خلافا لما ظل يردده القائمون على الشأن الرياضي بالجزائر وتباهي جل وسائل الإعلام الرسمية بامتلاك بلاد "العم تبون" ملاعب رياضية تضاهي ملاعب كبريات البلدان الأوربية، وقدرتها على استضافة البطولات القارية والدولية في كرة القدم، كشف الناخب الوطني الجزائري جمال بلماضي فجأة يوم الإثنين 4 شتنبر 2023 عن الوضع المأساوي لملاعب بلاده، رغم التنافس الحاد مع المغرب على احتضان بطولة كأس أمم إفريقيا برسم سنة 2025، حيث أكد على غياب ملاعب مناسبة ليس فقط لاستضافة مباريات دولية، بل حتى لإقامة تربصات لمنتخب "ثعالب الصحراء". فتصريحات بلماضي الغاضبة حول عدم جاهزية الملاعب والوضعية المزرية للمركز التقني بسيدي موسى، لم تأت من فراغ أو في لحظة انفعال عابرة، بل جاءت عقب رحلة تجاوزت العشر ساعات لزيارة ملعب قسنطينة، ليتبين له أن وضعيته جد سيئة. كما أنه أشار إلى أن ملعب عنابة هو الآخر لا يقل عنه سوءا، ولا يبدو أنه جاهز في الوقت الراهن لاحتضان مباريات دولية. فكيف إذن لبلد يعاني ضعف البنية التحتية الرياضية، وملاعبه الكروية غير قادرة على استضافة بطولات قارية، لدرجة اضطر معها الاتحاد الإفريقي إلى أن يسحب منه بعض البطولات ويمنحها لمصر، أن يملأ الدنيا صراخا ويبدي استعداده لتنظيم بطولة كأس إفريقيا للأمم في 2025 أو 2027؟ ذلك أن معسكر المنتخب الجزائري لشهر شتنبر 2023 شهد نوعا من الارتباك، حيث حددت لاحتضانه مدينة عنابة في بداية الأمر، قبل أن يتم التفكير في الانتقال إلى مدينة طبرقة التونسية على الحدود بين البلدين الجزائر وتونس، بيد أنه لم تلبث وزارة الشباب والرياضة أن عادت لمراسلة الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، وتشعرها بضرورة إعادة إقامة معسكر منتخب "الخضر" داخل الوطن، استعدادا لمباراتي تنزانيا يوم الخميس 7 شتنبر 2023 ضمن تصفيات أمم إفريقيا "كوت ديفوار 2023″، واللقاء الودي أمام السنغال المزمع إجراؤه يوم 12 شتنبر في العاصمة السنغاليةدكار. إذ وقفت "الاتحادية" حائرة بين إعادة المعسكر لمدينة عنابة أو الانتقال إلى قسنطينة، دون الرجوع إلى مركز "سيدي موسى" في العاصمة، جراء تدهور ملاعب التدريبات. وبهذه المناسبة نستحضر هنا تلك الفضيحة التي تفجرت في السنة الماضية، عقب نهاية المباراة الودية التي جمعت مساء يوم الأربعاء 16 نونبر 2022 بين المنتخبين الجزائري والمالي في ملعب "ميلود هدفي" بولاية وهران، عندما تعذر إجراء الندوة الصحافية التي كان مقررا تنظيمها بالقاعة المخصصة لذلك، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، حيث انتظر الناخبان الجزائري جمال بلماضي ونظيره المالي إيريك شيل أكثر من نصف ساعة على أمل إصلاح العطب التقني بلا جدوى، قبل أن يضطرا إلى مغادرة القاعة غاضبين. وهو ما أثار حفيظة عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين لم يتأخروا في توجيه انتقادات حادة للمسؤولين، ولاسيما أن الفضيحة تزامنت مع وجود وفد من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف" بوهران، قصد الوقوف على مدى جاهزية الجزائر لاحتضان "شان 2023″، علما أن ملعب وهران "ميلود هدفي" يعد من بين أبرز الملاعب التي يفتخر بها حكام قصر المرادية. فالحالة المزرية للملاعب الرياضية الجزائرية لم تثر حنق الناخب الوطني الجزائري بلماضي وحده، بل تلا تصريحاته الغاضبة ارتفاع أصوات إعلامية جزائرية، كشفت هي الأخرى عن امتعاضها الشديد، بسبب ما بات تتخبط فيه الاتحادية الجزائرية لكرة القدم "الفاف" من فضائح مدوية وأزمات حقيقية، ومن ضمنها صوت حفيظ دراجي الملقب ب"بوق الكابرانات"، الذي لم ينفك يوجه انتقادات لاذعة للمسؤولين الرياضيين في الشهور الأخيرة، وقد انتقد بشدة التوقف الذي عرفته أشغال البناء بالمركز الفني الجديد "لالا ستي" بمدينة تلمسان لمدة حوالي سنة ونصف، خصوصا أن نسبة الإنجاز بلغت 85 في المائة، مما قد يعرض مرافقه الحيوية للتلف والإهمال، لا لشيء سوى أن "الاتحادية" لم تدفع للمقاول مستحقاته المالية. ودراجي الذي سبق له أن وصف مسؤولي القطاع الرياضي ب"العصابة ذات الممارسات المافيوزية"، شدد قبل تأكيده بأن الوضع المأساوي للكرة الجزائرية لم يعد مقتصرا فقط على المرافق الرياضية، وأن الأمر بلغ حد "التسيب واللامبالاة والتعدي على الصلاحيات وعدم احترام القواعد والقيم والمؤسسات والمكتسبات، والتلاعب بمشاعر الناس"، على أحقية الناخب الوطني بلماضي في المطالبة بتوفير الإمكانيات والظروف الملائمة واللازمة للتحضير، لكن "دون التفريط في واجباته والالتزام بعدم تجاوز صلاحياته والتصرف في المنتخب بمفرده وكأنه ملكية خاصة" إننا مهما حاولنا التعليق على تصريحات الناخب الوطني الجزائري جمال بلماضي حول ما تعرفه الملاعب الرياضية من ترد في الجزائر، التي تصر الواجهة المدنية للنظام العسكري الفاسد على وصفها ب"القوة الضاربة"، فلن نجد من تعبير أفضل من قوله تعالى في سورة يوسف الآية: 26 "وشهد شاهد من أهلها"، لأن الكابرانات انشغلوا عن الإصلاحات الكبرى وتنمية البلاد، بمعاكسة المغرب في وحدته الترابية، من خلال هدر ملايير الدولارات في دعم وتمويل ميليشيات البوليساريو الانفصالية وشراء دمم بعض الصحفيين والقادة الأفارقة من ضعاف النفوس…