يعتبر البحث التربوي شرطا أساسيا لتطور المجتمعات وتقدمها، إذ أكد الميثاق الوطني للتربية والتكوين في دعامته الخامسة عشرة على أهمية البحث التربوي باعتباره رافعة لتطوير التعليم ببلادنا قادر على تسريع وتيرة إنجاز المخططات المنبثقة على الاستراتيجيات الحكومية المتعلقة بالتنمية في شتى أشكالها. وانسجاما وتوجهات الوزارة التي عمل البرنامج الاستعجالي على تفعيلها من خلال إجراء تشخيص تشاركي لوضعية البحث التربوي وآفاق تطويره، تم عقد لقاءات عدة بمشاركة عدد من المتخصصين في مجال علوم التربية وديداكتيك المواد (باحثون من الجامعات الوطنية ومؤسسات تكوين الأطر التربوية ومفتشون تربويون ) وخلص المجتمعون إلى ضرورة مأسسة البحث التربوي وإدراجه ضمن مكونات المنظومة التعليمية لجعل نتائجه سندا قويا للفعل التربوي. من هذا المنطلق، عملت الوزارة منذ انطلاق الدخول التربوي 2009 -2010 على إعداد استراتيجية وطنية للنهوض بالبحث التربوي بهدف تحقيق الملاءمة بينه وبين حاجات منظومة التربية والتكوين وانتظاراتها، وجعله مواكبا للمستجدات الدولية بإحداث وحدات مركزية للبحث التربوي للقيام بتدبير البحث على المستوى الوطني مع السعي إلى إحداث فرق للبحث التربوي على الصعيدين الجهوي والمحلي والتنسيق بينها من خلال وضع آليات يتم توفيرها لهذه الغاية وطنيا وجهويا. كما تتكفل الوحدة المركزية للبحث التربوي بتوفير شروط ونجاعة وفعالية فرق البحث التربوي على الصعيدين الجهوي والمحلي بالسهر على المواكبة العملية لأنشطتها وتوفير الموارد المادية لاشتغالها ونشر بحوثها وتيسير سبل الوصول إلى نتائجها وفسح المجال لتداولها بين الفاعلين التربويين وكذا بالوسط المدرسي. ووفق مذكرة وزارية تحت عدد 179 تتركز استراتيجية النهوض بالبحث التربوي على تأسيس هياكل على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ومختبرات البحث التربوي تضم في عضويتها فرق البحث العاملة في مراكز التكوين أو ضمن منسقيات التفتيش أو في المؤسسات التعليمية أو الجمعيات التربوية المهنية. كما يجوز لمديري الأكاديميات تعيين من يرون فيه الكفاءة لتدبير البحث التربوي على المستوى الجهوي، مع تخصيص مقرات عمل وتجهيزات لازمة لفرق البحث التربوي داخل فضاءات المراكز الجهوي للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي. أما على مستوى الدعم المالي، أكدت الوزارة على إحداث بند قار في ميزانيات الأكاديمية يخصص للبحث التربوي لتغطية نفقات التجهيز والتسيير المتعلقة للفرق التربوية التابعة لكل أكاديمية مع تنظيم الوزارة سنويا ملتقيات تكوينية في مجال البحث التربوي، لدعم قدرات البحث التربوي لدعم قدرات فرق البحث باستعانة بالخبرات الوطنية والدولية في هذا المجال مع إحداث بوابة إلكترونية للوحدة المركزية للبحث التربوي تخصص أنشطتها لتعبئة الخبرات الوطنية للإجابة عن الأسئلة المنهجية التي تطرحها فرق البحث التربوي العاملة في الجهات والأقاليم. كما تقوم الوزارة بإصدار مجلة علمية تعنى بالبحث بمجال البحوث التربوية تعهد مهمة الإشراف عليها إلى لجنة علمية دولية بهدف تثمين نتائج البحوث المنجزة على الصعيدين الجهوي والوطني. في السياق ذاته، رامت الوزارة هيكلة تنظيمية جديدة للمراكز الجهوية للبحث التربوي باعتماد تسمية « المركز الجهوي للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي « مع اعتماد هيكلة تتكون من أربع وحدات، وهي وحدة التوثيق والتنشيط والبحث التربوي ووحدة الإنتاج. وأوكلت الوزارة مهام واختصاصات لهذه المراكز الجهوية تتمثل في تعزيز أدوار التوثيق والأرشيف من أجل صيانة المخزون الثقافي، والحفاظ على الذاكرة التربوية، وتيسير الولوج إلى قواعد المعطيات والنهوض بالتنشيط التربوي، باعتباره أداة لتبادل الخبرات وتقاسمها، وتشجيع إنتاج الموارد البيداغوجية والديداكتيكية والنشر والتعريف بالإنتاجات التربوية في الوسط المدرسي. ولإنجاح عمل هذه المراكز دعت الوزارة في مذكرة رقم 178 إلى تقديم الدعم الضروري لها وتوفير الموارد البشرية الكافية لتفعيل أدوارها على مستوى التوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي وتوفير البنيات التحتية لاحتضان الوحدات المكونة لها وتحديث الجانب التقني في معالجة الوثائق وتخزينها وتطوير الخدمات الوثائقية وطرق هيكلتها.