ضمن مشروع "صندوق النساء من أجل المساواة بدون تحفظ"، الممول من الوكالة الكطلانية للتعاون والتنمية، صدر حديثا عن منشورات اتحاد العمل النسائي، فرع مرتيل/ تطوان ديوان "زرقاء اليمامة.. شاعرات قادمات من المستقبل"، وهو يضم قصائد لعشر شاعرات يمثلن أصواتا جديدة في مغربنا الشعري المعاصر. لعل أولى دلائل هذه المعاصرة الحضور السخي للأصوات الشعرية النسائية، بعدما كان الأمر يكاد يقتصر على حالات معدودة ومعزولة، في زمن هيمنت فيه ولا تزال ثقافة ذكورية ينتجها الرجال حول النساء وحول الرجال أنفسهم. وقد ضم هذا الكتاب قصائد لكل من ابتسام البخاري وابتسام الحمري وأسماء إد علي أوبيهي وحنان الفرجاني وسارة بن حرة وسامية الصيباري ومريم كرودي ومنى عبد السلام لعرج وندى حجاري ونوال الشريف. بينما جرى الترتيب الألفبائي للشاعرات المشاركات في هذه الأنطولوجيا وفق أسمائهن الشخصية اعترافا بفرديتهن في الحياة، وفرادة تجربتهن في الإبداع. هن شاعرات قادمات من المستقبل، يأتين، هذه المرة، من خارج دائرة الأسماء المكرسة، والحال أنهن شاعرات متحررات من المكرس ومن الموروث والتقليد، متوجهات نحو الأجمل والجديد. ونحن نطالع هذه الأنطولوجيا النوعية ندرك يقينا أن كل شاعرة من الشاعرات المشاركات معنا إنما تحمل نظرة متحدية متطلعة إلى الآتي، ورؤية تعانق المجهول والمأمول، لعلها رؤية "زرقاء اليمامة"، تلك المرأة العربية (الأسطورية) التي كانت تبصر الجيوش القادمة لمحاربة أهلها قبل ثلاثة أيام، وكذلك كان… فكانت صاحبة رؤية ورؤيا، وهي الرؤيا المتوقعة من الشاعرة والشاعر. وقد استلهم المتنبي عبقرية وبَصَرِيَّةَ اليمامة ونبوءتها، وهو يردد: وأَبصر من زرقاء جو لأنني / إذا نظرت عيناي ساواهما علمي ولأن النساء عانين من قسوة الماضي وسطوة أحكامه الجائرة في حقهن، والمصادرة لحريتهن وكرامتهن، فقد آثرنا أن نتوجه إلى المستقبل، في مهمة اكتشاف أصوات شعرية نسائية جديدة والإنصات إلى هذه الأصوات وإلى أنينها الشجي وتمردها القوي في وجه التمثلات السائدة والتصورات البائدة. وكلنا يقين في أن الشعر هو من أسمى التعبيرات التي تقدم لنا البوح النسوي والإنساني في أرقى تجلياته، وتجهر بالعمق الإنساني وصرخاته، لا فرق في ذلك بين الجنسين، ولا ميز بين الاثنين. لعل الشعر يعلمنا، ضمن هذا المشروع الإنساني الطموح، فضيلة الإنصات للنساء، والإصغاء إلى الشاعرات كما الشعراء. والحال أننا أمام أول أنطولوجيا (موضوعاتية) مغربية خاصة بالشاعرات، موقعة بأسمائهن وقصائدهن ونظراتهن الساهمة إلى الذات والحياة.