محكمة تنتصر لصحة المواطنين وتقضي بإزالة هوائيات شركات الاتصالات
"يجب على ملاك المحلات المضرة بالصحة أو الخطرة أو المقلقة للراحة اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحفاظ على البيئة والحيلولة دون الإضرار بأي أحد، وللجيران أن يطالبوا بإزالة أضرار الجوار التي تتجاوز الحد المألوف، ولا يحول ترخيص السلطات المختصة دون استعمال الحق في إزالة الأضرار". اعتمادا على مقتضيات من مدونة الحقوق العينية وغيرها، أصدرت محكمة الاستئناف بمدينة تطوان قرارا غير مسبوق، يقضي بتأييد حكم ابتدائي لصالح سكان أحد أحياء مدينة شفشاون بإزالة هوائي تابع لشركة اتصالات المغرب.
موقع “المفكرة القانونية” وفي تقرير مفصل عن الموضوع، قال إن “القضية تعكس تطورا في فكرة التقاضي في مجال الحقوق الاجتماعية بالمغرب ولا سيما الحق في الصحة، كما أن القرار الصادر عن محكمة الاستئناف كرس النظرية الحديثة في إعمال مبدأ الحيطة والحذر، حيث بنت المحكمة موقفها اعتمادا على عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية”.
ووفق نفس المصدر فإن مبدأ الحيطة يقوم على وجوب تبني إجراءات تحوطية لحماية البيئة والصحة العامة، مشيرا إلى أن غياب اليقين العلمي لا يمكن أن يحتج به في عدم اتخاذ اجراءات لمواجهة خطر قد يؤدي إلى أضرار جسيمة لا يمكن معالجتها، تطبيق مبدأ الحيطة والحذر يتجاوز النظرية التقليدية لقواعد الإثبات القائلة بضرورة انتظار الحصول على الحقائق العلمية والبراهين التي تؤكد علاقة السببية بين الضرر والنشاط المسبب له، إلى ضرورة الاحتياط من تلك المخاطر التي قد لا تظهر آثارها إلا متأخرة وتقدير عواقبها التي قد تكون معالجتها مستحيلة أو مكلفة للغاية. المفكرة القانونية أفادت أن القضية تعود ل 24 أكتوبر 2016، حيث رفع سكان حي بشفشاون دعوى قضائية اعتراضا على تركيب شركة اتصالات المغرب هوائي اتصالات على سطح أحد المنازل المجاورة لحيهم، مؤكدين أن الجهاز يصدر إشعاعات مغناطيسية تتسبب في إحداث أضرار بليغة على صحة المواطنين، وطالبوا برفع الضرر من خلال إيقاف تركيب الجهاز اللاقط الخاص بالهاتف النقال وتفكيك الجزء الذي تم تركيبه. ويُرتقب أن يفتح هذا الحكم الباب أمام كافة المتضررين من الهوائيات التي تركب وسط أحياء سكنية في عدد من المدن المغربية، من أجل الدفاع عن مصالحهم وصحتهم أمام المحاكم المغربية، وإجبار الشركات على تفكيك هذه الهوائيات ونقلها إلى أماكن لا تشكل ضررا على المواطنين.