طلعت علينا جريدة الصحراء المغربية ليوم 17/06/2010 بموضوع مهم على صدر صفحتها الأولى، مفاده أن 95 في المائة من أعضاء مكاتب الجماعات المحلية ممن ترشحوا بموجب حكم قضائي لنيل شهادة الدروس الابتدائية، بعد الطعن في أهليتهم لدى المحاكم الإدارية، من قبل خصومهم في تدبير دواليب المجلس الجماعي، قد رسبوا في الامتحان، ويضيف الموضوع أن معدلات الراسبين تأرجحت بين 2.44 كأعلى معدل والصفر. علما أن هؤلاء المستشارين، تم امتحانهم في ظروف وصفت بالسرية، وفي 5 مواد فقط ، وهي : التربية الاسلامية واللغة العربية واللغة الفرنسية والثفافة والعلوم.. الى هنا قد يبدو أن الموضوع / الخبر فيه نوع من الطرافة وشيء من الواقع المر، لكن الأمر هو أن نعرف أن هناك من لم يطاله الحكم القضائي ويمارس مهامه الاستشارية التسييرية بشكل عاد. وإذا علمنا أن مجلس المستشارين يتكون من نسبة مهمة من المستشاريين الجماعيين، فلنا أن نستنتج مكانة وأولوية ملف التعليم لدى عموم الهيئة التشريعية؟ وخصوصا مكانة واضعي الاسئلة التي امتحن فيها المستشارون الاعزاء، وطبعا حراسهم في امتحانهم المعلوم. كيف يمكن لهؤلاء المستشارين أن يجعلوا من المدارس التي تنتمي الى جماعاتهم مصدر اشعاع للجماعة، ومصدر نور لساكنتها؟ في كل الاصلاحات التعليمية التي عرفها ويعرفها النظام التعليمي المغربي، يتم ذكر الجماعات المحلية كمتداخل وفاعل أساسي في الاصلاح. وإذا علمنا أن أغلب الجماعات المحلية توجد في القرى، وأن أكثر المدارس توجد في القرى، و أن أغلب المشاكل التعليمية توجد في الوسط القروي، وكذلك أكبر نسبة للمستشارين الأميين موجودة في القرى، فإن النتيجة تكون معلومة و معروفة لدى القاصي والداني. طبعا لا ينبغي التعميم، فكم من جماعات قروية ساهمت بشكل كبير في جعل المؤسسات التعليمية المتواجدة بترابها، مؤسسات نموذجية من حيث البنيات التحتية أو توفير الشروط المطلوبة للتمدرس. لكن و من خلال الخبر/ الموضوع ، تتجلى لنا معضلة الأمية كعامل حاسم في تعطل كل اصلاح منشود، هذا إذا اعتبرنا مقياس الترشح لرئاسة جماعة محلية هو: مستوى السادس الابتدائي، اما إذا اعتبرنا تحليل وزارة الداخلية لنتائج انتخابات 2009 و الذي ذكرت فيه أن 51 في المائة من الناجحين في الانتخابات يتوفرون على مستوى تعليمي ثانوي أو عالي ، فإننا نستنتج أن 49 في المائة من الناجحين يتأرجح مستوى تعليمهم بين الإعدادي والابتدائي، وهو رقم غني عن كل تعليق ومثير لكذا تساؤلات كلها تصب في عمق أزمة تكوين الانسان المغربي. قد يبدو أن تغيير الواقع شيء مستحيل ، مادام أن مشكل الأزمة بنيوي، وأن الواقع فرض نفسه من خلال شروط تعجيزية مسلح بآفة الجهل ومشكل الهشاشة والفقر، لكن ممكن أن نجد حلا يتوافق و يتماشى مع خصوصيات واقعنا، شرط أن يتم التعاطي الإيجابي معه وأن يكون موازيا لكل إصلاح مواطناتي منشود. وذلك بسن قوانين تحرم كل من لا يتوفر على مستوى تعليمي معين من بعض الحقوق، ففي إحدى الدول الأوروبية العريقة، لا يمكنك أن تترشح لاجتياز رخصة السياقة وأنت لا تتوفر على ما يعادل نهاية السلك الاعدادي المغربي. و في دول أخرى لا تصنف في خانة المتقدمة، نجحت حكوماتها في تخفيض نسبة الأمية، عن طريق سحب بعض حقوق المواطنة من الأميين وتعاد لهم بعد أن يثبتوا أن حاربوا الأمية. قد يبدو أن هذا الكلام غير ديموقراطي وأن هناك من الأميين من له تجارب كبيرة لا تتوفر لدى المتعلم ( وهذا مثال كان يقوله رؤساء الجماعات الأميون قبل قانون الانتخاب الجديد). نعم قد تتوفر التجارب، لكن التعليم والتجربة يقودان الى تسيير محكم. إن القضاء على الأمية يبدو مستحيلا، لكنه ممكن إذا ما صمم المتعلمون على المساهمة في مساعدة الأميين على تجاوز أميتهم. إنه المستحيل بصيغة الممكن. بقلم الأستاذ بوشتى المشروح