أربعة مشاريع مراسيم على طاولة مجلس الحكومة المقبل    شادي رياض يتألق في أول ظهور بعد الإصابة    جبريل الرجوب يصلح زلة اللسان بخصوص مغربية الصحراء    حرائق لوس أنجليس تخلف 24 قتيلا على الأقل    وزارة الصحة تبدأ في عملية تلقيح البالغين ضد داء بوحمرون    بوكوس: احتفالات "إيض يناير" تعزز تفرد المغرب وحماية التعدد اللغوي    فرحات مهني يكتب: هل اليسار الفرنسي يحمي النظام الجزائري الإجرامي    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    أمن أكادير يضبط كميات كوكايين    جمعية تطلب التكفل بفتاة مغتصبة    لقجع: رفع سعر "البوطا" غير مطروح.. و"التسوية" تحفظ خصوصية الملزمين    مسؤول يكشف أسباب استهداف وزارة الصحة للبالغين في حملة التلقيح ضد بوحمرون    لاعب دولي سابق يقترب من الانضمام للوداد    أمن مطار محمد الخامس يوقف مواطنا تركيا مطلوبا دوليا    مراجعة اللوائح الانتخابية العامة : إمكانية التأكد من التسجيل في هذه اللوائح قبل 17 يناير الجاري    فرنسا تلوح بمراجعة الاتفاقية مع الجزائر.. باريس تواصل تأديب نظام الكابرانات    أوساط ‬إسبانية ‬تزيد ‬من ‬ضغوطها ‬للإسراع ‬بفتح ‬معبري ‬سبتة ‬ومليلية ‬المحتلتين ‬بعد ‬فشل ‬المحاولة ‬الأولى ‬‮ ‬    وزارة ‬الصحة ‬تتدخل ‬بعد ‬تواصل ‬انتشار ‬‮«‬بوحمرون‮»‬.. ‬    الدوري السنوي لنادي اولمبيك الجديدة للكرة الحديدية , إقبال مكثف وتتويج مستحق    توقيف قائد بإقليم ميدلت للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    موجة برد مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    رواية "على بياض" لخلود الراشدي.. تجربة فريدة تتناول موضوع الإدمان وتمزج فن الراب بالرواية    مندوبية التخطيط تتوقع عودة الانتعاش الاقتصادي الوطني في بداية عام 2025    الاحتفال برأس السنة الأمازيغية.. طقوس وعادات تعزز روح الانتماء والتنوع    نبيل صانصي يصدر ألبومه الجديد "الكوحل"    المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 16 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    أطباء القطاع العام يعلنون إضرابا وطنيا لعشرة أيام احتجاجا على تجاهل مطالبهم    أنشيلوتي يعترف : ريال مدريد لم يكن متماسكا وبرشلونة كان الأفضل    بلعسال منسق فرق الأغلبية بالنواب    ياسين عدنان: مهرجان مراكش للكتاب الإنجليزي يواكب التحولات العميقة للمجتمع المغربي    بركة: الجهود الحكومية لم تحقق نتائج في خفض البطالة والغلاء    على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء النباتي الأخضر    السعودية تطلق مشروع مدينة للثروة الحيوانية بقيمة 2.4 مليار دولار    الذهب يتراجع متأثرا بتقرير عن الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية    حموشي يؤشر على تعيين كفاءات شابة لتحمل مسؤولية التسيير الأمني    أخنوش: ملتزمون بترسيم الأمازيغية    فن اللغا والسجية.. الظاهرة الغيوانية بنات الغيوان/ احميدة الباهري رحلة نغم/ حلم المنتخب الغيواني (فيديو)    راديو الناس.. هل هناك قانون يؤطر أصحاب القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (ج1)؟    قطر تسلم إسرائيل وحماس مسودة "نهائية" لاتفاق وقف إطلاق النار    دعوات للاحتجاج تزامنا مع محاكمة مناهض التطبيع إسماعيل الغزاوي    شي يشدد على كسب معركة حاسمة ومستمرة وشاملة ضد الفساد    فيتامين K2 يساهم في تقليل تقلصات الساق الليلية لدى كبار السن    الدولار يرتفع مدعوما بالتقرير القوي عن سوق العمل    من بينهم نهضة بركان.. هذه هي الفرق المتأهلة لربع نهائي كأس الكونفدرالية    النفط يسجل أعلى مستوى في أكثر من 3 أشهر مع تأثر صادرات روسيا بالعقوبات    برشلونة بعشرة لاعبين يقسو على ريال 5-2 بنهائي كأس السوبر الإسبانية    أطباء مغاربة يطالبون بالإفراج عن الدكتور أبو صفية المعتقل في إسرائيل    للتعبير عن انخراطهم في حملة "مرانيش راضي".. احتجاجات شعبية في ولاية البويرة الجزائرية (فيديوهات)    تحذيرات خطيرة من كاتب سيرة إيلون ماسك    دراسة: ثلث سواحل العالم الرملية أصبحت "صلبة"    الحسيمة تستقبل السنة الأمازيغية الجديدة باحتفالات بهيجة    بولعوالي يستعرض علاقة مستشرقين بالعوالم المظلمة للقرصنة والجاسوسية    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأس السنة الأمازيغية .. مناسبة لتقييم مكتسبات وإخفاقات لغة تسعى إلى الخروج من دائرة "الإنقراض"
نشر في اليوم 24 يوم 13 - 01 - 2025

بعد سنوات من طول الانتظار وتوالي مطالب الحركة الأمازيغية ونداءات حقوقيين وفعاليات ثقافية بإقرار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية يحتفل المغاربة هذا العام للمرة الثانية بهذه المناسبة في هذه الحلة الشعبية الجديدة بعدما كان هذا الاحتفاء يقتصر على العائلات والنشطاء وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بالشأن الأمازيغي.
