عيّن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدبلوماسي ورجل الأعمال ديوك بوكان الثالث سفيرا جديدا للولايات المتحدة في المغرب، في خطوة تعكس توجه واشنطن نحو دبلوماسية قائمة على المصالح الاقتصادية والاستثمارات المباشرة، وفقا لما أوردته مجلة "جون أفريك". وأعلن ترامب عن التعيين عبر حسابه على منصة "تروث سوشيال"، مشيدا بالسفير الجديد قائلا: "ديوك سيلعب دورا محوريا في تعزيز السلام والحرية والازدهار لبلدينا. تهانينا له ولعائلته الرائعة". وتأتي هذه الخطوة في سياق سعي واشنطن إلى تعزيز وجودها الاقتصادي في الأقاليم الجنوبية المغربية وإمكانية إعادة فتح ملف القنصلية الأمريكية في الداخلة، حسب المصدر ذاته.
ديوك بوكان الثالث، المولود عام 1963 في ولاية كارولاينا الشمالية، يتميز بمسار مهني يعكس رؤية ترامب للعلاقات الدولية التي تفضل "دبلوماسية الأعمال" على النهج التقليدي. يحمل بوكان شهادة في الاقتصاد من جامعة كارولاينا الشمالية في تشابل هيل وماجستير في إدارة الأعمال من كلية هارفارد للأعمال، وقد عمل في وول ستريت قبل أن يؤسس شركة "هنتر جلوبال إنفستورز" ويتجه إلى الاستثمار العقاري، وفقا لما ذكره المصدر. ويؤكد تعيين بوكان استمرار نهج ترامب في اختيار سفراء من عالم الأعمال بدلا من الدبلوماسيين التقليديين، كما كان الحال مع ديفيد تي. فيشر، الذي تولى المنصب في الرباط بين عامي 2020 و2021. وحسب "جون أفريك"، فإن الفلسفة السائدة في دوائر ترامب هي أن "من ينجح في الأعمال، ينجح في الدبلوماسية"، وهو ما يتجسد في شخصية السفير الجديد. ورغم أنه ليس غريبا على السلك الدبلوماسي، إذ شغل منصب سفير الولاياتالمتحدة في إسبانيا وأندورا بين 2017 و2021، فإن تعيينه في المغرب يحمل أبعادا اقتصادية وسياسية واضحة. ويمتلك بوكان إلماما عميقا بالمنطقة المغاربية والمتوسطية، مستفيدا من إتقانه للغة الإسبانية التي تعلمها خلال دراسته في جامعتي فالنسيا وإشبيلية، ما قد يساعده في فهم تعقيدات المشهد الإقليمي، وفق المصدر ذاته. ووفقا لمصدر مطلع تحدث ل "جون أفريك"، فإن بوكان يتمتع بمزايا عديدة، منها قربه من ترامب ودوره في جمع ملايين الدولارات لحملات الحزب الجمهوري، فضلا عن شغله منصب "رئيس التمويل" في الحزب الجمهوري منذ عام 2022، مما يعكس نفوذه داخل الأوساط المحافظة الأمريكية. المقاربة التي سيعتمدها بوكان تختلف بشكل جذري عن سلفه، بونيت تالوار، الذي عينه الرئيس جو بايدن وكان يمثل النهج التقليدي في الدبلوماسية، حيث ركّز على الاستقرار الإقليمي وحقوق الإنسان والتعاون الأمني. على العكس، يسعى بوكان إلى دبلوماسية تقوم على النتائج الاقتصادية وتعزيز الاستثمارات الأمريكية، ما يجعل أولوياته واضحة في استقطاب الشركات الكبرى وتسريع المشاريع الاستثمارية، بحسب "جون أفريك". وتأتي هذه التعيينات في ظل تحولات إقليمية كبرى، حيث تزداد الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية المغربية، وتتغير التحالفات نتيجة اتفاقيات أبراهام، ما يعيد فتح النقاش حول افتتاح القنصلية الأمريكية في الداخلة، وهي خطوة أعلن عنها خلال الولاية الأولى لترامب لكنها لم تُنفذ بعد. ووفقا ل "جون أفريك"، فإن هذا المشروع قد يحظى بدفعة جديدة في المرحلة القادمة، لا سيما أنه يشكل ركيزة للنفوذ الأمريكي في منطقة استراتيجية تزدهر فيها الاستثمارات السياحية والمينائية والطاقة المتجددة. وتشير المجلة إلى أن تعيين بوكان هو بمثابة رسالة إلى المغرب بأن المرحلة القادمة تتطلب التركيز على لغة الأعمال والاستثمار. وإذا كان السفراء السابقون قد اعتمدوا على التعاون المؤسساتي، فإن السفير الجديد يضع المشاريع الاقتصادية والنجاحات الاستثمارية في مقدمة أولوياته. وبالنسبة للرباط، فإن التحدي يكمن في التكيف مع هذه المقاربة الجديدة وإيجاد طرق مبتكرة لتعزيز الشراكة مع واشنطن، التي باتت تعتمد على منطق المصالح والنتائج الملموسة أكثر من أي وقت مضى.