من المفترض في وسائل الإعلام أن تبني الشخصية المسلمة السوية، لكن القناة الثانية 2M في الواقع تعد من أعظم أسباب تنشئة الناس على الدياثة وضعف الغيرة بما تبثه من مشاهد جنسية فاضحة وإعلانات داعرة، وأغاني ماجنة هابطة، وتلميع هؤلاء الفاسقين والفاسقات وإبرازهم على أنهم قدوات، حتى غدت المرأة تتغنى أمام زوجها وأبيها وأخيها بحبها للمطرب أو الممثل الفلاني ، دون أن يحرك أحد هؤلاء المحارم ساكنًا، بل في بعض اللقاءات الإعلامية مع هؤلاء تتصل المرأة المتزوجة أو الفتاة فتفصح لهذا الفنان عن حبها له وهيامها به، غير مبالية برد فعل أقاربها، ربما لأنها على يقين أنهم لن يعترضوا أصلاً أو لربما أجابها بأنه هو معجب به كذلك، ويفرح لأنها تحب نفس الممثل الذي يحبه. أما جريدة الأحداث المغربية فحدث ولا حرج عن فضائحها الأخلاقية ونشرها للرذيلة من طرف دعاة العلمانية المتطرفة، أما بطل الرذيلة فيها فرئيسها مختار الغزيوي الذي صار حديث الشارع المغربي وينعت بالديوثي الأكبر الذي لا يخاف من الله ولا يستحيي من الناس، فيتجرأ على الخالق والمخلوق، هادما كل ما بناه الإسلام في هذا البلد منذ أربعة عشر قرنا. هؤلاء لا يريدون أن يفهموا أن شريعتنا الغراء حثت على مكارم الأخلاق ونهت عن مساوئها لما يترتب على انتشار الأخلاق السيئة من أضرار على الأفراد والمجتمعات، بل إنما بعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، قال عليه السلام : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. ومن أهم هذه الأخلاق التي جاءت شريعتنا بحفظها: حفظ النسل والعرض من كل من يدنسها أو يعتدي عليها، فشرعت أقسى العقوبات لمن سولت له نفسه الاعتداء على أعراض الآخرين كما في قول الله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله...} الآية (2 سورة النور) وهذه عقوبة غير المحصن أما المحصن فحده في الشرع الرجم حتى الموت، كما حرمت الشريعة الزواج ممن عرف بالزنا: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} (3 سورة النور)، ليس ذلك فحسب بل أعلت الشريعة من شأن المحافظة على الأعراض حتى رفعت منزلة مَن مات دون عرضه إلى درجة الشهداء : "ومن مات دون عرضه فهو شهيد". وربّت هذه الشريعة أبناءها على الغيرة ، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تعجبون من غيرة سعد؟! والله لأنا أغير منه، والله أغير مني...". أما الغزيوي الذي يدعوا علنا في جميع وسائل الإعلام أن المرأة لها كامل الحرية في جسدها ولا شيء عليها في ذلك، فلأمه أن تزني ولأخته أن تأتي إلى البيت كل يوم مع من تشاء؟، كذلك الغزالي المثلي الذي جعل من جسده مشروعا سياسيا، هو كذلك يقول نفس الكلام بل زاد على ذلك بقوله إن الأعضاء التناسلية عند أمه وأخته هي ملك لهما يفعلان فيهما ما تمليه عليهما شهوتهما ولا حق لأحد أن يمنعهما من حريتهما. ما أبعد هؤلاء عن ثقافتنا وتاريخنا وما أبعدهم عن قول الشاعر العربي: أصون عرضي بمالي لا أدنسه // لا بارك الله بعد العرض في المال وما أشد انطباق هذا الحديث عليهم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث". ولا يصاب بهذا الداء العضال إلا عديم المروءة ضعيف الغيرة رقيق الدين، فتراه لا يبالي بدخول الأجانب على محارمه ولا يبالي باختلاطهنَّ بالرجال أو تكشفهنَّ. وكم يعجب المرء حين يرى أشباه الرجال هؤلاء يشترون لنسائهم الثياب التي تكشف أكثر مما تستر، وتشف وتصف مفاتن الجسد وهو فرح باطلاع الناس على عورات نسائه ومن ولاه الله أمرهن، مفتخر بتحررهنَّ من العفة والفضيلة وسيرهنَّ في طريق الفاحشة والرذيلة، ومثل هذا ميت في لباس الأحياء. يقول الغزالي رحمه الله: "إن من ثمرة الحمية الضعيفة قلة الأنفة من التعرض للحُرَمِ والزوجة... واحتمال الذلِّ من الأخِسَّاء، وصغر النفس ... وقد يثمر عدم الغيرة على الحريم، فإذا كان الأمر كذلك اختلطت الأنساب، ولذلك قيل: كل أمة ضعفت الغيرة في رجالها ضعفت الصيانة في نسائها". وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.