على امتداد الزمن وتعاقب السنوات على مدينة تطوان ، لم تغيب ليلة على مسامع ساكنة المدينة دقات " طبال السحور" خلال شهر رمضان الأبرك، هذه الحرفة التي دأب عليها ممتهنوها مزاولتها في هذا الشهر لإيقاظ ساكنة حيهم للسحور، وكذا بغية الحفاظ على هذه العادة التقليدية بمدينة تطوان، التي لازالت تتحدى كل العوامل التكنولوجية التي تساهم في اندثار تقاليدنا وعادتنا الشعبية العريقة. ومن بين أحد ممتهني هذه الحرفة التقينا السيد "محمد، 56 سنة" أو كما يحلو للبعض مناداته "بالقايد" ابن حي القدس "الملاح" بالمدينة العتيقة ، الذي يزاول هذه الحرفة لأزيد من عشرين سنة، تحدث لنا عن حبه لهذه المهنة التي يحيي بها تراثنا وإحدى عادات هذا الشهر الفضيل، ومدى تمسكه بها بكونها مصدر اكتساب دعوات الرحمة والمغفرة على والديه من قبل النساء والرجال، خاصة يوم العيد الذين يعبرون له عن امتنانهم بهذا العمل الذي يكون أحيانا هو السبب في ايقاظهم. إذ عبر أحد سكان الحي "السي أحمد، 50 سنة " عن شكره لهذا الرجل الذي حاول الحفاظ على تقليد يرسخ الهوية الشعبية لإحدى الطقوس الرمضانية الليلية، وكذا ضمان استمرارية هذه الحرفة الغير المادية من الاندثار التي قل من يمتهنها في زمن المال والعولمة. لتشطاره الرأي "مريم، 29 سنة" قاطنة بنفس الحي، والتي أكدت على أن هذه العادة هي جزء لا يتجزء من أجواء رمضان المميزة بالحمامة البيضاء وخاصة المدينة العتيقة، التي ألفت سمرها رفقت الجيران والخيلان ينتظرون مرور الطبال ليبدأن في تحضير السحور. أما "عمر،24 سنة" فقد رأى أن هذه العادة مجرد ازعاج لراحة السكان خاصة وأنهم لا ينامون ساعات كافية، ليكون هذا الطبال مصدر ضجيج يقلق راحة النيام الذين يستغلون تلك السويعات القليلة للراحة، مضيفا أن هذا التقليد مجرد إضافة شكلية فقط، لم يعد أحد في هذا الزمن يعتمد عليه، بحكم تواجد الساعات والمنبهات التي لا يخلو أي منزل منها. غير أن "السي محمد" الذي يجول قرابة الساعتين بأحياء وأزقة حي الملاح والسويقة والمصداع وابن خلدون والطرافين والأحياء المجاورة لهم، والذي لا يعرف طعم ونكهة السحور مع أولاده وزوجته، مصر بأن يتمسك بهذه الحرفة رغم شح موردها إلا ما جادت به الأيادي يوم عيد الفطر. مؤكدا أنه سيستمر في مزاولتها لكونها تقيلد شعبي لابد حمايته من الزوال وسط زحف التطور التكنولوجي الذي بدأ يساهم وبشكل فتاك في طمس ثقافتها وهويتنا التقليدية الشعبية.