رأس السنة الأمازيغية .. مناسبة لتقييم مكتسبات وإخفاقات لغة تسعى إلى الخروج من دائرة "الإنقراض"    مندوبية التخطيط تتوقع عودة الانتعاش الاقتصادي الوطني في بداية عام 2025    الوداد يحسم أول صفقة في فترة الانتقالات الشتوية    الاحتفال برأس السنة الأمازيغية.. طقوس وعادات تعزز روح الانتماء والتنوع    أمن مكناس والقنيطرة… توقيف خمسة أشخاص للاشتباه في تورطهم في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    نبيل صانصي يصدر ألبومه الجديد "الكوحل"    المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 16 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    أطباء القطاع العام يعلنون إضرابا وطنيا لعشرة أيام احتجاجا على تجاهل مطالبهم    بلعسال منسق فرق الأغلبية بالنواب    بلاغ هام لوزارة الداخلية بشأن مراجعة اللوائح الانتخابية العامة    أنشيلوتي يعترف : ريال مدريد لم يكن متماسكا وبرشلونة كان الأفضل    الحرائق تتوسع في لوس أنجلوس والسلطات تتوقع اشتداد الرياح مجددا    توقعات أحوال الطقس يوم غد الثلاثاء    بركة: الجهود الحكومية لم تحقق نتائج في خفض البطالة والغلاء    ياسين عدنان: مهرجان مراكش للكتاب الإنجليزي يواكب التحولات العميقة للمجتمع المغربي    حموشي يؤشر على تعيين كفاءات شابة لتحمل مسؤولية التسيير الأمني    ارتفاع طفيف في أداء بورصة البيضاء    السعودية تطلق مشروع مدينة للثروة الحيوانية بقيمة 2.4 مليار دولار    العصبة تعلن عن برنامج الجولة ال19 من البطولة الاحترافية    المغربي العواني يعزز دفاع التعاون الليبي    الذهب يتراجع متأثرا بتقرير عن الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية    بشرى سارة للمرضى.. تخفيضات جديدة على 190 دواء في المغرب    قطر تسلم إسرائيل وحماس مسودة "نهائية" لاتفاق وقف إطلاق النار    دعوات للاحتجاج تزامنا مع محاكمة مناهض التطبيع إسماعيل الغزاوي    الداخلية توقف قائدا بإقليم ميدلت    شي يشدد على كسب معركة حاسمة ومستمرة وشاملة ضد الفساد    على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء النباتي الأخضر    أخنوش: ملتزمون بترسيم الأمازيغية    فن اللغا والسجية.. الظاهرة الغيوانية بنات الغيوان/ احميدة الباهري رحلة نغم/ حلم المنتخب الغيواني (فيديو)    راديو الناس.. هل هناك قانون يؤطر أصحاب القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (ج1)؟    فيتامين K2 يساهم في تقليل تقلصات الساق الليلية لدى كبار السن    من بينهم نهضة بركان.. هذه هي الفرق المتأهلة لربع نهائي كأس الكونفدرالية    الدولار يرتفع مدعوما بالتقرير القوي عن سوق العمل    المزيد من التوتر بين البلدين.. وزير العدل الفرنسي يدعو ل"إلغاء" اتفاقية تتيح للنخبة الجزائرية السفر إلى فرنسا بدون تأشيرة    اعتقال مغربي في هولندا بتهمة قتل شابة فرنسية    كيوسك الإثنين | "الباطرونا": الحق في الإضراب لا يعني إقصاء حقوق غير المضربين    نشرة إنذارية بشأن موجة برد مرتقبة انطلاقا من يوم غد الثلاثاء    للتعبير عن انخراطهم في حملة "مرانيش راضي".. احتجاجات شعبية في ولاية البويرة الجزائرية (فيديوهات)    برشلونة بعشرة لاعبين يقسو على ريال 5-2 بنهائي كأس السوبر الإسبانية    الحكومة تبقي على منع الجمعيات وتقييد النيابة العامة في قضايا دعاوى الفساد المالي (مشروع المسطرة الجنائية)    النفط يسجل أعلى مستوى في أكثر من 3 أشهر مع تأثر صادرات روسيا بالعقوبات    أخيرا..الحكومة تحيل مشروع المسطرة الجنائية على مجلس النواب بعد مرور أزيد من 4 أشهر على المصادقة عليه    أطباء مغاربة يطالبون بالإفراج عن الدكتور أبو صفية المعتقل في إسرائيل    تحذيرات خطيرة من كاتب سيرة إيلون ماسك    دراسة: ثلث سواحل العالم الرملية أصبحت "صلبة"    الحسيمة تستقبل السنة الأمازيغية الجديدة باحتفالات بهيجة    بولعوالي يستعرض علاقة مستشرقين بالعوالم المظلمة للقرصنة والجاسوسية    رياض يسعد مدرب كريستال بالاس    أخنوش: الحكومة ملتزمة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    خمسة أعداء للبنكرياس .. كيف تضر العادات اليومية بصحتك؟    أخطاء كنجهلوها.. أهم النصائح لتحقيق رؤية سليمة أثناء القيادة (فيديو)    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدد الأندلسيين الذين بنوا تطوان
نشر في بريس تطوان يوم 24 - 07 - 2015

*عدد الأندلسيين الذين بنوا تطوان:
أما عدد المهاجرين الأولين الذين وفدوا من الأندلس على المغرب وجددوا بناء مدينة تطوان. فنجد فيه ثلاث روايات.
