نحن ننحاز للوطن ولا أجد أسبابا للقطيعة وقطع حبل الصرة الذي يشدنا إليه، ومهما تواترت سياسات فاشلة وحكومات عاجزة عن الإصلاح الحقيقي فنحن ننحاز للوطن، ليس إكراما لعيونها ولكنه اعتراف بالانتماء والجذور، بالأبوة والأمومة.صعب أن يعيش الإنسان بلا وطن.لا أحد يحب اليتم والفقد.ولنعترف أن ما يمكن أن يدفعنا إلى الإحساس باليتم هو أكبر من الحكومة نفسها، ولهذا فنحن لا نشعر باليتم.اليتم الحقيقي يأتي من غياب الولاء لوطن للجميع،وجد ليكون لنا جميعا وبنفس المسافة والدرجة والقرب والعيش الكريم،وبلا تهديد من الخارج أو الداخل،وبلا تعصب لمذهب أو اتجاه أو عرق أو نقابة أو حزب أو جمعية أو مرجعية من المرجعيات. ولهذا فالوطن أكبر منا،أكبر من تخاريف القول وسباق المسافات والجري وراء النياشين والنجمات. نحن ننحاز للوطن لأن المشيئة وحدها شاءت أن يكون لنا ،ولن نكون ضد المشيئة ،وحدها المشيئة جعلت منا مواطنين مغاربة يحلمون بوطنهم دائما،يكبر ويتغير ويتجدد ويصلح ما أفسده الدهر.ولهذا تفزعنا الغطرسة والاستعلاء، القوة والغصب ،الإكراه والتمادي في نية القتل الرمزي أعني ،والاختباء خلف الأزمات والتبريرات المفتعلة ، والوعود المستباحة والحروب الدائمة و الانتهازيات المستدامة.ولهذا أيضا نبحث في الوطن عن الحكمة،عن صوت العقل وصدق النية وبراءة الفعل،عن المبادرة والاقتسام والتشارك،عن المصارحة والمحاسبة، عن الإنصاف والعدل ،عن الحرية والكرامة. نحن ننحاز للوطن لأننا لا نريد فقده لأنه لا يعوض،ببساطة البسطاء نقول أنه قدر،ولا أحد يهرب من قدره،وبمحدودية العارفين نقول أنه ليس هناك وطن ثان وثالث ورابع،هناك وطن واحد لشعب واحد،ولهذا لا نستطيع تركه وحيدا في الأزمات وغير الأزمات. فالانتماء واجب وحق ،سبب وشرط للكرامة المنشودة دوما وهذا أمر بالطبع لا ينكره عقل ولا يستبيحه عرف ولا يقف في طريقه جاحد أو متغافل أو باحث عن أي تبرير ومن أي نوع . ولهذا على الحكومات والمؤسسات المنتخبة ألا تزايد على الوطن، وعلى القوى الفاعلة أن تنحاز حقا وفعلا معنا للوطن.أدعو أنفسنا جميعا لإدراك الحقيقة وتجديد الإيمان بها، ولا أستثني أحدا في الداخل كما في الخارج،على عاتق الجميع الولاء وعلى عاتق الجميع المسؤولية،وعلى الجميع من النية صدقها ومن الفعل براءته. الانحياز للوطن