بقلم : عبد الحفيظ زياني إن المواقف و الأحداث المتكررة هي المحك المحدد و المنتج للمفاهيم والاصطلاح مما يدل على أنها دلالات ألفاظ و مسميات أشياء تنسجم مع الإدراك الحسي و العقلي، غير أنها تختلف درجة ضبطها و استيعابها باختلاف الثقافة و البيئة . لكن نسبية مفهمة الأشياء توضح بجلاء الاختلاف بين الأفراد بفعل عوامل كثيرة من قبيل تنوع المهارات و القدرة على التحليل و الربط المنطقي بالإضافة إلى المستوى المعرفي و الثقافي المنتج لفلسفة الحياة , فحاليا أصبحت المفاهيم المشوهة سائدة بامتياز، بشكل باتت تعكس بوضوح مستوى عجز الفرد على بناء فكر له أسسه و قواعده ، لافتقاره لأساليب البحث و النقد الذاتي المساهم في بلورة وعي و معرفة متجددة بتجدد الظروف و تغير الملابسات. لعل إشكالية تصدع المفاهيم ليست سوى انعكاس للفوضى الفكرية التي تعكس وضعية المتناقضات ، والخلط الاصطلاحي يجعل من الصعوبة بمكان صنع معرفة بذون تشوهات ، لينجلي واضحا انتشار ثقافة الاختلاف ، لغياب مرجعية مفاهيمية مشتركة أو حتى متقاربة ، بل غالبا ما تكون متناقضة تماما . لا جرم إذا أن الخلط في المفاهيم المعبرة عن المبادئ العامة ، هذه المفاهيم التي تعتبر الركيزة الأساس لصنع عالم الأفكار، و التي تعكس القيم والمواقف ، والاختلاف السلبي في معايير و أليات التفكير، وعدم توحيد المنطلقات و الأسس ، و الهوة الناجمة عن تباعد كلي للرؤى، و تضارب مسميات الأمور، و طغيان الخلفيات على تنوعها ، و تضخم الذات ، و تغليب النرجسية و الأنا ، تعد كل هذه العوامل من أخطر المسببات لأمراض المجتمع التي تبتعد كل البعد عن منطق التفكير السليم و تغيب القدرة على التحليل و الانتاج ، والسبب الرئيسي والحاسم خلل و تشوه مفاهيمي ، و النتيجة فقدان التوازن لمنظومة ذات مكونات من قبيل : الديمقراطية والحرية والمبادئ والأخلاق و الفكر .