أطلق عليها المهاجرون الأفارقة "ماما حاجة"، وهي طبيبة مغربية تدعى رجاء مرسو، تنشط في جمعية "الأيادي المتضامنة" في مدينة تطوان بشمال المغرب. أظهر فيديو نشر على الإنترنت حب المهاجرين لها لما قدمته وتقدمه برفقة جمعيتها، التي تشغل فيها مهمة نائبة الرئيس، العديد من الخدمات بما فيها تلك المتعلقة بالصحة. بدأت رجاء مرسو نشاطها في العمل الجمعوي لصالح المهاجرين في 2014. لم تكن تتصور أن العلاقة مع هذه الشريحة ستتبلور يوما إلى "حكاية حب"، تتحدث عنها الصحافة المغربية عقب أن ورد اسمها في فيديو على لسان مهاجرين أفارقة، حيث غمروها بسيل من التشكرات، إثر اجتيازهم للسياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا وتمكنهم من الدخول إلى سبتة. يفضل هؤلاء المهاجرون مناداتها ب"ماما حاجة" كما أظهر الفيديو الذي انتشر على الإنترنت بشكل واسع. وتعلق رجاء على ذلك بابتسامة اعتزاز بما تقوم به من أجل هؤلاء، أن المهاجرين "يعترفون بالجميل، والكثير منهم يتصلون بي من بلدان أوروبية ويقولون لي لن ننسى فضلك علينا، ماما يطلقونها على أي امرأة تقدم تساعد الآخرين، ورجاء عسيرة على النطق، لذلك ينادونني بماما حاجة"، وليس للتسمية أي بعد ديني. + إصرار على مواصلة العمل الإنساني لصالح المهاجرين العمل الإنساني في مجال الهجرة بالنسبة للمرأة "ليس بالسهل"، تؤكد رجاء، لأنها تكون مجبرة للخروج إلى الغابة والأماكن النائية، والاصطدام في الكثير من الحالات مع رجال السلطة. والبعض من معارفها يحاولون أن ينبهونها على طريقتهم، كأن يقولون لها "رد بالك"، أي انتبهي قد تعرضين نفسك للخطر. لكنها تصر في المقابل على أنها، "مادامت قادرة على العطاء في هذا المجال فسوف لن تتوقف، ولن تفكر في ذلك أبدا". يبدو ظاهريا أنه من الصعب جدا ترتيب حياة طبيبة بين العمل والأسرة، فهي أم لابنتين، إضافة إلى عملها الإنساني، إلا أن الحديث معها يكشف العكس، ويوضح أنها توفق بين الثلاثة دون أية مشاكل. سندها في ذلك زوجها، "الذي يدعمها والوالدان أيضا"، كما أنها تشرك بطريقة غير مباشرة ابنتيها في عملها الإنساني، حيث تأخذهما معها إلى الجمعية، وفي كل مناسبة تشاهدان فيها أحد المهاجرين الأفارقة تعتبرانه من "أصدقاء ماما". وعن أهم الأسباب التي دفعتها إلى الانخراط في العمل الجمعوي لفائدة المهاجرين في غابة بليونش بمنطقة تطوان، تقول رجاء ل"مهاجر نيوز" إنهم "لا يتوفرون على أبسط الحاجيات، وهناك مرضى يحتاجون إلى الأدوية"، كما أن ميولها إلى العمل الإنساني تلخصه في بعض العبارات، توضح فيها تعاطفها مع الفئات المحتاجة مهما كان انتماؤها. فهي على استعداد لتقديم المساعدة "لأي محتاج بصرف النظر عن لونه أو عرقه أو دينه". +دموع "ماما حاجة" وتنشط "ماما حاجة" في جمعية "الأيادي المتضامنة"، التي يوجد مقرها في تطوان، حيث تقدم خدمات متنوعة للمهاجرين في المنطقة، لاسيما في غابة بليونش القريبة من المدينة المذكورة، والتي يختار المهاجرون الاستقرار فيها رغم الظروف القاسية، بعيدا عن أعين السلطات. وتتوجه رجاء في مناسبات متعددة مع الجمعية للقيام بفحوصات لهؤلاء المهاجرين وتقديم الطعام والألبسة لهم. وتتحدث "ماما حاجة" عن فترات عصيبة قضتها الجمعية في علاقتها مع السلطة، خاصة عندما تم منعها من تقديم الخدمات الطبية في الغابة. "نصبنا الخيمة، وبدأت في تشخيص المرضى المهاجرين، لكن السلطات التي حضرت إلى عين المكان قررت منعنا، بكيت لأنني لم أتمكن من مواصلة عملي الإنساني"، تحكي رجاء بنوع من الألم ذكرى مريرة في تجربتها الجمعوية. +"الأيادي المتضامنة" في خدمة المهاجرين رغم المضايقات التي واجهتها الجمعية من قبل السلطات المحلية، إلا أنه لم يسبق لأي أحد من عناصرها أن تعرض للاعتقال، لكن خطاب البعض من رجال السلطة لا يخلو من العنف والتهديد عند اصطدامها بهم في مهماتها الإنسانية بغابة بليونش، كما تحكي "ماما حاجة". ويتحرك عناصر الجمعية تحت الخوف المستمر من التعرض للمضايقة والاعتقال. "كل مرة نتوجه فيها للغابة نطلب ربي ألا نتعرض للتوقيف"، تقول رجاء. ويتوفر المهاجرون في غابة بليونش عادة على رقم هاتف الجمعية، الذي يمكن الحصول عليه بسهولة من خلال الدخول إلى موقعها على الإنترنت، ويمكن أن يهاتفونها طلبا لخدمات "ماما حاجا" الطبية إن تعرض أحدهم لأي خطر. وقد يتعرض بعضهم لإصابات خطيرة لدى محاولتهم الفاشلة اجتياز السياج الحديدي للمرور إلى سبتة. وتستغرب الطبية رجاء مرسو في الوقت نفسه لقرار السلطات منع علاج المهاجرين كما حدث سابقا، لأن "علاج هؤلاء المهاجرين فيها حماية للمغاربة أيضا"، مشيرة إلى وجود أمراض خطيرة بينهم، يمكن أن تنتقل عدواها بسرعة بين أوساط المواطنين، إضافة إلى أن الجمعية تنشط في إطار قانوني وتنسق مع الوزارة المختصة كما تعمل إلى جانب الاتحاد الأوروبي بخصوص مشروع مشترك.