إن الحديث عن الإضراب في أوساط غالبية نساء ورجال التعليم، هو حديث عن يوم عطلة، تنتظر تلك الغالبية إقراره فوقيا من طرف القيادات الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية، الأمر الذي يجعل الوصف الساخر للإضراب باعتباره “إضراب الكاشا “صحيحا إلى حد بعيد. فتربية نقابية تعلم الموالاة للقيادات، وتكرس مبدأ الطاعة العمياء، ومنطق الزاوية والمحسوبية، وتعمل على احتكار القرار النقابي، وإلغاء النقد والنقد الذاتي، لا يمكنها إلا أن تنتج في أوساط الشغيلة التعليمية، وعيا نقابيا مترديا وضعيفا، لا يقدر، حق التقدير، الإضراب، كأداة نضالية، وكسلاح في يد الشغيلة التعليمية وعموم الطبقة العاملة، تستعمله ضد غطرسة الباترونا ودولتها. إن “إضراب الكاشا” السائد في الساحة النقابية التعليمية،والذي تكرسه البيروقراطيات النقابية الفاسدة، هو ثمرة أداء نقابي فاسد، ولضعف الأداء النقابي الديمقراطي والكفاحي في تلك الساحة. ومن مظاهر هذا الإضراب العجيب، الحضور الهزيل لنساء ورجال التعليم للوقفات الاحتجاجية المعلنة، وكذا تخليهم عن ممارسة تقنية الإضراب، بعدم حضورهم إلى مقرات عملهم يوم الإضراب. وانطلاقا من تجربتي النقابية المتواضعة، واحتكاكي بالشغيلة التعليمية بمحيطي النقابي، سجلت لازمتين تتواردان في استفسارات نساء ورجال التعليم، وهما، الاستفسار حول “إضراب كاشا ” جديد، وجديد تسوية الوضعية المادية. هاتان اللازمتان، اللتان تشكلان محور الوعي النقابي المتردي السائد،كرسهما أداء نقابي بيروقراطي وفاسد، يعمل على جر الشغيلة التعليمية إلى القبول بفتات موائد دولة الطبقة السائدة الدسمة، مقابل فتات الامتيازات، الذي تحصل عليه البيروقراطيات النقابية الفاسدة، والتي تمسك بخناق المنظمات النقابية. إن الفهم السائد للإضراب هو فهم منحط، لا يقدر القيمة التربوية والنضالية لهذا الإجراء الدفاعي، ولفعاليته في الصراع بين العمل والرأسمال. كما انه لا يعمل سوى على تراجع المكتسبات، وإضافة أعباء جديدة أكثر تعسفا. انه فهم كرسته البيروقراطيات النقابية عبر اغتصابها للقرار النقابي القاعدي، من جهة، لكي تستمر في كراسي التمثيلية الزائفة، التي تذر عليها الامتيازات، ومن جهة أخرى، المساهمة في تهيئ التربة المناسبة لقيام الباترونا ودولتها، المانحة للامتيازات، بفرض قوانين جديدة مجحفة على الشغيلة وعموم الطبقة العاملة) قانون تنظيم الإضراب – قانون النقابات. ..). هل الظروف مواتية لتمرير قانون تنظيم الإضراب المشؤوم؟ انه سؤال لا يمكن أن يجيب عنه سوى البيروقراطيات النقابية الفاسدة نفسها. إنها هي المتحكمة في القرار النقابي، وهي التي الفت أن تمارس معارضتها لقوانين التعدي على الطبقة العاملة المغربية، بشكل مموه، لتبقى تلك المعارضة في حدود ما هو شكلي، وتكتفي بإدخال تعديلات جزئية لا تمس أساس التعدي في تلك القوانين. إن قانون تنظيم الإضراب المتربص بالطبقة العاملة المغربية، سيساهم لا محالة في وقاية الرأسماليين من ضربات الإضراب المفاجئة، كما سيسمح لدولتهم بمزيد من التحكم في الشأن النقابي أكثر منى السابق، وبالعمل على تأليب أطراف أخرى غير نقابية (المرتفقين) ضد موظفيها. إن التعبئة ضد مخاطر هذا القانون واجب نضالي، يفرض على النقابيين الديمقراطيين والكفاحيين، بذل مزيد من الجهود لتتوضح الصورة أكثر فأكثر، ولخلق تعبئة شاملة قادرة على الضغط في اتجاه رفض ذلك القانون جملة وتفصيلا. بقلم الأستاذ احسين