تأليف: ذ. محمد الحبيب الخراز أنقل إليكم فيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الدكتور محمد العلمي في ندوة (زمزم الجمعية) المنعقدة بدارة زمزم يوم الجمعة 29 محرم 1434ه 14. 12. 2012م. وهي تحتفي بكتاب الصحافة بشمال المغرب من التأسيس إلى الاستقلال لمؤلفه محمد الحبيب الخراز، وهو كتاب حري بطلبة الإعلام والتواصل وغيرهم بالوقوف عليه والاطلاع على تاريخ طويل من الصحافة بمنطقة الشمال من حيث تاسيس القواعد ومعرفة الأهداف والمضامين لتلك الصحافة، وهذا نصها: خلال قراءتي لهذا الكتاب، الذي أشكر بالمناسبة مؤلفه الأستاذ النقيب محمد الحبيب الخراز على إهدائه إياي نسخة منه، استوقفتني فيه معطيات جديرة بالإبراز وتعزيزها بما يعضدها من مواد مبثوثة في ثناياه. وإيثارا للاختصار المركز المناسب لمقام ندوة زمزم(الجمعية)، فضلت أن تكون هذه المداخلة عبارة عن عناوين تنير جوانب في الكتاب جديرة بالتأمل والتحليل، علاوة على كونها دالة على غنى مضمونه. أخبار الشعر والشعراء في الكتاب: زخر الكتاب بمادة قيمة في هذا المجال، أذكر منها ما يلي: 1. حلول الشاعر فريديريكو غرسيا لوركا بتطوان يوم 26. 12. 1931 وانتقاله إلى مدن القصر الكبير فالعرائش فشفشاون.(ص. 169 170) 2.إشارة إلى أن الشاعر الراحل عبد الواحد أخريف كان من محرري جريدة "النهار" في شقها العربي. (ص. 189) 3. احتفاء الفئة المثقفة بصدور مجلة "السلام" الأمر الذي تجلى في عدة قصائد، منها قصيدة (في رياض الشعر) للشاعر عبد المالك البلغيتي. وهي تعد من أولى القصائد في مدح ظهور الصحافة المغربية الوطنية (السلام) و(لسان الشعب) و(مجلة مغرب). ومنها أقتطف الأبيات الآتية: ...بزغتْ كشمس في سماء صحافة هتف الجميع لها بطيب سلام ...برزت تجدد للعروبة بيننا عصرا بمختلف المعارف سامي ...قد أُعطيت لقب(السلام) لذا غدت فرضا تحيتها على الأنام (ص. 224) 4. تصدير مقال للأستاذ محمد بنونة نشره في جريدة (الحياة) سنة 1934 خصصه لموضوع الجواسيس بالبيت الشعري الآتي: إن يسمعوا الخير أخفوه وإن سمعوا شرا أذاعوا وإن لم يسمعوا كذبوا (ص. 231) 5. الإشارة إلى أن ظهور الشاعر أبي بكر حسن اللمتوني كان لأول مرة عبر صفحات مجلة (الأنيس) سنة 1946 بقصيدة (الخل الوفي)، مطلعها: ما كان من حرق قد عاد يحكيها لخله المرتجي عونا وترفيها (ص. 293) 6. فتح جريدة (النهار) صفحاتها لفضح "سرقات شعرية" اقتنصها الأستاذ محمد العربي الخطابي وضمنها مقالا له بعنوان: أسرقة أم توارد خواطر؟! (ص. 298 ) 7. توثيق مشاركة الشاعر فثينطي ألكسندري الحائز على جائزة نوبل لاحقا في مجلة (المعتمد) بمقال أدبي؛ هو عبارة عن رسالة موجهة إلى ترينا ميركادير مؤسسة المجلة. (ص. 305) 8. حمل صورة غلاف العدد الأول من مجلة (النصر) ملامح شاعر النيل حافظ إبراهيم مقرونة بثلاثة أبيات من قصيدته في مدح الأسطول العثماني، جاء فيها: أيها الشرقي شمر لا تنم وانفض العجز فإن الجد قاما وامتط العزم جوادا للعلا واجعل الحكمة للعزم زماما وإذا حاولت في الأفق منى فاركب البرق ولا ترض الغماما (ص. 351) 9. الإشارة إلى أن هجاء الشاعر أحمد البلغيتي لجريدة (الفجر) سنة 1909 ببيتين كانا سببا في منعها من الصور؛ وفيهما قال: أقول مقال فتى عارف يجاهر بالحق عن ملء فيه إذا طلع الفجر من مغرب فقرب القيامة لا شك فيه (ص. 441) الصحافة الإسرائيلية: وردت في الكتاب معلومات كثيرة همت مضامين هذه الصحافة والجهات الممولة لها، وأهدافها. ومن أسماء هذه الصحف نذكر: 1. كول إسرائيل (1891 1941) لصاحبها سلمون بن حيون، وكانت بالعربية لكنها مكتوبة بحروف عبرية. 2. صحوة المغرب (1883 1912) لصاحبها ليفي كوهين. كانت تصدر بالفرنسية، وتنهض بالدعاية للحركة الصهيونية في العالم. 3. نهضة إسرائيل (1924 1933) لصاحبها أ.