كتب عبد اللطيف الخطيب في شتى المجالات الثقافية، كما ترجم العديد من النصوص الإبداعية، والمقالات الأدبية، والعلمية، والاجتماعية والسياسية والقانونية، والأبحاث والدراسات التاريخية واللغوية... بلغته العربية الأنيقة، وبلغتين كان يتقنهما إتقانا عميقا: الإسبانية والفرنسية، اللتين عن طريقهما نقل الكثير من أعمال كبار المفكرين والمبدعين العالميين. ومن أهم الجرائد والصحف التي سطع بين صفحاتها اسمه، وتألق فيها حضور قلمه: جريدة "الأمة" التي حلت سنة 1952 محل جريدة "الحرية" لسان حزب الإصلاح الوطني[1]، وجريدة العلم، ويومية إفريقيا، وإسبانيا. وقبل ذلك كان لعبد اللطيف حضور لافت في مجلات: الأنوار، والمعتمد، وكتامة[2]، ثم لاحقا في مجلات: تطوان، ودعوة الحق، والمناهل، والثقافة المغربية، ومنابر إسبانية مختلفة... اهتم عبد اللطيف الخطيب وهو شاب، بالأدب الإسباني، فضلا عن اهتمامه بالأدب العربي، فشغفته أعمال نوابغه الراحلين والمعاصرين له. وهكذا كتب عن: Miguel de Cervantes – Azorin – Pio Baroja – José Ortega Y Gasset – Antonio Buero Vallejo – Camilo José Cela.... وكان أقربهم إلى ذوقه، وأحبهم إلى نفسه، صاحب جائزة نوبل للآداب لسنة 1922 Jacinto Benavente الذي، خصه بمقالات عديدة: "خاثينطو أمير المسرح"، و"خاثينطو ومؤلفاته"، و"نصائح وتأملات وكلام". هذه المقالة الأخيرة تُعَبِّرُ عن نماذج مختلفة من أفكار وآراء الكاتب العملاق الإسباني، حَرِصَ عبد اللطيف على تقديمها لقراء مجلة "الأنوار" بمناسبة وفاته سنة 1954، لإعجابه الشديد بها وبجميع تآليف خاثينطو بنافنطي الأدبية ومن بينها 170 نصا مسرحيا، مُكنّا له فوق ذلك تقديرا خالصا، ومُكْبِرا الصداقة النبيلة التي تربطهما، جاعلا مرتبته في مقدمة الكواكب الأدبية الإسبانية الكبرى، يقول في مقال عنوانه: "نظرة في الأدب الإسباني المعاصر: «...إن الأفق الأدبي بإسبانيا في الوقت الحاضر غاصٌّ بنجوم عديدة تتفاوت أجرامها وقدرتها على الإشعاع والضياء.
وإذا كان خاثينطو بنافنطي الذي أحرزت مسرحيته "المصالح المستحدثة" على جائزة نوبل منذ تسعة وعشرين عاما، هو بمثابة الشمس في سماء الأدب الإسباني اليوم؛ ومتى علمنا أن النجوم وحتى كبرياتها، لا تستقيم رؤيتها بحال في الوقت الذي يرسل فيه الكوكب النهاري نوره، سهل على القارئ تعرف السر الذي دفعنا إلى إفراد البحوث المطولة عن بنافنطي في أعداد سالفة، لكي نتفرغ فيما بعد إلى دراسة تلك النجوم مبتدئين بأعظمها جرما وأكثرها وميضا "بيو باروخا"»[3]. ومما ترجمه الخطيب لخاثينطو مسرحية كوميدية في فصل واحد بعنوان "في خدمة صاحبة الجلالة الإمبراطورة"، نشرتها مجلة "الأنوار" العدد 22 سنة 1951. وكتب باهتمام بالغ أيضا عن مسرح هنريك إبسن Henrik Ibsen النرويجي الفائز بنوبل لسنة 1905، الذي كان يسعى إلى جعل المسرح مدرسة قبل أن يكون وسيلة للتسلية. ونقل إلينا الحروب المغربية البرتغالية في المسرح الإسباني من خلال ما قدمه الكاتب المسرحي الكبير بيدرو كالديرون Pedro Calderón de la Barca، واصفا المغاربة بالإقدام والشجاعة، كما جاء على لسان "ضون خوان" إحدى شخصيات مسرحه: «إنهم آتون من جهة فاس، وهم يشبهون الطيور، حتى إنهم لا يكادون يمسون الأرض لسرعتهم، كما أن الإعصار لا يصدهم عن عدوهم، بل إن الأرض والهواء لا يعرفان ما إذا كانوا يعدون أو يطيرون». وإذا كان الأستاذ عبد الخالق الطريس قد تعلقت نفسه بالأديب الإسباني الشهير بيثنطي بلاسكو إيبانيث Vicente Blasco Ibañez، وألقى محاضرة عن أدبه بمسرح إسبانيول بتطوان في الرابع والعشرين من شهر فبراير عام 1933، فقد أعجب بهذا الأديب أيضا تلميذه النجيب عبد اللطيف الخطيب، وقام بترجمة مجموعة من قصصه القصيرة إلى اللغة العربية، منها: "الترف"، و"طفيلي القطار"، و"عصفور بحجر واحد" و"انتقام مغربي"، و"المانيكان أو النماذج"، و"النملة والصرصور"... وجل هذه الترجمات الأدبية أو الفكرية منشورة بمجلة الأنوار التي كانت تصدر بتطوان ما بين 1946 و1954، بإشراف مديرها المؤسس الأستاذ المرحوم أحمد مدينة. ويذكر المرحوم محمد الصباغ رفيقه الفارس عبد اللطيف الخطيب في حديثه عن مجلة الأنوار أنه: «رفع منبره فيها شامخا بأعماله المتميزة بألوان صورها المتألقة». لم تقتصر ميول عبد اللطيف الخطيب على ترجمة المسرح والقصة، بل امتد نهمه إلى ترجمة القصائد الشعرية العظيمة، خاصة لكبار شعراء إسبانيا المعاصرين نذكر منهم: "إنريكي أزكواكا" Enrique Azcoaga في قصيدته "صبح الخشوع الوضاء"، وقصيدة: "الزمن ولد الموت" للشاعر "كارليس ريبا" Carles Riba.
ويعد هذا الأخير من أكبر شعراء إقليمكاطالونيا. ونشر عبد اللطيف بمناسبة وفاته قصيدته المترجمة إلى العربية بمجلة كتامة. كما ترجم قصيدة "السحب" للشاعر الكبير José Hierro...يتبع
[1] - كانت جريدة "الأمة" تصدر كل يوم جمعة بمدينة تطوان ابتداء من فاتح ماي 1952، وتوقفت سنة 1956 (شهر دجنبر). [2] - كتامة: ملحق أدبي لمجلة تمودة الصادرة بتطوان. [3] - الأنوار، العدد 25 عام 1951.