يجب القصاص منه، فيسارع لتغيير المستوى الذي يدرسه ولو منذ20 سنة لوضعه أمام أمر واقع مختلف يحتاج إلى مزيد من الجهد للتأقلم معه، بعد أن أصبح الأستاذ خبيرا ومتخصصا في هذا المستوى وبعد أن حقق نتائج أكثر من مهمة يشهد له بها الجميع، ويدعي المدير بأنه غير كفء ..ليضيف له الإهانة تلو الأخرى .. وهذا ينطبق على النساء المديرات أكثر من الرجال المديرين وخاصة إذا كانت المديرة مطلقة أوأرملة، فتحقد على الرجال !!! وهنا أقف عند ثلاثة نماذج من هؤلاء، لمديرتين ومدير واحد : النموذج الأول: مديرة تقف على قدم واحدة في استنفار مستمر تحاسب الكل على كل صغيرة وكبيرة، وترسل لكل واحد علق بنسيج العنكبوت استفسارا، مثل:”لقد تأخرت خمس دقائق...لقد أطلت المكوث في المرحاض... وغير هذا وذاك “. فقاطعها الأساتذة جميعهم، وفي يوم ما انفجرت باكية أمامهم بائحة بسرها ومعاناتها:”أنتم لكم أسر وأولاد ..تنهون عملكم وترتمون في أحضان أسركم ..أما أنا فأعيش وحيدة ..عندما أنهي عملي أصعد إلى تلك التلة وأجلس أبكي حالي لساعات .. ” النموذج الثاني: مدير يعلم الله ما قصته لكن سلوكه شاذ، يجلس أمام الإدارة مراقبا الحجرات، كل أستاذ تقدم خطوة يصيح في وجهه :”إيه ...أنت ...ادخل لقد ابتعدت خطوة عن قسمك !! أنت تعرقل المسيرة التربوية “.ومرة يهاتف النائب الإقليمي ليخبره أن الحارس يسقي التلاميذ بقاعات الإمتحان بدعوى أنه يشوش عليهم وبأن الأمر جاء من الأساتذة وليس منه ...فاتصل النائب بالحارس وأمره بالتوقف، رغم أن الفصل صيف والتلاميذ عطشى ! ووصل الحد بهذا المدير أن لكم أستاذا على وجهه ونشب عراك بينهما وطفقا يتمرغان بالساحة والناس تتفرج! كان المشهد فظيعا لا يليق بمؤسسة تربوية ...كما كان يحرض السكان ضد الأساتذة ... تَمَّ عزل المدير عن مهامه وارتاحت البلاد والعباد ... النموذج الثالث: مديرة مطلقة أكثر من عشر سنوات وعاشت عدة مشاريع زواج لم تنجح فأصبحت حاقدة على الأساتذة دون الأستاذات تُلَفِّقُ التهم لكل من رفض الإنصياع لأوامرها، بتغيير المستوى الذي يدرسه ولو منذ 20 سنة غير آبهة لا بالقانون العرفي ولا بالمذكرات النيابية ...يقول أحد الأساتذة :” لقد غيرت لي المستوى الذي درسته منذ 20 سنة وأعطته لآخِرِ من التحق لأنه لم يدرسه من قبل حتى تستطيع أن تملي عليه ما تريد، لقد جاءت بامتحان تجريبي للمستوى السادس مليء بالأخطاء فنبهتها لذلك فلم يعجبها تصرفي كما منعتني من تنظيم مسابقة ثقافية للتلاميذ دأبت على تنظيمها منذ 08 سنوات قبل مجيئها ...إنها لا تهتم بتاتا لا بمصلحة التلميذ ولا بمصلحة المدرسة !! “ومرة سطرت جدولا للتوقيت الشتوي أخطأت في أوقات الدخول والخروج فنبهها الأساتذة فأجابتهم:” ماشي شْغُلْكُمْ ” أهذه طريقة للتعامل بين الإدارة والمدرسين ؟؟... ويضيف الأستاذ:” وفي آخر السنة الدراسية الماضية عوض أن تستغل حفل آخر السنة للإحتفاء بالتلاميذ المتفوقين استغلته لتكريم رفيقها المدلل الذي لم يكن يفارقها في الحل والترحال والذي أصبح مديرا بتدخل أحد المفتشين .!!” ” القصة طويلة يخجل الفرد أن يخوض في كل حيتياثها، ورغم أني كاتبت النيابة في الموضوع، جاءت لجنة للتحقيق تتكون من مفتشين قال أحدهما:”إن كلام المرأة مسموع ” وقال الآخر:”يجب أن تعتذر لها ” فأجبته :”هل المظلوم يعتذر؟ أم هذا احتقار لرجل التعليم؟” وتركتهما والتحقت بتلاميذي ...”لأن العربون باين”.. وكما قال الأعرابي ولا داعي لذكر السبب:”هذا الأثر يدل على المسير وهذه البَعْرَةُ تدل على البعير “...والمعنى بسيط هو أن المفتشين انساقا وراء أطروحة المديرة بدون خجل ولا وجل، ليبقى الأساتذة ضحية المساحيق والإغواء... وهذا ما يتبع في ردهات جُلِّ إداراتنا !! مثل هؤلاء ما يهمهم سوى أنفسهم وإرضاء عنجهيتهم وكل ما تأتي به التربية والمربين يبقى حبرا على ورق، مصفوف على رفوف للعناكب ملاذا !! بقلم الأستاذ عبد الله جراني