أ بيرل. كانت تصدر بالإسبانية، وتدعو لقيام دولة إسرائيل، وتحث على جمع التبرعات لذلك. 4. هيرالدو المغرب (1925 1932) لصاحبها مانويل أورتيكا. كانت تصدر بثلاث لغات: الفرنسية والإسبانية والعربية. وكانت تعد جريدة يهودية بامتياز. 5. كول هنوهار (1928) أشرف عليها فريق من الشباب اليهود باسم الاتحاد العالمي لشباب الهيئة اليهودية فرع طنجة. كانت تصدر في أوراق صفراء. 6. إلى الأمام (1929 1931/ 1932) كانت تصدر بالإسبانية، وهي استمرار لما قبلها بنفس أيديولوجي صهيوني. 7.البوتقة اليهودية (1931) كانت تصدر بالإسبانية، بتعزيز من المنظمات اليهودية العالمية. الأوائل: حفل الكتاب بأسماء رجال من عالم الصحافة كان لهم فضل السبق في مجال عملهم، ومن هؤلاء نذكر: 1. أول صحافية مغربية إسبانية ولدت بتطوان اسمها ماريا تيريزا كامبوس. 2. أول صحافي مغربي عربيا وإفريقيا هو الحاج محمد الصفار. 3.أول صحافي مغربي محترف على صعيد المغرب العربي هو الأستاذ محمد العربي الخطيب، رئيس تحرير جريدة (الإصلاح). 4.أول صحافي مغربي وجه رسالة مفتوحة إلى الملك محمد الخامس سنة 1934 تلتمس منه الإعلان عن منح الأمة المغربية حرية الاجتماع والنشر وتأليف الجمعيات والأحزاب القانونية في المغرب، هو الأستاذ محمد داود في العدد: 6 من مجلة (السلام) بتاريخ فاتح مارس 1934. 5. أول صحافي مغربي تعرض لاعتداء جسدي هو عبد السلام بن جلون من أسرة تحرير (الحياة)، وكان ذلك سنة 1935 على يد محتسب المدينة. 6. أول مغربي باع الصحف المحمولة باليد هو محمد كاكا في مدينة طنجة. 7.أول مغربي استورد مطبعة ذات حجم كبير هو حسن قصارة سنة 1947. مجلات خطية غدت مطبعية: وثق الكتاب أسماء هذه المجلات ومؤسسيها، فذكر منها: 1.مجلة (أفكار الشباب) ومجلة (الحديقة) للفقيه الشيخ محمد بوخبزة. 2. مجلة (شعاع الضمير) لصاحبيها محمد مولاطو وعبد الواحد أخريف. 3.مجلة (النبراس) لصاحبها أحمد بلقات. 4.مجلة (النهضة) لطاقمها عبد الواحد الشاط وأحمد البوطي وعبد السلام العزيز. مشاريع بحثية: لم تفت مؤلف الكتاب، في غمرة إيراده معلومات عن الصحافة الصادرة في المنطقة الشمالية، الإشارة إلى مشاريع بحثية ينهض بها الأكاديميون وأهل الاختصاص، ومن هذه المشاريع نذكر: 1.التاريخ النضالي للمقاومة المغربية من خلال بائعي الصحف. 2. الصحافة الإسرائيلية في المنطقة الشمالية. 3. النشاط الفرانسيسكاني بالمغرب. خاتمة: وبعد؛ فإن هذا العمل يشهد لصاحبه بالصبر على البحث من جهة، ودقة التنقيب على المعلومة من جهة أخرى، وهما من سمات الصحافي الحريص على الإمتاع والإفادة. والأستاذ محمد الحبيب الخراز بما صدر له حتى اليوم؛ علاوة على كونه نقيبا سابقا في المجال القانوني، فهو منقب بارع في الوثائق المتعلقة بالتاريخ الثقافي للمنطقة الشمالية عامة، وتطوان خاصة. ولا غرابة في هذا الاهتمام لديه؛ فهو منذ مرحلة الدراسة في ثانوية القاضي عياض كان مراسلا لجريدة (العلم). وهذا الاهتمام بالبحث والاشتغال بالعلم أعاداني إلى ما سبق أن دونته من رسالة العالم الفذ الفقيه ابن حزم رحمه الله في رسالته (في مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق والزهد في الرذائل) حيث قال: (( لو لم يكن من فائدة العلم والاشتغال به إلا أنه يقطع المشتغل به عن الوساويس المضنية ومطارح الآمال التي لا تفيد غير الهم وكفاية الأفكار المؤلمة للنفس، لكان ذلك أعظم داع إليه.)) [رسائل ابن حزم. تحقيق: د. إحسان عباس، ج 1 ص 343 ] هنيئا لك بهذا المولود، وهنيئا لك بهذه المنقبة في هذا المجلس العلمي الزاهر؛ دام زاهرا براعيه فضيلة أستاذنا د. حسن الوراكلي حفظه الله، ودام مزهرا بكافة رواده من أهل العلم وعشاق البحث العلمي الهادف. والحمد لله رب العالمين. متابعة : يوسف الحزيمري