السوق المركزي أو ما يصطلح عليه عند التطوانيين ب"البلاصا" يعتبر من أعرق الأسواق بمدينة تطوان حيث تم تشييده وفق معمار له طابع أندلسي خاص بمحاذاة المحطة الطرقية القديمة، كما يعتبر قبلة للعديد من المواطنين بهدف التبضع واقتناء المستلزمات الضرورية من المأكل والمشرب، حيث يتوفر السوق على طابق تحت أرضي لتفريغ الأسماك التي يتم بيعها في الطابق الأول، فيما تم تخصيص الطابق الثالث لبيع السلع المهربة من سبتة السليبة فضلا عن بيع باقات من الورود المختلفة الألوان والأشكال. هذا السوق – للأسى والأسف - لم يعد منه غير الإسم حيث تحول بقدرة قادر إلى مستنقع تفوح منه رائحة تزكم الأنوف وتثير الإشمئزاز، بسبب سوء التنظيم والعشوائية التي يتخبط فيها، مع غياب شبه تام لدور المسؤولين. لذات السبب ارتأت بريس تطوان أن تسلط الضوء في هذا الروبورطاج الحصري عن الأوضاع المزرية التي يعيش على إيقاعها السوق والإكراهات التي يعانيها بائعو الأسماك على وجه التحديد. سوق السمك بتطوان على كف عفريت سوق "البلاصة' المتخصص في بيع الأسماك، يعتبر بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة، حيث لا حديث بين بائعي السمك إلا عن انعدام مبردات خاصة بحفظ الأسماك، التي تم الإستحواذ عليها من طرف بعض اللوبيات، هؤلاء دفعهم الجشع إلى بيع حتى بعض الغرف الصغيرة للتجار الصغار لاستغلالها في تقشير السمك وتخزينه في بيئة تنعدم فيها أدنى الشروط الصحية. والأدهى والأمر حسب تصريح – نتوفر عليه بالصوت والصورة – لأحد التجار القدامى بذات المكان فإن بعض المراحيض تحولت إلى أماكن خاصة لتخزين السمك والبيض والدجاج، في غياب تام لدور قسم حفظ الصحة ببلدية تطوان. ولعل حجز عشرات الكيلوغرامات من الأسماك الفاسدة نهاية شهر يناير المنصرم ، دليل عن حجم الإهمال والكوارث التي تحدث داخل السوق الذي لا يُشرف المدينة. الإحتكار سيد الموقف بسوق السمك في تصريح مثير خص به بريس تطوان أحد التجار بسوق "البلاصة' كشف من خلاله الطريقة الجديدة التي أصبح يتم وفقها بيع وتوزيع السمك والتي تخضغ لمنطق المحسوبية والزبونية عكس ما كانت عليه سابقا حيث كانت تتم عن طريق "الدلالة" وبشكل شفاف . ذات المتحدث أضاف في تصريحه أن وجود لوبيات داخل السوق جعل التاجر البسيط كالعبيد، لاينال من السوق إلا التعب والنصب، أمام الفوضى المستشرية داخل دهاليز السوق المنكوب . طبيب السوق يحتاج إلى طبيب أما عن الطبيب المسؤول داخل السوق والمسمى " سي موسى" فإنه لا يقوم بالدور المنوط به، مكتفيا بمراقبة من يجود عليه ببعض الدريهمات فقط، ومتغاضيا الطرف عن كل ما يمكن أن يصطلح عليه ب "صحة المواطن"، حيث لا يرتدي بذلته البيضاء إلا نادرا ، خصوصا وأنه أصبح شبه تاجر في السمك لبعض أرباب المطاعم بالمدينة والتي لربما سيتخذها مهنة بديلة عن مهنته الأصلية . الإهمال واللامبالاة سمة السوق المركزي بدل أن تنكب حضرية تطوان على الإهتمام بصحة المواطن وإيلائها العناية الفائقة قامت الصيف المنصرم بترميم بعض الأماكن المخصصة لبيع الأسماك والتي أصبحت بين عشية وضحاها أشبه بمزبلة تفوح نتانة تزكم الأنوف و يشتمها كل من يمر بالقرب من السوق، إذ لم يعد يظهر أي أثر لذلك الترميم والإصلاح. وعن الطابق الموجود تحت أرضي فيكفي المرء جولة قصيرة حتى يصاب بالغثيان والدهشة نتيجة سوء الإهمال واللامبالاة بالوضعية الصحية التي آل إليها، فبديهي أن يُصبح المكان وجهة لمختلف أنواح الحشرات والجرذان والقطط وحتى الكلاب التي وجدت في المكان ضالتها المنشودة. هذا الإهمال والعشوائية ساهما أيضا في تحول باب السوق والمحيط المجاور له مرتعا للمدمنين والمنحرفين الذين يساهمون في تلويث المكان ليس بالضجيج والصراخ فحسب ، وإنما بمخلفاتهم البشرية دون من يحرك في الأمر ساكنا . استفهامات: مما سبق ذكره، ليس سوى النزر القليل من الواقع المعاش داخل قبة السوق المركزي الذي فقد رونقه وجماله الداخلي والخارجي، مما جعل معظم الناس يفرون منه وخصوصا النساء خوفا على سلامتهن من المشردين والمنحرفين وحفاظا على سلامتهن أيضا من المنتوج السمكي المعروض للبيع في ظروف تفتقر إلى شروط السلامة الصحية . فهل ستتحرك الجهات المسؤولة لرد الإعتبار لصحة المواطن أولا ولوضعية السوق المزرية ثانية ولتراث المدينة ثالثا. فإذا كانت النظافة شطر الإيمان وأصل من أصول الإسلام فحري برئيس الجماعة الحضرية لتطوان محمد إد عمار الذي ينتمي للعدالة والتنمية أن يلتفت إلى هذا الأمر الخطير الذي يدخل ضمن برنامج حزبه في الإنتخابات الجماعية الأخيرة، والذي يدخل أيضا في باب واجب الجماعة تجاه المدينة قبل كل شيء.