لم يعد مهما معرفة من أصدر الأوامر للحكومة بغية عقد مجلس حكومي استثنائي للاستمرار في الساعة الصيفية طيلة عام كامل، بل سنعلق هذا القرار الفجائي والمرتجل على مشجب الحكومة تجاوزا، حتى لا نحوّر النقاش العام السائد، والمتمثل في تبعات هذا التثبيت الزمني الذي أجج الأوضاع في مختلف البقاع المغربية. "من يزرع الريح يحصد العاصفة"، هو مثل يحاكي ما ستؤول إليه الأمور ما دامت الحكومة متعنتة ولا تصيخ السمع لنبض الشارع ومتطلباته، خصوصا في ما يتعلق بقرار (غرينيتش+1)، المثير لحفيظة المغاربة قاطبة، وعبروا، كل من موقعه، عن رفضهم له لأسباب لا تعد ولا تحصى، ستعود بالشر والأسوأ على الأسر، صحيا ونفسيا. ولعل أشرس من جابه هذا القرار الذي ظل حديث الساعة ولم يكونوا في الحسبان، هم تلاميذ المدارس والإعداديات والثانويات، بإضرابهم عن الدراسة وخروجهم إلى الشارع، في مختلف المدن المغربية، في المركز وكذا الهامش، لتبليغ صوتهم لمن صوتوا بالإجماع على قرار ترسيم الساعة غير القانونية، الحامل لرسالة واحدة ووحيدة: "نرفض التوقيت الصيفي". لن نختلف في إدانة الفوضى التي سببوها من تخريب وتكسير للممتلكات العامة والخاصة، ولن نختلف أيضا في شجب استعمال الأمن لهراواته وعصيه في مواجهة التلاميذ اليافعين، وخصوصا التلميذات، مثلما بينت صورة منتشرة على نطاق واسع بمنصات التواصل الاجتماعي، لتلميذة وهي عائمة في الدماء، في مشهد يسائل الآمر بالتدخل العنيف في حق أبناء المغاربة المحتجين. وما دامت الحكومة متعنتة في قراراتها الغريبة والمثيرة لحفيظة المغاربة وللجدل على حد سواء، ومتحدية إرادة كل أطياف الشعب المغربي، فإن التلاميذ، للأسف، يضيع منهم الزمن الدراسي وتضيع منهم حصص ثمينة، لن يحسوا بجدواها إلا لاحقا، بالنسبة إلى من سيتمون تعليمهم الجامعي، لإصرارهم على الاحتجاج إلى حين إسقاط الساعة الصيفية بمباركة أولياء أمورهم من آباء وأمهات، وبمساندة بعض الأساتذة الرافضين هم أيضا للتوقيت الحكومي. ولا ندري إلى أين سينتهي هذا الغضب وهذا "الطوفان التلاميذي"، أمام تمادي الحكومة في نهج سياسة الآذان الصماء تجاه مطالب الشعب، وهذا التجاهل يفتح باب التكهنات والسيناريوهات حول الخطوات المقبلة على مصراعيه. وبالتالي على الحكومة التحرك بأقصى سرعة؛ أولا استجابة لطلب الأسر المغربية برمتها، ثانيا لإنقاذ الزمن المدرسي الذي يهدر وسيكون التلاميذ لا محالة، خاصة بالمدرسة العمومية، هم ضحيته عاجلا أم آجلا، لاسيما وأن الدورة الأولى أوشكت على الانتهاء، وأن الامتحانات على الأبواب. لتبقى آخر وجهة يلجأ إليها المغاربة لحلحلة هذا الملف الذي أرّق بال الجميع منذ صبيحة الجمعة 26 أكتوبر المنصرم، مادامت الحكومة غير آبهة لنداءات المجتمع؛ هي ملك البلاد، أملا في الاستجابة لتوسل وطلب المغاربة، قبل أن تعج "الكوميساريات" والمحاكم والسجون، مجانا، بمعتقلين قُصر، تهمتهم الوحيدة أن حناجرهم صدحت بشعارات مناوئة لقرار الحكومة المعلوم، الذي نزل كالصاعقة على المغاربة، بعدما كانوا تواقين إلى التخلص منه صبيحة الأحد 28 أكتوبر لما يسببه لهم من إرباك وتوتر.