صحيح أن إدارات المؤسسات التعليمية أصبحت تُشدِّد على منع " ضرب التلاميذ"، ولم يعد مسموحا لأطر التدريس كما نظيرتها للإدارة والتوجيه أن توقع العقاب على الأطفال، أو هذا على الأقل ما أقرَّته مذكرة وزارية سبق توزيعها على المُفتِّشين وهيئة التدريس. إلا أن عددا من نساء ورجال التعليم أقروا بلجوئِهم إلى تعنيف التلاميذ بعيدا عما تنص عليه القوانين الداخلية للمؤسسات التعليمية من حقوق وواجبات وآليات التأديب في حالة المخالفات. المغرب، الذي أعلن حَظْر مُعاقبة المدرسين البدنية للفتيات والفتيان في مدارسه والتزامه بمحاربة العنف المدرسي خلال مشاركته في الدورة 27 لمجلس حقوق الإنسان شتنبر المنصرم، يُخضِع أُطره التربوية خلال التكوين الأساسي لمادة "التشريع المدرسي" التي تحظر المعاقبة البدنية. أسباب العقاب وإن اختلفت الأسباب التي يلجأ معها بعض المعلمين والأساتذة للتعنيف البدني، ما بين الشغب وعدم إنجاز الواجبات المنزلية والخروج عن اللباقة والأدب أو عند استنفاذ التنبيه الشفوي، يبقى العقاب البدني حلا من بين الحلول التي قد تجعل التلميذ " ممتثلا لمعلمه، وهادئا أو منجزا لواجباته مستقبلا " وفق عدد من الأساتذة الذين استَقت هسبريس رأيهم. تنافٍ مع كرامة الطفل ومن وجهة النظر السيكولوجية، يرى المتخصص في علم النفس التربوي الدكتور أحمد أوزي، أن إلحاق العقاب بالتلميذ – الطفل أمر لا يليق بكرامته كإنسان صغير، موضحا أن للمعلمين أساليب بيداغوجية كثيرة يمكنهم اللجوء إليها، على اعتبار أن التدريس والتعليم صارا مهنة ينبغي أن تتوافر حاجيات ومتطلبات معينة في المقبل على امتهانها. " انتهى زمن إسناد تعليم الطفل وتربيته لأي شخص كيفما اتفق" يقول أوزي في تصريح لجريدة هسبريس. ويعتقد صاحب كتاب " سيكولوجية العنف، عنف المؤسسة ومَأسسة العنف"، أن رأس مال الدول هم أطفالها والذين وجب السهر على تكوينهم تكوينا متزنا وسويا لا يتأتى بالتعليم لوحده بل يتعدى إلى حسن التربية، مشددا على أن الطفل الذي يتعرض للعقاب من طرف معلمه " نَسرق منه كرامته وشخصيته والاعتداد بذاته ونلمس شيئا من حَميميَّة شخصيَّته". وأفاد الدكتور أوزي، مؤسس ومدير مجلة علوم التربية، أن للطفل حقوقا وواجبات على والديه ومعلميه، " حتى الأب نفسه لم يعد له مسموحا بمعاقبة ابنه بالشكل الذي يُخل بقيمة الطفل وكرامته". مُعرِّجا على الدراسات التي قام بها مختصون حول موضوع الاعتداء على الطفل من وجهة نظر نفسية، والتي تؤكد جميعها الآثار السلبية الكثيرة على شخصية الطفل المعنف والذي يفقد أهم شيء وهو الاعتداد بكرامته وبنفسه. العقاب البدني..ليس حلا ناجعا ويوصي المختص، نساء ورجال التعليم، بتربية الطفل وتعليمه دون استعمال الشدة والعنف، مشددا على أن هذين الأخيرين ليسا أساليب ناجعة في تربية الطفل. خاتما كلامه بالقول، " العِقاب عبارة عن دائرة والطفل يختزن في ذاكرته هذا السلوك ويعتبره حيفا ضد شخصه الصغير، ليعاد إنتاجه في مراحل عمرية لاحقة حيث يحاول الطفل أن يكون كالراشد يُقلِّده في كل شيء ". العقاب البدني بالمدارس .. حَظْر وزاري وإهانة لكرامة الأطفال