إلى جانب الأجواء الإيمانية التي يعرفها الناس في رمضان وزيادة "منسوب" الطقوس الدينية التي يقبلون عليها طيلة هذا الشهر الفضيل؛ يشكل شهر رمضان، على غرار كافة المغاربة، مصدر رزق للكثير من ساكنة مدينة تطوان والنواحي. فهذا الشهر الفضيل يرتبط عند التطوانيين بموائد الإفطار الشهية بمكوناتها التقليدية والعابقة جذورها في تاريخ المدينة. ولطالما اشتهرت المدينة تاريخيا بتراث لامادي غني يظهر جليا في الأطباق التي يقبل عليها الناس في رمضان وتشكل علامة مميزة للطبخ التطواني لدى غالبية المغاربة.
وارتبطت موائد ساكنة تطوان وخاصة في الأحياء الشعبية منها بالعديد من الحلويات التقليدية التي تتفنن أيادي التطوانيات في تشكيلها، وتزيد "صنعة" الطهي على الأفران التقليدية هذه الحلويات لذة وجمالا.
فساكنة تطوان كانت دائما تقبل على الفرارين التقليدية لطهي "خبز رمضان" ومختلف الحلويات التي تزين موائدها.
لكن يبدو أن الفران التقليدي لم يعد يغري السيدات التطوانيات في السنوات الأخيرة؛ فمع التطور التكنولوجي وظهور أليات منزلية عصرية لم تعد النساء يغريهن الذهاب إلى "فران الحومة" لطهي الخبز والحلويات.
"بريس تطوان" إلتقت ب "عمي علي" مستخدم سابق بأحد الأفرنة التقليدية بمدينة المضيق؛ يتذكر "عمي علي" صاحب الثمانين عاما، كثيرا من التفاصيل التي ارتبطت في وجدانه داخل أحد الأفران التقليدية بالمدينة في الثمانينات والتسعينات. يوضح "مول الفران" كما كانت تسميه الساكنة أنذاك، الإقبال الكبير للناس على خدمات الفران الشعبي خلال شهر رمضان، وكيف كانت النساء والأطفال يجدن متعة كبيرة في نقل "خبز الدار" إلى الفران عبر "الوصلات" الخشبية. "تراجعت بشكل كبير الخدمات التي كنا نقدمها للناس في السنوات الماضية وخاصة في شهر رمضان، مما اضطرنا لإغلاق الفرن، "يتحدث "عمي علي" بحسرة كبيرة، مضيفا أن ظروفه الصحية أيضا ساهمت في توقفه عن العمل وإغلاقه للفرن.
وإذا كانت العديد من الأفران التقليدية بأحياء مدينة تطوان والنواحي قد أغلقت أبوابها واندثرت معها مهنة تقليدية عرفها الناس بالمنطقة منذ القدم، إلا أن بعض هذه الأفرنة مازالت تقاوم الزمن لعلها تحضى بالاعتبار كعلامة تراثية وجب تثمينها وحفظها للأجيال اللاحقة.