(تتمة) ويقول عنه الرهوني: إن ابن زاكور كان يجمع حوله الطلبة والمولعين بالموسيقى ويعلمهم نوباتها وأنغامها، ما يدل على أن الرجل كان واسع الإطلاع والمعرفة بأصولها، وكيف لا وقد تعلم ذلك برفقة السلطان سيدي محمد بن عبد الله على يد شيخ الموسيقيين بمكناس السيد الشبلي كما أشرنا، فنقل ذلك إلى تطوان عند تعيينه حاكما عليها، متوليا شؤونها. وتعد فترة حكمه التي قضاها بتطوان وهي تسع سنوات من أعظم فترات الأمن والاستقرار، والفرح والسرور والانبساط التي عاشتها المدينة حتى كانت الموسيقى الأندلسية يتغنى بها النساء والرجال. ولذلك أول الإعلاميين الموسيقيين بتطوان واحد أعمدتها الذين رسخوا قواعدها وأثبتوا أصولها, وأشاعوا ألحانها وأنغامها فظلت متواترة، متواصلة إلى يومنا هذا. أما الفقيه محمد داود فقد أتى بتعريف موسع عن هذه الشخصية العلمية والفنية وأفرد للعالم ابن زاكورة عدة صفحات من إنتاجه الشعري وغيره كما أنه أتى بنماذج مطولة من تأليف تطوان، ووصف الفقيه داود، عبد الكريم ابن زاكور بأنه ذو نفس طويل وقريحة فياضة، إلا انه في قصائده المنظومة في البحور العادية، يتساهل في الموازين ويعض القواعد، ولا يتنكب من العيوب الشعرية ما يجل عنه فحول الشعراء أما موشحاتهه وهي كثيرة ومتنوعة فيها أقرب إلى إجادة والتفنن منه في بقية شعره الذي يقرب في بعض الأحيان من النظم العادي، وأحيانا تسمو معانيه وتلطف تشبيهاته وتبدع محسناته، حتى يكون من أحسن ما صدر من نوابغ الشعراء الغزليين لولا خلل في ميزانه وتكرار في ألفاظه وعامية في عباراته والكمال لله: ويضيف داود بان الرياض والأنهار، والأغصان، والأنوار، والأطياب والأزهار، والمياه،والأطيار والنغمات والأوتار، والوجد والغرام والعشق والهيام، وبكاء الغمام وشجع الحمام ، والصباح والنسيم والمدام والنديم هي ما يله جبه ابن زاكور دائما في قصائده وموشحاته ومعلوم أن فن التوشيح نشا أواخر القرن الثالث الهجري بالأندلس حيث جمال الدنيا ومفاتن الطبيعة وسحر الكوان، وانتقل إلى العالم العربي الإسلامي ودخل المغرب بقوة لقرب الجوار واستيطان الأهل والأحباب. يتبع مقتطف من كتاب الأجواء الموسيقية بتطوان وأعلامها للأستاذ محمد الحبيب الخراز