في كل بلاد الدنيا المثقفة أصبح الكتاب ضرورة فكرية لا تحتاج إلى دعاية ولا إلى مهرجانات، لأن كل كتاب يصدر يقيم مهرجانا فكريا في عقول مئات الآلاف من قرائه، وفي أقلام عشرات الناقدين والملاحظين، ويقيم في الوقت نفسه معارك عقلية فكرية قلمية، مناقشة وردا وبحثا وتمحيصا. ولذلك فعالم الكتب – في دنيا المثقفين – عالم مليء بالحركة الذاتية وهو في غير ما حاجة إلى المهرجانات التي تبعث فيه الحركة عن طريق التذكير أو طريق الدعاية والعرض. ومن هنا تأتي أهمية أسبوع الكتاب في بلاد ليس للكتاب فيها يوم ولا أسبوع ولا شهر ولا سنة. والكتاب في بلدنا ما يزال يجتاز أزمتين اثنتين: أزمة الكاتبين، وأزمة القارئين. وهما العنصران اللذان يكونان الكتاب. ومرد الأزمتين معا إلى الثقافة وضآلتها وانحرافها عن مقومات الوطن ومنها اللغة. فالمثقفون بين شخصين: مثقف باللغة العربية. وهو غريب نسبيا بين المثقفين، ومثقف باللغة الأجنبية - وهو غريب بين المواطنين لأن لغته – إذا مكنته من وظيفة أو عمل أو مركز مالي – فهي لن تمكنه من التفاهم مع المواطنين فكريا وثقافيا. ومن ثم انفصل هذا المثقف عن الشعب كما انفصل ذاك عن عموم المثقفين. ومن أزمة الإنفصال تكونت أزمة الكتاب. والله الموفق 27/11/2013 محمد الشودري