الدخول القادم ، والمقصود به استئناف ايقاع الحياة العادية بعد فترة العطلة الصيفية ، والذي يشمل كل مناحي الحياة ، الدراسية والسياسية والاقتصادية، سيكون له هذه السنة – حسب المؤشرات المتوفرة – طعم خاص، بنكهة الصعوبة والتوجس ، ينبغي معه الدراسة والتفكير، وحسن التدبير، حتى نتفادى الوقوع فيما لا تحمد عقباه ،، لا قدر الله !! وذلك لأسباب أوجزها فيما يلي : أولا : اذا ما وضعنا جانبا حقيقة قلة تجربة رئيس الحكومة الحالية في ميدان التدبير السياسي والاقتصادي ، وطبيعة الظروف التي تشتغل هذه الحكومة في ظلها ، فاننا أصبحنا نحس وبشكل ملموس بوقع الأزمة التي تجتاح أوروبا، على وجه الخصوص، والتي من أبرز تجلياتها، أوضاع الكثير من مغاربة العالم ، خصوصا المقيمون منهم باسبانيا وايطاليا التي انعكست سلبا عليهم وعلى أسرهم في الداخل والخارج، ناهيك عن تناقص تحويلاتهم من العملة الصعبة ،، من جهة أخرى يتعاظم شبح بطالة التسريح، التي تنضاف الى بطالة الخريجين لتشكل بعبعا يقض مضاجع الجميع، مسؤولين وغير مسؤولين ، فبعد سلسلة المؤسسات التجارية والصناعية التي أغلقت أبوابها هاهي ذي مؤسسات كبرى تعلن عن عزمها التقليص من عدد مستخدميها بتسريح جانب منهم،(اتصالات المغرب نموذجا)، وأخرى تصنف ضمن مؤسسات نقل الخدمة (كمراكز النداء) تقرر العودة الى بلدانها الأصلية تحت ضغوط سياسية من جانب حكوماتها..( الفرنسية منها على وجه الخصوص..) غير أن أخطر ما في هذه الأزمة، الجانب المتعلق بالأمن الغذائي ، ففي سنوات " الصابة" التي كان فيها انتاجنا من الحبوب يجاور 100 مليون قنطار كنا دائما نكمل السنة بالتزود من السوق العالمية بما يضمن اكتفاءنا الذاتي ، فما بالكم في هذه السنة العجفاء التي لم يتجاوز محصولنا فيها ال50 مليون قنطار الا بقليل، في ظل خصاص مهم تشهده السوق الدولية للحبوب(حسب أرقام" الفاو")، بسبب الجفاف الذي أصاب المنتجين الكبار والمصدرين الأوائل، كروسيا وأستراليا، بحيث لم تبق لنا الا الخالة فرنسا،نستورد منها ما يسد الرمق، في الوقت الذي تعرف فيه أثمنة هذه المواد ارتفاعا صاروخيا، يتطلب المزيد من العملة الصعبة، التي تناقص احتياطينا منها، ولولا الفوسفاط، لنضب معينها !! ثانيا : وفي علاقة بالأمن الغذائي والصحي، أيضا، نجد معضلة الماء الذي تزداد الكمية المتوفرة منه تناقصا في الوقت الذي يتزايد فيه الطلب ، كما يتزايد فيه التبذير ويتناقص المخزون بشكل محسوس دون أن نلاحظ أي اهتمام أو اجراءات ترشيدية أو مجهود تحسيسي يوحي بأن هناك من يشغله هذا الأمر ..! فحقينة سد "سمير" المزود الرئيسي لمدينة تطوان والساحل (مرتيل، المضيق، الفنيدق)، بلغت نسبة الملء فيه يوم الجمعة الماضي(27 .7 ) 25.2 مليون متر مكعب، في الوقت الذي كان بحقينة السد في نفس اليوم من السنة الماضية 37.4 مليون متر مكعب، أي بعجز وقدره 12.2 مليون متر مكعب ، ما يوازي 3 أشهر من الاستهلاك بمعنى أنه وفي حالة خريف جاف لاقدر الله وتأخر الأمطار الى مابعد نهاية هذا العام، فانه لن يتبقى ماء في حقينة هذا السد ، اذا ما أخذنا في الاعتبار نسبة التبخر وضحالة المياه الموجودة في القعر وصعوبة تصفيتها،، بحيث لولا وجود سد مولاي الحسن بلمهدي (الروز سابقا)، الأصغر حجما، والأضعف مواردا، لرحنا في "ستين داهية" ،وهو أمر جلل، وعواقبه وخيمة، لا أظن أن الذين يسقون هكتارات الكازون بالماء الشروب دون حسيب ولا رقيب، وبكل صلف ووقاحة، يفكرون فيه أو يضعونه ضمن اهتماماتهم !! أتمنى أن لا يكون شئ من هذا السيناريو، وان كنت أتساءل كل صباح وأنا أشاهد سواقي وبرك الماء الشروب تسيل على أطراف الطريق الدائري في أفضع صور تبذير الموارد المائية، التي يمكن مشاهدتها، أتساءل : من يؤدي فاتورة هذه المياه ؟ هل هي الشركة المتعهدة القادمة من مدينة الزهور؟ هل هي الجماعة الحضرية التي تمثلنا وتقتات من ضرائبنا ورسومنا ،؟ أم هي شركة التدبير المفوض للماء ، صاحبة الفواتير المرعبة؟؟ سؤال آخر : اذا حدثت أزمة ماء، ونتجت عنها فتنة ،من سيتحمل مسؤولية سوء التدبير المفضي الى هذه الفتنة ؟؟ عطلة سعيدة وكل عام وأنتم أبعد ما يكون عن الظمأ ،، وقلة الخبز ..!! ذ: زين العابدين الحسيني