فأبو محمد سكيرج مؤرخ تطوان، ذكر أن عددهم كان نحو الثمانين.
والعلامة أبو حامد الفاسي المتوفى بتطوان، ذكر أن عددهم كان ستة وأربعين رجلا وعشر نسوة.
وصاحب مخطوط قديم كتب بتطوان، ذكر أنهم كانوا نحو الأربعين دارا.
وهذه الروايات الثلاث وإن كانت في الظاهر مختلفة، إلا أن من الواضح أنه لا منافاة بينها، ومن السهل الجمع بينها بأن عدد أولئك المهاجرين كان ثمانين شخصا منهم ستة وأربعون رجلا وعشر نسوة ونحو عشرين طفلا وانهم كانوا يسكنون نحو الأربعين دارا.
وقد وقفت في كناش قديم على أبيات يظهر أن ناظمها قالها عقب الفراغ من بناء تطوان، وهي مؤيدة لما رواه سيدي العربي الفاسي.
وإني مثبتها هنا على ما فيها من ضعف وتصحيف وهي هذه:
ومضمن مدلول هذه الأبيات، أن مدينة تطوان الحديثة قد وقع الشروع في حفر أسسها وبناء جدرانها في اليوم السابع من شهر شعبان عام (تفاحة) أي سنة 889. ولعل مراده من شطر البيت الثالث أن الفراغ من بناء هذه المدينة كان بعد مرور عشرين سنة على الشروع في ذلك البناء، إذ عدد العشرين هو مدلول حرف الكاف وفي البيتين الرابع والخامس ذكر أن عدد الأشخاص الذين أسسوا البناء هو من الرجال مدلول حرفي الميم والزاي، أي سبعة وأربعون، ومن النساء مدلول حرف الياء أي عشرة. والله أعلم.
والذي يظهر أن بعض الذين هاجروا من الأندلس إلى المغرب كانوا أولا منفردين، لأنهم عند خروجهم من وطنهم كانوا يجهلون مصيرهم، فلما استقر بهم الحال رجعوا بأنفسهم أو بعثوا إلى من تخلف من أقاربهم أو أصدقائهم فجاءوا بمن بقي من أهلهم. وعلى كل الروايات فإن أولئك المهاجرين الأولين إنما كانوا يعدون بالعشرات، لا بالآلاف ولا بالمآت ولكن مما لاشك فيه أنه وصل عدد آخر من المهاجرين بأثر ذلك خصوصا بعد أن أكمل بناء المراكز الأولى بتطوان واستقر بها أهلها وتم استيلاء الإفرنج على غرناطة وقضى على آخر دولة إسلامية بالأندلس. وهذا ليون الإفريقي(1) الذي يسميه الإسبانيون:Juan leon Africano ويسميه الفرنسيون Jean Leun African يذكر لنا في كتابه أن المنظري الذي حكم تطوان بعد بنائها "كانت تساعده في أعالمه ثلاثمائة من نخبة فرسان غرناطة وأشجعهم"(2) وليون الإفريقي ولد بغرناطة عقب استيلاء الافرنج عليها وبعد بناء تطوان ببضع سنوات، وقد نقل إلى المغرب صغيرا ونشأ به وزار تطوان بنفسه وحكى عما شاهده فيها بعينيه.
وقد جاء في آخر كتاب "نبذة العصر، في أخبار ملوك بني نصر" تحت عنوان "نزوح مسلمي الأندلس إلى المغرب" بعد أن بين ما حل بالمسلمين الذين بقوا بغرناطة تحت حكم النصارى من زوال حرمتهم وقطع الآذان في الصوامع، ومنع الاجتماع للصلاة في المساجد، وإخراجهم من المدينة إلى الأرباض إلخ ما نصه(3) : وخرج أهل رندة وبسطة وحصن موجر وقرية مرذوش وحصن مرتيل إلى تطوان وأحوازها... إلى أن قال:"وخرج أهل بربرة وبرجة وبولة وأندراش إلى ما بين طنجة وتطوان ثم انتقل البعض منهم إلى قبيلة بني سعيد من قبائل غمارة".
وفي الأرشيف ماروكان ان تطوان كانت ملجأ للمسلمين والإسرائيليين الذين كانوا يفرون من عقاب محاكم التفتيش بالأندلس.
