اهتز الرأي العام المحلي بمدينة المضيق في اليومين الماضيين على وقع خبر تقديم أحمد المرابط السوسي استقالته من منصب رئاسة مجلس جماعة المضيق. وخلفت هذه الاستقالة المفاجئة ردود فعل متباينة بين أنصار الرئيس المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار ومعارضيه. ففي الوقت الذي استغرب فيه العديد من مناصري السوسي، الذي يشغل في الأن ذاته مهام نائب برلماني عن دائرة المضيقالفنيدق، من قرار الاستقالة الغير متوقعة، لم يخف بعض منتقدي الرئيس “فرحتهم” بهذه الاستقالة في انتظار حصول تطورات تنظيمية داخل هياكل المجلس في الأيام القليلة المقبلة. خبر الاستقالة الذي انفردت به “بريس تطوان” بشكل حصري في الساعات الأخيرة من مساء الجمعة الماضي 24 يناير 2020 سيكون له، بالتأكيد، ما بعده، وسيؤثر على السير العادي لجماعة المضيق وعلى مجلسها الذي بدأت بعض التسريبات تشير إلى عقد مختلف مكوناته لاجتماعات مكثفة في الساعات الماضية لبحث تطورات الاستقالة والتفكير في مستقبل المجلس خلال الفترة المتبقية من عمره الممتد إلى غاية سنة 2021. في انتظار ما سينتج عن هذه الاستقالة، “بريس تطوان” تكشف الأسباب الخفية والمعلنة وراء تقديم هذه الاستقالة من طرف ممثل حزب الحمامة بمدينة المضيق. صحة الرئيس… ساعات قليلة قبل إعلان أحمد المرابط السوسي رئيس مجلس جماعة المضيق عن خبر استقالته، نشر على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” أنه يمر بحالة صحية حرجة تطلبت إجراء فحوصات طبية دقيقة على مستوى الرأس وتم منحه شهادة طبية ألزمته الخضوع لفترة راحة والانقطاع عن ممارسة أعماله طيلة هذه الفترة. مصدر عائلي مقرب من المرابط السوسي كشف للجريدة أن رئيس جماعة المضيق يمر في الفترة الماضية بوعكة صحية خطيرة، تتطلب خضوعه للراحة، وأن أفراد أسرته أقنعوه بضرورة الابتعاد عن دواليب تسيير الجماعة مستقبلا. وأفاد المصدر أن رئيس جماعة المضيق يعاني منذ فترة من ضغط كبير جراء كثرة المهام والمسؤوليات التي يباشرها داخل الجماعة إضافة إلى تنقلاته الكثيرة إلى الرباط بسبب مهامه البرلمانية بمجلس النواب. صعوبات التسيير منذ الإعلان عن تقلد أحمد المرابط السوسي لمهام رئاسة مجلس جماعة المضيق شهر شتنبر 2015 بعد تحالف “دراماتيكي” بين حزبه التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة بمعية مستشار واحد من حزب الحركة الشعبية الذي تم استقطابه لتعزيز تركيبة الأغلبية، انهالت حملات متواصلة من “التشكيك والتشويش” كما كان المرابط السوسي يصفها دائما، وأعلن أكثر من مرة أن حزب الحركة الشعبية لم يستسغ عودته لتسيير الجماعة لعهدة ثانية. مباشرة بعد تشكيل المكتب المسير الجديد نهاية 2015 بدأت المشاكل تحاصر السوسي من كل جانب، وشرعت المعارضة في كيل التهم والتهم المضادة تجاه الرئيس الذي استطاع توسيع فريقه الأغلبي بضم حزبي التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية إلى صف الأغلبية المسيرة تاركا الحركة الشعبية بقيادة الرجل النافذ عبد الواحد الشاعر وحيدا في فريق “المعارضة”. مع توالي أيام عمر مجلس السوسي على رأس جماعة المضيق بدا جليا أن مشاكل التسيير لا حصر لها وأن “افتعال التهم” وحملات التشويه على مواقع التواصل ستربك عمل المجلس وقد تعصف به في أية لحظة. توالت حملات الطعن ومسلسل المتابعات القضائية ضد السوسي من طرف خصمه اللدود بالجماعة ومناصريه، ومع كل متابعة قضائية جديدة ومحاولات التشويه التي فاقت حدود “الصراع السياسي” لتصل مراحل متقدمة من السب والقذف والتشهير الأخلاقي، بدا جليا أن “السوسي” لم يعد قادرا في الكثير من المرات على المواصلة. سعى أحمد المرابط السوسي طيلة الفترة التي قضاها على رأس الجماعة “أن يقدم ما وعد به الساكنة المحلية عبر برنامج المكتب المسير للجماعة”. أطلق برنامجا جديدا لتنمية الجماعة يمتد