كانت قرية بيوت القريبة من غابة بليونش هادئة، وكان رجل يمشي على الطريق حاملاً دلوَين من المياه بيديه.
الحانوت الذي يقصده المهاجرون الأفارقة كان مغلقاً، ربّما بسبب الرياح القوية. "هل يأتي مهاجرون أفارقة إلى القرية؟". يجيب الرجل "نعم، يشترون ما يحتاجونه من الحانوت ويذهبون"، و"هل يزعجكم حضورهم في شوارعكم؟"، يقول "كلا؛ هم لا يأتون بهدف أذيتنا، وإذا طلبوا المساعدة، نستجيب قدر الإمكان". بعد قليل، بدأ مهاجرون أفارقة يظهرون في الشارع، وقد جلس بعضهم على حافة الرصيف. علي الباري الآتي من غينيا، كان راغباً في الحديث عن تجربته في العيش في غابة بليونش، في انتظار إمكانية العبور إلى سبتة. لكن، ما إن سمع بأنّ قافلة غذائيّة وطبية وصلت من أجل المهاجرين الشباب، توجه صوبها إذ إنّ الجوع والبرد في تلك المنطقة الجبليّة لا يُحتملان. هي تقع على مقربة من جبل موسى الذي يرتفع عن سطح البحر 821 متراً. من جهتها، تبدو الحاجة فاطمة من قرية بيوت، حاسمة "لا يمكن الوثوق بالمهاجرين؛ نحن نخاف على الأطفال والنساء منهم".
وعند سؤالها "ممّا تخافين تحديداً"؟ تجيب "ربّما يقتلونني ويصطحبون الأطفال إلى أماكن بعيدة"، لافتة إلى أنّ السلطات تلاحقهم على الدوام. و"هل تساعدونهم في حال طلبوا ذلك؟"، تقول "لا يعملون في القرية. كيف نساعدهم؟ هم يأتون و يملأون أوعية المياه من العين، لكنّنا نخاف من الأمراض التي تأتي معهم". أمّا عثمان ورشيد، وهما من قرية عين الجين، فيقولان إنّ "هؤلاء الكُحل (أي ذوي البشرة السوداء) يمثّلون خطراً علينا، ولا يمكن لأحد أن يمشي وحيداً على الطريق".
و أضاف أنّه "في عام 2014، اعتدى أحدهم على امرأة في قرية إمزارن، نحن لا نثق بهم ولا نرحب بوجودهم ونرغب في أن يخرجوا من المنطقة، نراهم منذ ولدنا".
و اللافت أنّه لدى سؤالهما عن طبيعة تعاملهما مع المهاجرين، يجيبان "نساعدهم في حال طلبوا ذلك". أيادٍ متضامنة تزامناً مع لقاء "العربي الجديد" السكّان المغاربة المحليّين القريبين من غابة بليونش، كانت جمعيّة "الأيادي المتضامنة" قد بدأت حملة طبيّة وغذائية للمهاجرين الذين يعيشون في الغابة. لكن بعد ساعات، منعهم قائد المنطقة من مواصلة عملهم، الأمر الذي استنكره المتطوّعون ومنظمّو الحملة. في هذا السياق، تقول منسّقة الإعلام والتواصل في الجمعية، شيرين الحبّوني "نظّمنا حملتين لمساعدة المهاجرين في غابة بليونش، وقد منعنا من العمل".
وتشير خلال حديثها ل "العربي الجديد" إلى أنّ "قائد المنطقة وصف الأمر بالفوضى، ومنعنا من إتمام مهمّتنا من دون سبب واضح، على الرغم من أنّنا التزمنا بالإجراءات القانونيّة".
يُذكر أنّ "الأيادي المتضامنة" هي الجمعيّة الوحيدة في منطقة شمال المغرب، التي تنشط في مجال مساعدة المهاجرين، وتقدّم الاستشارة القانونيّة لهم بهدف تسوية أوضاعهم، بالإضافة إلى الخدمات الطبية.