لم يخطئ المعهد الثقافي الإسباني "سيرفانتيس"، اختيار الباحث والمفكر المغربي الراحل محمد بن عزوز، منطلقا لاحتفالاته المتواصلة بأسبوع الصداقة المغربية الإسبانية، المنتظر أن تضم أنشطة ثقافية وفكرية وعلمية وفنية تحتضنها ستة فروع له بمختلف المدن المغربية، بعد إعطاء انطلاقة الاحتفالات مساء الجمعة الماضية محاضرة احتضنها فندق مصنف بشارع الحسن الثاني بفاس. "لنتذكر جميعا سيدي محمد بن عزوز: جسر بين ضفتين"، عنوان المحاضرة التي ألقاها ابتداء من السادسة مساء الجمعة الماضي بالفندق المذكور، الدكتور فكتور موراليس ليسكانو، الباحث المتخصص في تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية، احتفاء بابن عزوز وتكريما له باعتباره باحثا مغربيا قوميا ويعتبر رمزا لهذه العلاقة الدائمة بين الشعبين، التي تمتنت مع مرور السنوات. المحاضرة من تنظيم المعهد الثقافي الإسباني بفاس بتعاون مع قنصلية إسبانيا بالرباط، واختير لها مفكر من الحجم الكبير في شخص مواليس ليسكانوا الباحث المتخصص الذي عايش تجربة التعاون المغربي الإسباني طيلة عقود. ويؤرخ للعلاقات الإسبانية المغربية، بمعاهدة الصداقة والتجارة بين البلدين التي تعود إلى نحو 248 سنة خلت، ويحتفل بها في 28 ماي المقبل، بتنظيم الأنشطة المذكورة التي تتضمن محاضرات ومعارض وندوات فكرية وعلمية، يشارك فيها باحثون مغاربة وإسبان تحتضنها المراكز الثقافية الإسبانية بالمدن الكبرى أولها فاس التي التفتت إلى بن عزوز الجسر بين ضفتي المتوسط. وساهم المفكر محمد بن عزوز، المحتفى به، مع ثلة من المؤرخين الإسبان والمغاربة، في إثبات العديد من الحقائق حول العلاقة بين البلدين، ما جعل من كتاباته الكثيرة مراجع لكافة الوقائع والأحداث التي كان شمال المغرب مسرحا لها في مختلف الفترات التاريخية، ويعد من أبرز المؤرخين والباحثين المغاربة المختصين في الدراسات التاريخية حول مسار العلاقات المغربية الإسبانية. وأسهم بن عزوز المولود بتطوان في 28 شتنبر 1924 والمتوفى السنة الماضية عن عمر يناهز 90 سنة، بشكل كبير في كشف وتوطيد العلاقات المغربية الإسبانية، إذ اصدر أكثر من 320 كتابا منها 190 كتابا باللغة الإسبانية، إضافة إلى 300 بحث تاريخي حول تاريخ هذه العلاقات، وأسهم طيلة 7 عقود في إغناء المكتبة التاريخية بالبلدين بمصنفات تاريخية مستندة إلى الكتابة الوثائقية. وشارك بن عزوز الذي دفن بعد وفاته بمقبرة سيدي المنظري بتطوان، في أكثر من100 مؤتمر وملتقى دولي، قدم فيها وفي غيرها من التظاهرات الثقافية العالمية، نحو 250 محاضرة في المغرب وخارجه حول الدراسة التاريخية في المنطقة المتوسطية، ليكون بذلك أهم باحث ومؤرخ مغربي وعربي أفنى حياته في البحث والتنقيب عن جذور العلاقات المغربية الإسبانية. ومن بين أهم مؤلفات المرحوم الذي سبق له أن أسس مجلات موضوعاتية مختلفة، في المجال، كتبه "رحلة إلى أندلوسيا" و"معركة أنوال" و"زعيم الوحدة عبد الخالق الطريس" و"مأساة الأندلس من سنة 1483 إلى 1609"، وإسهامات أخرى سجلت بمداد التوثيق مسارات مختلفة من العلاقات التاريخية المشتركة بين الضفتين، وأغنت المكتبة المغربية ونظيرتها الإسبانية. ومن ضمن أهم عناوين المجلات التي أصدرها وكان لها وقع في الساحة الإعلامية،"الوثائق الوطنية" التي جعل منها وثيقة تؤرخ للحركة الوطنية وضمنها وثائق نادرة ومختلفة، ومجلة "تطاون" التي اعتنت بتاريخ الشمال المغربي، و"الجيوب السليبة" التي أصدرها باللغتين الإسبانية والمغربية، و"دفاتر القصبة" التي أصدرها بالإسبانية، ومجلات أخرى كانت لها مكانتها في الساحة. بريس تطوان/الصباح