في لقاء نظمته جمعية مسرح المدينة الصغيرة ودار الثقافة شفشاون بشراكة مع الجماعة الحضرية للمدينة تم توقيع كتاب: امرأة وحيدة تؤنسها الصراصير- مساحات مضيئة: نصان مسرحيان. للكاتب أحمد السبياع. بمشاركة: د. عبد المجيد شكير، د. مسعود بوحسين، ذ. أنس العاقل، ذ. عادل القريب. وقد نوه د. عبد المجيد شكير بأسلوب الكاتب في نصوصه السابقة وبمرجعيته الأكاديمية. ثم قدم مداخلته المعنونة ب: "امرأة وحيدة تؤنسها الصراصير: نص المفارقة والتوريط وأشياء أخرى". وأولى المفارقات تبدأ من العنوان فامرأة وحيدة تحيل على الوحدة والوحشة لكن سرعان ما يتبعها فعل تؤنسها الذي يفند هذه الوحدة، ويفند أيضا هذه المؤانسة المؤنس ذاته التي هي الصراصير. المفارقة أيضا في بناء الشخصيات فسالم لص شريف، وليلى ذات ذاكرة لا تدوم سوى لثلاثة أيام. ومن المفارقات أيضا أن المسرحية تبدأ من المشهد الخامس وهو بناء مفارق للنص التقليدي او حتى للكتابة الدرامية الحداثية. وعن التوريط فالبدء من المشهد الخامس توريط للمتلقي، إذ يفترض فيه أن تكون لديه فكرة عن المشاهد الأربعة الأولى المحذوفة، وكأني به يقول د. شكير يجعلنا في موقع ليلى التي لا تعيش ذاكرتها إلا لثلاثة أيام، التوريط أيضا بالنسبة للمخرج وللسينوغراف وللممثل للتعامل مع نص مربك في بنائه. أما عن الأشياء الأخرى، فهي احتفاء الكاتب بالسرد، والنفس الساخر الذي يميز المسرحية. ويرى د. مسعود بوحسين أن نص "امرأة وحيدة تؤنسها الصراصير" من أهم النصوص المسرحية المغربية، تبشر بميلاد كاتب مسرحي سيكون له شان كبير. فالنص رغم النفس السردي الذي أشار إليه د. شكير، إلا ان الأحداث المسرودة من قبل الشخصيات والتي حدثت وتحدث في الماضي والحاضر خارج الخشبة، لديها ارتباط وثيق بما يجسد على الخشبة آنيا، وتتآلف مع السياق الدرامي للمسرحية. ومن الخصوصيات الأساسية في المسرحية هو تمكنها من خلق جوها الخاص l'atmosphère فهناك مناخ درامي نستشعره من خلال لم شتات النص عند القراءة . ومن خصوصيات النص أيضا هو البعد التراجيدي كمقولة جمالية، حيث نلمس أن هناك قدرية ما خارج إرادة الشخصيات، فاللص ليس لصا لأنه أراد ذلك. وخاصية أخرى هامة، هو التمازج الخلاق بين التراجيدي والكوميدي، وهي معادلة ليست سهلة، والمزاوجة بين الضحك المرتبط بالتأمل في القضايا الإنسانية وهي من أرقى أشكال التعبير الكوميدي. أما بالنسبة للباحث انس العاقل فإن النص يكشف منذ العنوان عن توتر درامي، فيقابل بين الرفيع/الإنسان والوضيع/الصرصار داخل نفس الغرض الفني، مما يكشف عن خصوصية معاصرة يحملها بين ثناياه. تتجاور داخل النص أساليب الكتابة الدرامية وتتآلف فيما بينها، ويصبح الحوار المسرحي أداة للفعل الإنجازي بتعبير نظرية أفعال الكلام، فحتى المقاطع السردية داخل النص يتم توظيفها داخل سياق الفعل الدرامي، فتصبح ذات وظيفة إنجازية رغم طبيعتها الإخبارية. ليقدم لنا النص في الأخير مأساة ملهاوية عن الفرد الأعزل في مواجهة تحلل قيم الجماعة. أي إفلاس أصاب المدينة حتى جعل اللص لا يجد ما يسرقه، فيلجأ إلى منازل الآخرين ليسرق وجبات طعامهم؟وكيف تنقلب قيم المدينة فتصبح السرقة فعلا شرعيا يذعن له الفرد وتباركه الجماعة؟ ألا يحيل النص بشكل ميكروسكوبي على إفلاس الأنظمة السياسية في البلاد العربية؟ أما الباحث عادل القريب فقد قدم في المداخلة التي عنونها ب" امرأة وحيدة تؤنسها الصراصير" و"مساحات مضيئة" قراءة ثقافية، حيث ألقي الضوء على جملة من الأنساق الثقافية المضمرة التي تتخلل المسرحيتين، وذلك بالاعتماد على الدراسات الثقافية التي تشدد على ضرورة ارتباط العمل الأدبي بالظروف العامة التي كانت وراء انتاجه، وهو ما اتضح خاصة من خلال تواتر العديد من الشفرات النصية التي هدف المؤلف من وراءها انتقاد الأوضاع القائمة أكثر من كتابة نص مسرحي وحسب. متابعة...