يبدو ان إسهامات الجزائريينبتطوان خلال النصف الثاني من القرن 13ه/ 19م، تجلت في الحقل الثقافي، في جملة من المظاهر الأساسية المميزة للمجتمع الإسلامي وهويته الحضارية. نجتزئ منها على الخصوص: علوم الدين والأدب والتعليم، كما تبينه المصادر المغربية والجزائرية. فلا تخلو بعض الرسائل السلطانية المغربية، من الاعتراف والإشادة بإسهامات الجزائريين، خاصة في حقل الفقه، والأدب، والتعليم، حيث وردت ألفاظ، تكرس غلبة هذا التوجه الثقافي. مع العلم، أن الرسائل وغيرها، كتبت في إطار التوجه السياسي والاجتماعي للسلطة الحاكمة، إزاء ظاهرة الهجرة الجزائرية إلى المغرب، من اجل احتوائها والحد من آثارها السلبية. فكان نظر المخزن المغربي، يتجه نحو العناية بهؤلاء الجزائريين المثقفين المتفقهين في علوم الدين، وذلك بتقديم المساعدات اللازمة لهم ماديا ومعنويا. ومن الرسائل السلطانية المعبرة عن ذلك: رسالة من السلطان عبد الرحمان بن هشام إلى قائد مدينة تطوان محمد أشعاش مؤرخة في متم شعبان 1254ه/ أواسط نوفمبر 1838م [i] ) انظر محمد داود، تاريخ تطوان، المجلد 8، المطبعة الملكية، الرباط، ص، 314 -315 (. يامره فيها بالعناية وتقديم المساعدة لفقيه جزائري. لم يذكر اسمه. كان قاضيا في بلده الأصلي ثم اضطرته الوضعية السياسية في بلاده إلى اللجوء إلى تطوان، والجود على ابنه الذي كان طالبا وحافظا لأمهات الكتب الفقهية على صغر سنه بستين أوقية في كل شهر من مستفاد الأوقاف بتطوان، ليستعين بها على الزيادة في الطلب والنشاط فيه [ii]) محمد داود، تاريخ تطوان، س، ج8، ص. 315.( ويحث السلطان قائده على تطوان على ترغيب والده. أي والد الابن المذكور. « في تدريس العلم ونشره.) »[iii]نفسه.( فمن دون شك أن الفقيه المذكور في هذه الرسالة، والذي كان قاضي المواريث في الجزائر، قد درس علم الفقه بأحد المساجد أو بعضها في مدينة تطوان، بوصية وأمر السلطان، وان ابنه كان من المشاركين في هذا العلم وغيره. ونفترض أن يكون السلطان قد قصد بهما: الفقيه عبد العزيز الجزائري، وابنه محمد بن عبد العزيز الجزائري، المعروفين في الأوساط العلمية الفقهية والثقافية بتطوان حينئذ، واللذين سنأتي على ذكرهما. بريس تطوان، بنقلا عن كتاب: الجزائريون في تطوان خلال القرن 13 ه/19م. مساهمة في التاريخ الاجتماعي للمغرب الكبير