في أفق تطوير المهارات والثقافة المسرحية وبرنامج شامل للتنشيط الثقافي المسرحي انطلقت بالمركب الثقافي تطوان أولى برامج التوطين الخاص بفرقة مسرح المدينة الصغيرة، وهو المشروع الذي حاز على ثقة وزارة الثقافة الموسم الحالي 2016، ويصبو هذا البرنامج في فلسفته العامة الى "إخراج المسرح المغربي من العزلة التي صار يعاني منها السنوات الأخيرة". ويتضمن برنامج التوطين لفرقة مسرح المدينة الصغيرة برنامجا متنوعا، يشمل إنتاج أعمال مسرحية، وتنظيم دورات وندوات الى جانب نشر كتب مسرحية. كما يتركز المشروع في قاعة واحدة، هي المركب الثقافي بتطوان، ضمن مدة تتسم بالامتداد، (ثلاث سنوات) موجه نحو فرقة واحدة. وهو ما يعني أن الفرقة، تتعامل مع نفس الجمهور، ولمدة ليست قصيرة، وهو ما سيسمح لها من أن تتعرف على جمهورها جيدا، وتنسج معه علاقات اتصال وتواصل دائمة. وتجري فرقة مسرح المدينة الصغيرة تداريبها على العرض المسرحي "الرحيق الأخير" تأليف أحمد السبياع وإخراج ياسين أحجام سينوغرافيا ياسين الزاوي الملابس طارق ربح، ويعرف مشاركة الممثلين محمد بوغلاد، رباب الخشيبي، دلال البرنوصي، عبدالمجيد العمراني، مصطفى حوشين، يوسف الزياخ، منصف القباري، عقبة ريان، مخلص بودشار، محمد عسو، بادي الرياحي. العمل يرتبط بتاريخ المنطقة، ويتحدث عن أشخاص يعرفهم مواطنو الشمال بشكل عام مما سيجعلهم يرون ذواتهم في هذا العمل، وسيرغبون في مشاهدته عدة مرات. ولن يكون "الرحيق الأخير" العمل الوحيد المقدم ضمن برنامج التوطين للسنة الأولى، بل سيتم إنجاز عمل مسرحي آخر ناتج عن الدورات الأربع، المزمع تنظيمها ضمن هذا البرنامج. وستقدم الفرقة مجموعة من العروض في جولتين تشمل الأولى مدينة تطوان، فيما ستنتقل الجولة الثانية الى باقي مدن الجهة. كما يتضمن برنامج توطين فرقة مسرح المدينة الصغيرة العديد من الأنشطة التكوينية وأخرى ذات طبيعة سوسيو ثقافية في مجال المسرح والفنون المرتبطة به، موزعة على مدى الموسم المسرحي الحالي. وتسعى فرقة مسرح المدينة الصغيرة، والتي كانت منشغلة بقضية الجمهور، الى استقطاب فئات واسعة من الجمهور الواسع من أجل مصالحته مع فرجاته القريبة من وجدانه وانشغالاته وهمومه. وضمن انشغال الفرقة الجمالي يسعى مسرح المدينة الصغيرة الى "التركيز من حيث بناء النصوص المسرحية ومن حيث الرؤيا الإخراجية وكل عناصر العرض المسرحي، على عنصر التنويع؛ التنويع في المواقف بين درامية رصينة وكوميدية ساخرة، وكذا خلق جاذبية وتكامل على مستوى السينوغرافيا والملابس. ويضم البرنامج العام للتوطين، والى جانب العمل المسرحي، تنظيم دورات تكوينية تهم تطوير المهارات وهي غير معزولة حيث يتم دمجها داخل برنامج ومخطط محكم يمتد في الزمان، ويسطر نتائج وأهداف دقيقة. لذلك وضعت الفرقة برنامجا خاصا لكل مهنة من مهن المسرح؛ التأليف المسرحي، الإخراج المسرحي، التشخيص، والسينوغرافيا. ولن تكتفي الفرقة بالجانب الفني فقط، بل ستوسع قاعدة التكوين كي يلامس المجال الإداري، في إطار السعي الى تكوين فئة الشباب المهتمين بالمجال المسرحي في شتى التخصصات وحسب ميولهم، لغاية تأهيلهم للتفكير الجدي في احتراف المسرح، وخلق فرق مسرحية صغيرة مكونة من المشاركين في الدورات التكوينية بهدف تنشيط المركز الثقافي بتطوان. ويسعى مشروع التوطين لفرقة مسرح المدينة الصغيرة إلى الاهتمام بتكوين أجيال جديدة في مجالات المسرح، من خلال التوجه نحو المدارس والتعامل مع دور الشباب وروادها وأنديتها المهتمة بالمسرح وكذا الجمعيات ذات الاهتمامات الثقافية. الى جانب الاهتمام بمسرح الطفل وكذلك بالطفل بوصفه متلقيا. ويظل أحد أهداف التكوين والتنشيط الفني الحصول على كتاب/كاتبات للمسرح، حيث ستنشر الفرقة وتوزع ثمانية نصوص لهؤلاء الكتاب. وسيؤطر الدراماتورج عصام اليوسفي ورشة الكتابة المسرحية، فيما يتخصص الفنان خالد جنبي في ورشة التشخيص، ويؤطر الفنان طارق ربح ورشة السينوغرافيا. والى جانب الورشات تنتظم داخل برنامج التوطين للفرقة، محورا مهما للندوات الفكرية ولقاءات مع كتاب وتوقيعات ولعل من أهم فقرات هذا البرنامج تنظيم ندوة "جمهور المسرح المغربي" بمشاركة كل من د. خالد أمين، والكاتب المسرحي الزبير بن بوشتى والكاتب المسرحي رضوان احدادو. كما سيتم تنظيم توقيع كتاب "قصر البحر وصخور سوداء" (نص مسرحي) للكاتب المسرحي محمد زيطان.