وربما يكون اهتمام ابن زاكور الكبير بهذه الموسيقى هي التي جنت عليه في آخر عهده بمدينة تطوان، حيث تعرض شاعرنا وأديبنا عبد الكريم بن الوزير عبد السلام ابن زاكور إلى نكبة سياسية عام 1179 هجرية حينما زار السلطان محمد بن عبد الله تطوان في هذه السنة، فبسبب وشاية عزله من وظيفة ولم يكتف بذلك بل سجنه وصادر أملاكه، مع أنه كان رفقة شبابه ومن الناشئين في رحاب قصره ومن المؤتمنين على أسراره حينما كان بديوانه. رغم أن جل مؤرخي تطوان شهدوا له الاستقامة والأمانة والزهد والتصوف، ولم تسجل عليه شائبة من تصرفات العمال واستبدادهم. لقد مات رحمه الله بخبرته الواسعة، وعطائه المتميز في علم الموسيقى وخلف لتطوان هذا الرصيد من الشعر، والموشح، والزجل، أبدعه من حبه الصافي لهذه المدينة التي أحبها وأحبته. هذه الأجواء المتقدمة عن حياة تطوان والقريبة من عهد المهاجرين الأندلسيين تعطي الانطباع التام على أن الموسيقى الأندلسية صارت لأزمة للحياة الفنية في هذه المدينة. وظل التوارث لها يسري بين الأجيال إلى جانب الموسيقى المحلية المتأصلة من روح بادية الشمال وناحية تطوان بصفة خاصة ومن القبائل المحيطة بها، يتمازج في تفاعل بين الأصالة والمعاصرة في تلك الفترة. وقد تحدث العالم الفقيه أحمد الرهوني مؤرخ تطوان في الجزاء الأول من كتابه "عمدة الراوين في تاريخ تطاوين" عن الحراكة الغنائية بتطوان في عهدها الغابر بعد القائد ابن زاكور فقال: "أما الغناء في الولائم والأفراح، فهو حرفة أرباب آلات الأوتار". والآلات المستعملة عندنا هي العود، وهو وهو معروف، والكمانجة، وهي معروفة أيضا، والرباب، والطار، هذا هو الغالب. "وهنا من يعني بالقانون والسنطير، والبيانو، وهو نادر جدا". عن "الأجواء الموسيقية بتطوان وأعلامها" لمؤلفه محمد الحبيب الخراز