اللي عطا الله ..!! يوم (الاثنين 21 اكتوبر) ، بعد أيام من عطلة عيد الأضحى المبارك، وبعد استئناف العمل في كل قطاعات الدولة واداراتها ، وعاد كل واحد الى مقر عمله لمباشرة ما ينتظره من مهام ،، كنت في طريقي الى مدينة طنجة ، عند مخرج مدينة تطوان الجنوبي- الشرقي،حيث مفترق الطرق المؤدي الى مدينة شفشاون ، والذي يطل عليه فندق "لابالوما" الجديد ، وهو بالمناسبة مفخرة فندقية لهذه المدينة الجميله ( وليس في الأمر اشهار ولا تسويق ، وانما هو تنويه بهذا الاستثمارالمحلي ، انشاء وتدبيرا وادارة ، وتنبيه اليه ..) ،لما لفت نظري قضيب ماء قوي الصبيب ، يمكن تقدير طول انبعاثه بحوالي مترين، يتدفق من صنبور ماء من تلك التي تم زرعها على امتداد المساحات الهائلة من "الكازون" التي اجتاحت كل فضاءات المدينة ومداخلها ومخارجها ، بحيث أن الماء المنبعث من فوهة الصنبور يشبه نافورة مائلة من تلك التي ينبعث ماءها في عنان السماء ،، تأسفت – كالعادة – وحوقلت ، واكملت طريقي ، لأنه لم يكن في وسعي فعل أي شئ طالما أن الأمر لا يخص شركة " أمانديس"، التي أتوفر على أرقام مصالحها المختصة في هذا المجال والتي سرعان – والحق يقال- ما تبادر الى التدخل وبشكل سريع كل ما كان هنالك "نزيف" مائي على الشبكة العمومية ، ولم يكن الأمر من اختصاص المكتب الوطني للماء والكهرباء ، والذين بدورهم يقومون بأدوار مهمة في هذا المجال وقاية وعلاجا ، يستحقون عليها التنويه ، ولم يكن بالامكان الاتصال بالشخص المسؤول في الشركة التي كانت تتولى اقامة وصيانة المناطق الخضراء ، والذي كان بيني وبينه علاقات تعاون بناءة ، اذ كنت بحثت عن مخاطب مسؤول بادارة الشركة الموجود مقرها بمدينة المحمدية ،فمكنني من أرقامه الهاتفية بحيث كنت أتصل به كلما حدث تسرب أو انفلات في الماء جراء اهمال مستخدم ، أو عبث عابث لا ضمير له ، فيبادر الى التدخل أو ارسال أحد عماله بدراجة نارية، لايقاف "النزيف" بالسرعة المطلوبة أو المتاحة ، وذلك على امتداد الطريق الدائري ومداخل ومخارج ومدارات المدينة حتى مدينة المضيق ثم الى مشارف الفنيدق ، لم يكن ممكنا في هذه الحالة التعويل عليه، لانتقاله للعمل في مدينة أخرى ،، . فوضت أمري وأمر المواطنين الذين تضيع حصتهم من الماء هباء ، والتي وفرتها لهم الدولة ومولوها من جيوبهم ، وأقيمت من أجلها السدود وصودرت الأراضي وبنيت محطات التصفية المكلفة والشبكات المتشعبة ، ناهيك عن نفقات الصيانة والتدبير وغيرها ،، الى الخالق البصير وانصرفت ،، وأنا لا أتوقف عن التفكير في هذه الثروة الثمينة والنادرة التي يتم هدرها ظلما وعدوانا ،، داعيا الله أن يكون من بين العشرات أو بالأصح المآت، الذين يجتازون هذه الطريق من ينتبه الى هذه الكارثة فينبه بطريقة أو أخرى من بيده مقاليد صنابير الماء هاته ،، لكن وبمزيد من الأسى والأسف ،، كم كانت دهشتي وحسرتي كبيرة عندما عدت حوالي الساعة الثانية والنصف ظهرا ، فوجدت الصبيب الفضيع لا يزال على حاله .. والماء الزلال يسيل عذبا صافيا على قارعة الطريق ، أنهارا تساهم عجلات السيارات في جرها الى أبعد نقطة على الطريق دون أن "يراها" أحد أو يتحرك ساكن ..! في الوقت الذي لا يجد كثير من الناس ما يروون به عطشهم ويقطع أطفال حفاة كيلومترات من أجل جلب قنينة ماء .. ضربت صفحا عن كل ماكنت بصدده ، وما كان ينتظرني من التزامات ، وتوجهت للتو الى باشوية المدينة ( العمالة القديمة)، حيث يوجد ملحق للجماعة الحضرية يتضمن مكاتب مصلحة المناطق