ويأتي احتفاء المغاربة على غرار مناطق أخرى من شمال افريقيا في ال 14 يناير برأس السنة الأمازيغية 2975 ، بعد سلسلة من الخطوات والقرارات التي اتخذتها الدولة المغربية منذ ربع قرن في ما يتعلق بالنهوض بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية غير أن التلكؤ في أجرأة عدد من مقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في قطاعات بعينها يطرح أكثر من علامة استفهام ويفتح النقاش حول أبعاد هذا التباطوء الذي قد يؤدي إلى الموت البطيء لهذه اللغة .
فخطاب أجدير في 17 أكتوبر 2001 الذي شكل نقطة مضيئة في مسار مصالحة المغرب مع تاريخه، واعتماد دستور جديد للمملكة عشر سنوات بعد ذلك ، ولاحقا صدور القانون التنظيمي المذكور ، كلها مؤشرات تدل على وجود إرادة للنهوض بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية ، غير أن التنزيل الأمثل لهذا الورش على أرض الواقع يصطدم بعراقيل إدارية و مؤسساتية وذاتية ولوجستية لاسيما في قطاعي التعليم والإعلام ومجالات أخرى لا تقل أهمية.
لا شك أن الحكومات التي تعاقبت على المغرب منذ الاستقلال ولاسيما التي جاءت بعد دستور 2011 الذي نص في فصله الخامس على أن اللغة الأمازيغية تعد لغة رسمية للدولة إلى جانب العربية ، تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية في ما وصل إليه وضع الأمازيغية سواء بالسلب أو الإيجاب وأن أي تماطل في رد الاعتبار لهذه اللغة قد يؤدي إلى بقائها في » دائرة الإنقراض » وهو ما لا يتمناه أي غيور على مستقبل المغرب، البلد الذي وصفه جلالة الملك محمد السادس في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب لعام 2021 ب » دولة عريقة تمتد لأكثر من اثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل ».
ويرى الباحث في الشأن الأمازيغي عبد الله حيتوس أن « موت اللغة الأمازيغية، إن حصل لا قدر الله، لن يكون طبيعيا ولا بسبب تطور لغوي كما هوالحال بالنسبة للغة اللاتينية ولا بسبب انقراض أصحابها الأمازيغ، لكنه سيكون انقراضا بالاستبدال ويفيد الاستبدال كما يشرحه اللغوي "لويس جان كالفي" انقراض لغة أو عدة لغات بعد هيمنة لغة/لغات غالبة عليها ».
واعتبر حيتوس في مقال بعنوان « أوقفوا النزيف وأنقذوا الأمازيغية من الاندثار « أن « انقراض الأمازيغية ستكون له نتائج كارثية على أمننا اللغوي والهوياتي والقيمي، كما سيخسر المغرب ما لا يمكن أن يجده في أسواق السلع والخدمات، سيخسر ثراتا لا ماديا غنيا يميز خصوصيته وفرادته ».
وارتباطا بذلك ، فقد تجد أناسا يفتخرون بما حققه المغرب في القرون الماضية لاسيما في عهد دول المرابطين والموحدين والمرينيين وامتدادها الى شبه الجزيرة الإيبرية ومناطق في افريقيا جنوب الصحراء ودورها في إسناد المسلمين في الأندلس وإطالة عمر الإسلام فيها لقرون، لكنهم يجهلون بأن مؤسسي هذه الامبراطوريات هم أمازيغ بدءا بعبدالله بن ياسين الأب الروحي للمرابطين ابن بلدة تمنارات بسوس بتخوم الصحراء مرورا بالمهدي بن تومرت الذي جعل من رباط تنمل الواقع في الأطلس الكبير الغربي قاعدة للدعوة الموحدية .كل هذا وذاك يجعل من الأمازيغية مكونا ثقافيا وتراثيا متجذرا لا يمكن فصله عن التاريخ المتنوع للمغرب .