من 2018 إلى غاية 2023، وأعلن أنه سيواصل دعمه لتنزيل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، علاوة على إطلاقه مرحلة جديدة من مشروع تنمية الموارد المالية للجماعة التي حققت قفزة نوعية في السنوات الثلاث الأخيرة، إضافة إلى فتحه لمجموعة من الملفات الشائكة بالمدينة كان أهمها التسوية العقارية للمدينة وتحيين وثائق التعمير وفتح المجال أمام حركية البناء المقننة بهدف “إنعاش الدورة الاقتصادية المحلية”. مصدر حقوقي متابع لقضايا الشأن العام المحلي، أبرز أن الفترة الماضية شهدت مجموعة من الأوراش المفتوحة على صعيد مدينة المضيق كان للجماعة فيها دور بارز من خلال المساهمة المالية والتقنية، أو عبر التخطيط الاستراتيجي الذي أبان عنه برنامج عمل الجماعة الذي حدد مجموعة من الأولويات الاجتماعية لفائدة الساكنة برسم الفترة المقبلة. وأضاف المصدر أن حجم الإرادة التي أظهرها المجلس لم تكن لتتحقق على أرض الواقع بالصورة التي أريد لها أن تكون. فلا الإمكانيات المالية ستسمح بذلك ولا حجم الاختصاصات والطاقات البشرية التي يتوفر عليها المجلس ستنفعه لتحقيق ما وعد به، يشير المصدر، الذي أعرب عن أسفه على محاولات “تقزيم عمل المجالس المنتخبة” بالمنطقة من طرف سلطات عمالة المضيقالفنيدق التي تقوم بإنجاز “مشاريع وبرامج تنموية” دون إشراك الساكنة في تحديد أولوياتها، وهي “المقاربة التي أوكلها القانون التنظيمي 113.14 للمجالس الترابية المنتخبة للقيام بها”. “تحكم” السلطات الإقليمية المصدر المطلع الذي كشف نبأ استقالة أحمد المرابط السوسي من مهام رئاسة مجلس جماعة المضيق ل “بريس تطوان” الجمعة الماضي أكد أن السوسي ربط استقالته بالعراقيل الكثيرة التي تواجهه من طرف سلطات الوصاية بالعمالة، وتقزيم دوره الاعتباري على رأس مؤسسة دستورية منتخبة من طرف المواطنين، وغياب أدنى شروط العمل التشاركي بين الجماعة والسلطات الإقليمية والتي يفترض تعزيزها وتكريس حضورها بشكل مستمر في كل القضايا التي تخدم الساكنة المحلية. عانى المرابط السوسي في مراحل كثيرة من عمر مجلسه من محاولات “التحكم” وارتفاع منسوب الوصاية المفروضة من طرف ممثلي وزارة الداخلية بالمنطقة، من خلال عدم التأشير على مجموعة من وثائق التعمير الأساسية لتنمية المدينة أهمها التصاميم الهيكلية للعديد من الأحياء التي وعد مجلس “السوسي” أنه سيجد لها حلا لمنح تراخيص البناء للساكنة وكذا “فرض” ملاحظات وتعديلات على تصميم التهيئة الخاص بالمدينة، كما اشتكى المجلس من “عدم انخراط العمالة في مساعدة المجلس على حل مجموعة من الملفات العالقة أهمها التسوية العقارية للساكنة وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي”. أضف إلى ذلك ساهم بعض رجال السلطة السابقين بالمدينة في تأجيج الصراع بين مكونات المجلس الجماعي وخلق الشقاق بين الجماعة والمجتمع المدني من خلال تسخير مواقع مستعارة على “الفايسبوك” لتوجيه التهم يمينا وشمالا والقيام بحملات تشويه لا أخلاقية لهذا الطرف أو ذاك، وهو ما خلق احتقانا شديدا بالمدينة انتهت الكثير من أحداثه داخل ردهات المحاكم. سيناريوهات محتملة لا حديث في الساعات القليلة الماضية بمدينة المضيق إلا عن السيناريوهات المحتملة لمرحلة ما بعد أحمد المرابط السوسي. بدأت التكهنات تشير إلى أن الأغلبية الحالية التي تتكون من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية ستعمل على مواصلة مسارها الحالي عبر العمل على انتخاب رئيس جديد فيما بينها، وتشير بعض التسريبات إلى أن مرشح حزب “التراكتور” ادريس لزعر الذي يشغل منصب النائب الأول لأحمد المرابط السوسي يبقى الأوفر حظا لشغل منصب الرئيس الجديد. فيما معطيات أخرى تؤكد سعي عبد الواحد الشاعر “عراب” السنبلة بالمدينة إلى خلط الأوراق من جديد سعيا إلى بلوغ حزبه كرسي رئاسة الجماعة عبر مرشحه “المهدي الزبير”.