وهنا يجمل بنا أن نشير إلى رواية تناقلها بعض الكتاب الأجانب، فقد ذكر بعضهم أن مهاجري الأندلس نقلوا معهم مفاتيح أملاكهم تبركا بها؟ وحفظا لآثارها، وانتظارا ليوم رجوعهم لأرضهم وأملاكهم، وزاد بعضهم أن عند أهل تطوان عددا من تلك المفاتيح. وهذا شيء ربما كان في القديم، أما في عصرنا فإننا لا نعرفه ولم نسمعه من أحد من أهل بلدنا.
على أن الذي يثير الاستغراب هو استهزاء بعض الأجانب بما يحمله المسلمون والعرب في المشرق والمغرب من ذكريات نحو ماضيهم ببلاد الأندلس، وما يبدونه من عطف وحنان وحب لتلك البلاد التي يسمونها بالفردوس الإسلامي المفقود، فكأن أولئك الأجانب يرون أن القرون الثمانية التي عاشها العرب والمسلمون في بلاد الأندلس، غير كافية لتخليد حبها والعطف عليها، في قلوب أبناء العرب واحفادهم إلى الأبد، وكأنهم لا يعرفون أن الحنين إلى البلاد الأندلسية وتمني عودة العرب والمسلمين إليها، وحمل راية الحضارة الإسلامية والثقافة العربية بها مرة أخرى، يشعر به ملايين من الناس في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي.
ونحن وإن كنا نعلم أن الدهر أبو العجائب، وأنه بالناس قلب، إلا أننا لا نساير أصحاب الخيال، ونكتفي اليوم بأن ننتظر أن يعيش المغرب حرا عزيزا في ظل دولة وطنية مستقلة عزيزة الجانب صديقة لجارتها دولة إسبانيا، وأن يعيش الشعبان المغربي المسلم والإسباني المسيحي كجارين يتبادلان المصالح على قدم المساواة بدلا من الحروب أو الاحتلال أو الاستعمار، والله على كل شيء قدير(4).
-----------------------------------------------
(1)- ليون الإفريقي هو الاسم الذي يطلقه الأوروبيون على الجغرافي البحاثة الحسن بن محمد الوزان الأندلسي الغرناطي المغربي الفاسي. وقد كان مولده بغرناطة حوالي سنة 901، أي بعد بناء تطوان بسنوات قليلة، وحمل إلى المغرب صغيرا فنشأ ودرس بفاس ثم جال في المغرب والمشرق وبينما هو راجع إلى بلده في البحر إذ أسره قراصنة أوربيون وذهبوا به إلى نابولي، فلما عرفوا أنه من أهل العلم قدموه هدية إلى البابا جان ليون العاشر صاحب روما. وكانت لهذا البابا عناية بعلوم العرب فتلقاه بالقبول وأدخله في حاشيته وسماه باسمه – جان ليون، فتعلم عدة لغات وألف عدة كتب. وقد وجد بخطه في آخر قاموس طبي ألفه، أنه كان بمدينة بولونيا في إيطاليا سنة 930ه/1524م. وفي سنة 932ه /1526م. كان بروما حيث أتم كتابه (وصف إفريقيا) وقد ذكر بعض المؤرخين الافرنج أنه غادر إيطاليا إلى بلاد الإسلام ورجع إلى دينه الإسلامي.
وهذا الشخص له شهرة عظيمة في الأوساط العلمية في العالم بسبب كتابه الجغرافي التاريخي (وصف إفريقيا) وهو كتاب يدل على سعة اطلاعه ودقة ملاحظاته، وقد ترجم إلى الإيطالية وطبع بها سنة 1550، ثم ترجم إلى اللاتينية والفرنسية والألمانية، وطبع عدة مرات في ثلاث مجلدات يزيد عدد صفحاتها على الألف فهو من أشهر وأقدم الكتب الجغرافية التي ظهرت بأوربا – اما باللغة الإسبانية فقد نشر منه معهد فرنكو بتطوان مجلدا يحتوي على القسمين الأول والثاني منه في سنة 1940.
(2)- ج (2) ص255 من طبعة باريس سنة 1897م.
(3)- ص 48 طبعة العرائش سنة 1940م.
(4)- هذه العبارات تركتها كما كتبت يوم كان المغرب مقسما بين دولتي فرنسا وإسبانيا، والحكم الأجنبي مسيطر على البلاد، خانق لحرية أبنائها، ولكن الدهر – كما قلت – أبو العجائب. فقد كافح أحرار المغرب. واضمحلت الحمايتان الافرنسية والإسبانية، واسترجعت الأمة المغربية حريتها واستقلالها وتوحيد أراضيها والحمد لله.
-*-*-*-*-*-*-
بقلم الأستاذ :محمد الشودري نقلا عن كتاب
(تاريخ تطوان للفقيه العلامة المرحوم محمد داود –
الطبعة الثانية- تطوان 1379ه/1959م
القسم الأول من المجلد الأول (من ص86 إلى89)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.