كشف تقرير أنجز من طرف فريق طبي مكون من أربعة أطباء، يوم الاثنين الماضي، أن أغلب المهاجرين الذين يعيشون بغابة وأحراش بليونش، المحاذية لمدينة سبتة يعانون من آلام المفاصل والأسنان نتيجة للبرد القارس، وقلة الملابس والأغطية. كما يعاني البعض الآخر من أمراض متعلقة بالجهاز الهضمي بسبب سوء التغذية، أكثرها الإمساك والدودة الشريطية. وسجل الفريق الطبي أيضا خلال زيارة قامت بها الجمعية المغربية لإدماج المهاجرين المتمركزة بمدينة مالقة الإسبانية، وجمعية الأيادي المتضامنة أن بعض الأمراض الجلدية مردها إلى قلة النظافة وظروف العيش بالغابة، مشيرا إلى أن الغابة تأوي حاليا حوالي 411 مهاجرا غير شرعي متحدرين من بلدان مختلفة يتمركزون في أربع نقاط أو تجمعات؛ وهي، تمركز الماليين، والسنغاليين والغامبيين والغابونيين. ونبهت الجمعيتان إلى أن المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، يقضون يومهم على حافة الطريق الرابطة بين الفنيدق والقصر الصغير، على بعد كيلومترات قليلة من الحدود، يقتاتون عن طريق صدقات عابري تلك الطريق وبعض سكان المنطقة، حيث يعتبر هدفهم الأول والجوهري هو اجتياز السياج الحدودي من أجل الهجرة نحو أوربا، فيما يبقى مشكلهم الأساسي حسب قولهم هو مطاردة قوات الأمن المغربية وخاصة القوات المساعدة التي تتعقبهم للتقليص من تحركاتهم والضغط عليهم لمغادرة المنطقة، وكذا التعنيف الذي يتعرضون له من طرف هذا الجهاز في أحيان أخرى. التقرير الطبي الذي يعتبر الأول من نوعه خلال هذه السنة بخصوص الوضعية المأساوية لعيش المهاجرين الأفارقة بين أحراش وكهوف غابة بليونش وجبل موسى، جاء في إطار حملة إنسانية نظمتها جمعية الأيادي المتضامنة والجمعية الإسبانية لإدماج المهاجرين، حيث تم إخضاع المهاجرين لفحص طبي، كما قدمت لهم مواد غذائية، وملابس وأغطية، وأدوية وبعض مستلزمات النظافة. وصدر التقرير الطبي قبل ثلاثة أيام من إعلان الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي أضريس، عن عزم السلطات العمومية محاربة الهجرة غير الشرعية، التي تجد لها موطنا ببعض الأماكن المجاورة لمدينتي سبتة ومليلية، وقال أضريس خلال ندوة تطرق فيها إلى ملف ووضعية المهاجرين إن السلطات العمومية قامت خلال السنة الماضية بتفكيك 105 عصابة، وأنها ستواصل حربها بلا هوادة في هذا الإطار ضد كل من يساهم، من قريب أو بعيد، في تنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية سواء للمواطنين المغاربة أو الأجانب، مضيفا أن، السلطات العمومية لن تسمح مستقبلا بأي تجمعات غير قانونية كتلك التي توجد ببعض الأماكن المجاورة لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، حيث ستعمل السلطات على تفكيكها. من جهتها وفي محاولة لإرغام السلطات على تفكيك المراكز التي يوجد بها المهاجرون الأفارقة بالحدود مع سبتة، انطلقت وسائل الإعلام المحلية بهذه المدينة للتنبيه إلى وجود أكثر من 1400 مهاجر غير شرعي، وهو رقم مبالغ فيه مقارنة مع التقرير الصادر عن الجمعيتين المعنيتين. وقال حقوقيون للجريدة إن مأساة المهاجرين الأفارقة خلال موجة البرد القارس التي تعيشها المنطقة والتساقطات المطرية الغزيرة بالمناطق لمدينة القصر الصغير أو «بليونش» لا يمكن تخيلها ابتداء من الظروف اللا إنسانية الصعبة التي يعيشونها وقلة الماء الصالح للشرب، وندرة الطعام، والغطاء وانتهاء بتغيير أماكنهم كل يومين تفاديا لرصدهم، مع ما يتطلبه ذلك من حمل لبعض أمتعتهم وتثبيت خيام بلاستيكية في كل مرة يغيرون فيها ملجأهم. فمنذ فترة بدأت السلطات العمومية في تمشيط غابات بليونش، «لقد حطموا كل شيء، ولكنهم لن يستطيعوا تحطيم آمالنا»، يقول مهاجر من ساحل العاج. فأغلب الموجودين اليوم في هذه المخيمات الصغيرة هم من الذين سبق ترحيلهم، لكنهم عادوا مرة أخرى إلى المنطقة من جديد.