لماذا تجاهل الملك في خطابه نتائج قيامة الانتخابات وما يأتي من تحالفات ؟– متن الخطاب كان مدافعا عن المواطن من أهوال الإدارة العمومية نعم، لكن في رواية أخرى أو بعد آخر، ليس هذا هو الخطاب المتوقع بعد قيامة الانتخابات التشريعية! أثارني كيف أن الملك وفي افتتاح الدورة البرلمانية وولاية تشريعية جديدة بحكومة جديدة مرتقبة، خص البرلمانيين بسطر واحد و30 ثانية: تهنئة ودعمه للتعددية الحزبية، وانتقل للحديث عن علاقة المواطن بالإدارة العمومية بعد أن مهد لذلك في البداية بكون خطاب البرلمان ليس من المفروض أن يكون محصورا في أشغاله إنما يمكن أن يتضمن رسائل لباقي مسؤولي المؤسسات أو يوجه للشعب. ولا يمكن اعتبار هذا إلا تجاهلا، وهذه قراءتي لهذه 30 ثانية: 1: تهنئة الملك للبرلمانيين الفائزين تعنى أن الملك يقبل بنتائج الانتخابات دون مزايدات ويشتغل في إطار ديمقراطي. 2 : دعم التعددية الحزبية يعني الكثير، يعني دحض كل مزاعم القطبية، أن لا قطبية في المشهد السياسي المغربي، وأن المغرب لن يكون أبدا من الدول التي يستفرد فيها الحزب الواحد بالحكومة والحزب الواحد بالمعارضة. ولن يسمح للعدالة والتنمية بالاستفراد بالمرجعية المحافظة ولا للبام بتزعم المرجعية الحداثية. فكون المخزن خاض بالبام الانتخابات ضد العدالة والتنمية لا يعني أنه كان ينوي بسطه وحيدا في السلطة، إنما كان فقط يحاول ملء فراغ خلفه تشرذم أحزاب اليسار الوحيدة القادرة على إضعاف “الأجندة الإسلامية”.. وهو ديدن المخزن، إذ سبق أن خاض بالإسلاميين أنفسهم الانتخابات لإضعاف الاتحاد الاشتراكي، ثم وفي كل مرة بعد انتهاء المعركة يتم دمج وتقوية باقي الأحزاب التي بقيت في الهامش. المغرب سيعرف دائما تعدد الأحزاب بما يسمح بعدم طغيان مرجعية أو أجندة على المؤسسة الملكية. وذكّر الملك بأن احترامه لهذه التعددية يأتي على أساس وراثي (التي تبناها جده محمد الخامس رحمه الله)، أي أن هذه التعددية هي ضامن استمرار سمو المؤسسة الملكية على كل الباقي في المشهد. 3: التجاهل، والانتقال للحديث عن المواطن والإدارة بعد 30 دقيقة فقط، أن يخصص الملك سطرا واحدا للبرلمان ولا يخصص ولا كلمة لتشكيل الحكومة القامة التي تعرف من التنذر والتنجيم ما لم يكتب من قبل، ولا نصيحة ولا ترقب ولا تشجيع.. إنما يدل على محاولة بعث رسالة عدم تدخل القصر على الإطلاق فيما يقع من مداولات وتحالفات، وتنزيه القصر من أي محاولة تأثير بعدما نراه من تغير على مستوى بعض الأحزاب: “التجمع الوطني للأحرار الذي قبل استقالة أمينه العام صلاح الدين مزوار واستبدله بالميلياردير رجل الفلاحة عزيز أخنوش، وابتلاع الحزب لحزب آخر هو الاتحاد الدستوري، وشروطهما للانضمام للحكومة وخلق معارضة داخل الأغلبية…” ومعلوم أن كله لا يمكن إلا أن يكون بمباركة سامية. كما يدل هذا التجاهل على الكثير مما ذكرته سابقا، وهو أن ديمقراطية “%10 من المشاركين و%70 من المقاطعين” فرضت اشتغال الملك مع حزب لا يستسيغه، إن استطاع هذا الحزب تشكيل حكومة. ما يزيدنا ترقبا حول التشكيلة الحكومية القادمة.. وأسئلتنا: هل من البند 47 من الدستور الذي يفرض إعادة الانتخابات إن تعسر على الحزب الفائز تشكيل حكومة إلى مرد من سبيل؟ هل إلى حكومة كفاءة وتكنقراط من طريقة دستورية قبيل كارثة تشكل حكومة من سفهاء الأحزاب الوطنية الديمقراطية؟ وإن توفق بنكيران في تشكلها كيف سيشتغل مع الملك ومحيطه وإلى أي حد سيقوم بالتنازل والتذلل ليكسب بعضا من القرب والود!!