ولتفادي سيناريو الانقراض ، يقع على عاتق القطاعات الحكومية لاسيما في التعليم والإعلام بذل مجهودات إضافية وسن سياسة لغوية تعتمد على التمييز الإيجابي لفائدة الأمازيغية وتعزيز حضورها في البرامج التلفزية والإذاعية بالنظر إلى الإقصاء الممنهج الذي طالها لعقود من الزمن لأسباب اديوليوجية وسياسية .
إذا كانت الأمهات قد حافظن على اللغة الأمازيغية على مدى القرون الماضية من خلال نقلها إلى الأبناء من جيل إلى آخر ومعهن النسيج القبلي و المجتمع المدني والنشطاء ، فإن دور الدولة يعتبر في الوقت الراهن والمستقبل مفصليا لاستمرار هذه اللغة من خلال النهوض بالتعليم والرفع من أعداد مدرسي اللغة الأمازيغية في المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة لاسيما وأنها أضحت لغة رسمية وقد دخلت مع حرف تيفيناغ إلى محراب اللغات المكتوبة وتسعى إلى الخروج من قائمة اليونسكو للغات المهددة بالاندثار في العالم.
وبالعودة إلى الاحتفال بالسنة الأمازيغية ، لا شك أن بلاغ الديوان الملكي الصادر في الثالث من ماي 2023 الذي تم خلاله إقرار هذه السنة رسميا ، قد شكل محطة فارقة جديدة في التعامل مع الأمازيغية باعتبارها « مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، و رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. كما يندرج في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية ».
وفي سياق تنزيل هذا القرار على أرض الواقع صادق مجلس الحكومة يوم 23 نونبر من نفس السنة على مشروعي مرسومين يتعلقان بتحديد يوم 14 يناير عيدا وطنيا مؤدى عنه الأجر في القطاعين العام والخاص.
بالإضافة إلى ذلك، يمثل 14 يناير في مسار الأمازيغية في العهد الجديد بالمغرب يوما تاريخيا إذ عين جلالة الملك في 14 يناير 2002 الأستاذ محمد شفيق أول عميد للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي تم إحداثه بهدف الحفاظ على الثقافة الأمازيغية والنهوض بها في جميع تعابيرها.
ورغم اختلافهم حول تسمية وطرق الاحتفال بقدوم السنة الأمازيغية الجديدة، بين من يسميها « ئض ن ئناير »، أو « ايخف ن أوسكاس « ، أو « حاكوزا »، فإن المغاربة، على غرار مناطق أخرى من شمال إفريقيا، يتفقون على أهمية الاحتفاء بهذه المناسبة من أجل الحفاظ على الموروث الثقافي الأمازيغي، وبالتالي ضمان نقله من جيل إلى آخر .
ويكتسي هذا الاحتفال دلالات رمزية عميقة تكشف البعد الفلسفي لنظرة الأمازيغ إلى الأرض، فهذا الاحتفال هو احتفاء بالأرض وما تنتجه من خيرات، ولذلك تسمى بالسنة الفلاحية، مما يعني أن الأمازيغ لهم ارتباط خاص بالطبيعة والأرض ويدركون تمام الإدراك أهمية الحفاظ على الأنظمة البيئية لاسيما وأن هذا الاحتفال يأتي في سياق توالي سنوات الجفاف التي اتسمت بقلة التساقطات المطرية وشح المياه جراء التغيرات المناخية التي تضررت منها البلاد في العقد الأخير .
ومن هذا المنطلق يكون المغرب قد التحق بنادي الشعوب التي تضيف لأعيادها الدينية والوطنية احتفالا بيئيا نظرا لما تشكله قضايا البيئة من أهمية حاضرا ومستقبلا .
إن من شأن قرارا ترسيم رأس السنة الأمازيغية وغيره من الخطوات والمبادرات ذات الصلة وكذا التجربة التي راكمها المغرب في مجال النهوض بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية المساهمة في رد الاعتبار للأمازيغية لغة وثقافة وهوية وبالتالي تأهيل المملكة ،كما قال رائد الحركة الأمازيغية الأستاذ إبراهيم أخياط رحمه الله، لتصبح « منارة تنهل من نورها بلدان شمال افريقيا في هذا المجال ».
أسكاس أمازيغ إغودان
سنة أمازيغية سعيدة لكل المغاربة ولأمازيغ العالم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.