، خونته قبل أن يخونني المختار الغزوي، المسؤول الإعلامي عن توزيع بطائق الوطنية.. خونته بعد أن خونني أحد كتائب العدالة والتنمية واتهمني بأنني لا أفعل سوى انتقاد زعيمهم، بينما أغض الطرف عن قضيتنا المصيرية.. خونته حين دخل صفحتي الفايسبوكية أحدهم، يضع في حسابه صورة الملك وأعلاه العلم المغربي وسألني عن رأيي في الفضيحة الأممية، وحين رأى صورتي في مطعم كتب تعليقا أن هذا ليس وقت المطاعم إنما وقت المسيرة الاحتجاجية.. فخونته ودرت معاكوم يد الله.. لقد خونت بان كيمون، وقلت صادقة للانفصاليين والبوليزاريو: أن ينعت بان كيمون المغرب بالبلد المحتل للصحراء لا يعني أبدا أنه متعاطف مع قضيتهم وأنه سيستطيع أن يحدث أي فرق في الملف.. إنما يعني أنه متعاطف مع أرصدته البنكية. قلتها صادقة لأني أعلم أن أمريكا لا تحرك الملف إلا للضغط على أحد الطرفين لأجل مصالحها، وأن الأفراد لا يتحركون في هذا الملف إلا بالمقابل. اتهمت بان كيمون بأنه يقضي آخر أيامه كأمين عام للأمم المتحدة وعليه أن يضمن تقاعدا مريحا.. ربما لن يمنحه إياه المغرب بنفس سخاء فلوس غازات بوتفليقة! لقد خوّنت بان كيمون، خونته واتهمته بالرشوة دون حجج ولا دلائل ولا براهين، كتلك الحمقاء التي ظهرت على قناة فرانس24، تقذف بالكلام يمينا وشمالا اتهَمَته بأنه مختل عقلي وادعت أنها زعيمة الديبلوماسية الموازية المغربية، أو أنها كذلك.. بل هي والله كذلك. هي زعيمة دبلوماسيتنا الخرقاء، هي زعيمة إعلامنا الغامل، هي زعيمتنا جميعا وقد مثلتنا أحسن وأحق وأكمل تمثيل.. شبيهة بوزير خارجيتنا المفعفع صلاح الدين مزوار وتصريحاته المفعفعة الغبية.. كلنا من إنتاج قناة زنقة البريهي، كلنا صنيعة خطاب تاعياشت المخزني، كلنا نخاف تخوين المختار الغزيوي.. كلنا بدل أن ندافع عن قضية عادلة بالحجج التاريخية والكلام المنطقي العقلاني، بدل أن نحاول إقناع المنتظم الدولي بعدالة ومشروعية ما ندعو إليه، نلجأ إلى السباب والتخوين وتاعياشت والتزغريت لاستنكار ما حل بنا، ننام طيلة العام ونستفيق كالمجانين حين تحل الأزمة لنرتب بعضنا في قائمة الأكثر حبا للبلد. لقد خونت بان كيمون.. وأنا أعلم أني كتبت كلاما عبثيا.. حتى أشارك في الدفاع عن شيء أومن به ولا أفقهه؛ هكذا يريدنا الغزيوي أن نكون وطنيين، أن لا نطرح الكثير من الأسئلة وأن نؤمن إيمانا أعمى بخطاب جريدة الأحداث المغربية وأخبار تفكيك الخلايا الإرهابية ونخرج مهطعين حين يدعو الداعي لمسيرة احتجاجية لأجل الصحراء المغربية.. لكن الغزوي يرفض الإسلام بهذه الطريقة العمياء، يريدنا أن نتساءل ونشكك ولا نؤمن بالقرآن إيمان العُمي، بل أن نؤول ونجتهد! فمقالاته آيات محكمات هن أم الوطنية.. حمى الله المغرب العظيم! لقد خونت بان كيمون.. وشاهدت المشهد الكاريكاتوري لأمناء الأحزاب والبرلمانيين ينشدون النشيد الوطني، وقلت في نفسي لابد أنهم تلقوا اتصالا وأمرا ساميا لأن القطيع دون الأوامر لا يجتمعون. مثلي مثل أغلب شباب هذا الجيل.. والله نؤمن أن الصحراء مغربية.. الصحرا مغربية.. والمشكلة في برلمان القطعان والأغنام والأنعام الذين لا يجتمعون إلا بالتعليمات وقت الأزمات. الصحراء مغربية.. والمشكلة في الحكومة المحكومة والوزراء الكراكيز عديمي المبادرة والشخصية الذين لا يتحركون إلا لتنفيذ الأوامر خوفا من الغضبات. الصحراء مغربية.. والمشكلة في الداخلية التي لا تمول إلا جمعيات الانتهازيين المتظاهرين بالتظاهر الموسمي لأجل الدولارات. الصحرا مغربية.. والمشكلة في الجهاز الديبلوماسي وسفراء هشك بشك الذين يرسلون تقاريرهم الباهتة منتهية الصلاحية، ويقضون الوقت في أتاي وكعب غزال مفند والسهرات. الصحرا مغربية.. والمشكلة في الإعلام الرسمي وخطابه الباهت الحازق الغامل، خطاب التطبال وتاعياشت وتخويف الناس من التساؤل وتخويف الشباب من النقاش. إعلام يرفض فتح حوارات مع آراء مختلفة لدحض أطروحة البوليزاريو وفضح المرتشين من كلا الطرفين المعرقلين للملف مقابل الصفقات. قضيتنا عادلة.. ومحاموها انتهازيون فاشلون مرتشون، يرون أن كل مناسبة ليست هي الوقت المناسب للانتقاد والتساؤل والمعرفة والعلم والوعي والبحث للفهم وتطوير أدوات النقاش والحوار والإقناع.. كل مناسبة هي فرصة سانحة لتاعياشت والالتفاف حول خطاب المخزن.. تعبا وسئمنا وحان وقت النظر في المرآة. مايسة سلامة الناجي / بريس تطوان