الخضراء ، حيث تصورت أن أجد من يمكن أن يرشد أويساعد أو يتدخل لحل المشكل ،، دخلت المبنى، دقائق قبل حلول الساعة الثالثة ظهرا، وسرعان ما عدت بخفي حنين ، اذ فوجئت باغلاق المكتبين المخصصين للمصلحة ( حسب ما هو مكتوب على الباب ،،) ، وعندما استفسرت الشخص الوحيد الموجود في أحدالحجرات المجاورة التي يوجد به مكاتب عدة ، تلقيت منه جوابا توقعته، لأنه عادة ما يتكرر في كل الادارات، خصوصا العمومية منها ،،" لقد خرجوا منذ لحظات فقط !! ولاشك أنهم هنا في مكان ما من البناية ويمكن أن يعودوا بعد قليل ...!" امعانا في الرغبة في حل المشكل واصرارا على البحث عمن يمكن أن يقوم بذلك ، يممت وجهي شطر المقر الجديد للجماعة الحضرية على الطريق الدائري حيث توجد رئاسة الجماعة والمصالح المركزية ، سألت عن السيد الكاتب العام فلم أجده ، ثم سالت عن السيد الرئيس فقيل لي أنه خرج للتو، بحثت عن أحد النواب العشرة للرئيس فلم أجد ، فانصرفت أجر أذيال الخيبة ،، تاركا الماء الشروب يتدفق ،، وحتى يكون للرأي العام علم بما يجري ويرتبط بمصالحه ومصادر عيشه ، وهو أمر نبيل ومحمود ويساعد على الاصلاح والتقويم ، ومن صميم مهام وسائل الاعلام المحترمة ، فقد عدت صبيحة هذا اليوم ، ( الثلاثاء) الى مقرالجماعة الحضرية، ولو أن شلال الماء قد توقف بعد أن" فات الفوت" ، حرصا على تفادي تكرار ما وقع ،،لكنني، وحوالي الساعة الحادية عشرة، ومرة أخرى لم أجد مخاطبا ، لكن المعلومة كانت هذه المرة أقل شحا وغموضا ، فقد علمت أن السيد الرئيس مسافر لحضور أشغال مجلس النواب ، والسيد الكاتب العام في رخصة لأداء مناسك الحج ، غير أنني لم أجد أحدا من السادة النواب العشرة ،، بينما قيل لي أن من ينوب عن السيد الكاتب العاب يوجد بأحد مكاتب الجماعة، غير أنني وبعد حوالي 20 دقيقة من الانتظار، بحثت عنه فيه أرجاء البناية ، ( في المكاتب بالطبع، وليس في دورات المياه والمرافق الخاصة بالموظفين التي لا يحق لي ولوجها ..) دون أن أضفر بلقائه ،، فانصرفت لحال سبيلي ، مرة أخرى ، أجر أذيال الخيبة ،، تشغلني جملة تساؤلات ملحة لا زلت أبحث لها عن أجوبة ،، من يحمي هذه الثروة النفيسة ، المتمثلة في الماء ، من عبث العابثين وتبذير المبذرين، وينبه الغافلين من غفلتهم ..؟ مافائدة التوقيت المستمر المعتمد في ادارة جل الدول ، ربحا للوقت والطاقة ، اذا كنا في نهاية الأمر لا نعمل سوى نصف يوم أو يكاد ،،؟ لماذا يتم تمطيط الفسحة الزمنية التي تمنحها الادارة للراحة والصلاة وتناول ما خف من تغذية ومقبلات ،، والتي تحدد في نصف ساعة بين الساعة 12 والساعة 13 ، لتصل حتى الثالثة ظهرا لدرجة أن حركة السير تشتد بين الواحدة والثانية كما كان الأمر في ظل التوقيت القديم بشكل يشي بمغادرة جانب من الموظفين لمكان العمل ولمدة غير قصيرة في هذه الفترة، وهو ما لا يجوز قانونا بدون مبرر مقبول أوباذن !! ؟؟ اذا كانت وتيرة العمل في أول يوم نعود فيه من عطلة مريحة ، على هذه الشاكلة ، فكيف يكون حال الادارة بعد أيام وأسابيع متواصلة من العمل ؟؟ عود على بدء، لقد اتسع الخرق على المرقع ، وأمسى من الصعب ايجاد كلمات تفي بغرض التعبير عن مثل هاته الأوضاع ،، وربما يكون أحد أعوان الجماعة معبرا عن الحال، عندما سألته للمرة الثانية هذا اليوم ، كيف يمكن لي أن أعثر على المسؤول اياه ،، فنظر الي وعيناه تحمل قدرا غير قليل من الريبة ، وانصرف وهو يهز كتفيه ويقول :" .. وهاد الشي اللي اعطى الله ..!" 22 /10 / 2013 م.ز. الحسيني