بقلم: يوسف سعدون أصبح ما سمي بإصلاح نظام التقاعد أمرا واقعا مع دخول اقتطاعات من رواتب الموظفين حيز التنفيذ، ويأتي هذا الإجراء في خضم الحملة الانتخابية مع ما يحمله في هذه المرحلة من قراءات، فهذا الموضوع حاضر بقوة في الحملة الانتخابية ووظف بحسابات سياسية مختلفة: فأحزاب المعارضة تنتقده بشدة كعادتها وتحمل حكومة بنكيران تبعاته وتبرهن على استقوائه على الطبقة الوسطى من الموظفين وعجزه عن مس مصالح الفئات المتنفذة، لكنها في نفس الوقت تصمت عن ردود فعلها التي واجهت بها هذا الإصلاح من مبادرات نضالية ملموسة على مستوى الساحة. وما سجل في فترة إنزال هذا الإصلاح فقط هو رفض لهذه الأحزاب من داخل المؤسسات، وفي نفس الإطار يدخل رد فعل النقابات التي دعت منخرطيها لعدم التصويت لصالح العدالة والتنمية باعتبارها المسؤولة عن هذا الإصلاح. وبعض أحزاب الأغلبية أبانت عن أسفها لتطبيق هذا القانون واعترفت بالأضرار التي ستلحق بسببه عموم الموظفين وكأنها كانت في حالة شرود ولم تشارك فيه من موقع المشاركة في الحكومة. ويبقى موقف العدالة والتنمية كعادته مدافعا عن مبادرته هذه مذكرا بنفس الأسطوانة التي طالما كررها، لكن ما أثارني هو تصريح أحد قيادييه في هذه الحملة والذي كشف عن بعض خبايا جلسات الحوار الاجتماعي حيث أكد أن جل النقابات كانت تؤيد هذا الإصلاح، لكنها ترفضه في العلن فقط لكي لا ينسب لبنكيران ولكي لا تحرج مع قواعدها، واستدل على موقفه هذا بالمواقف الباردة لهذه النقابات في مجلس المستشارين حيث أكد أنه كان بإمكان هذه النقابات توقيف هذا الإصلاح لو كانت عزيمتها قوية. هي إذن قضية وطنية توظف حاليا في هذه الحملة بهواجس انتخابية مصلحية ليس إلا.. لكن الواقع الحالي ومآل هذا الملف يفرض في هذه المحطة الانتخابية مساءلة الجميع أغلبية ومعارضة، الأولى لتمريرها هذا القانون والثانية ( أحزاب ونقابات) لمواجهته بطريقة محتشمة تحمل الكثير من الاستفهامات، ويبقى الضحية هو جيش الموظفين ضحايا هذا الإصلاح. فقط أقول لبعض الأحزاب التي تعد بمراجعة هذا القانون إذا ما وصلت إلى رئاسة الحكومة: لا تستغفلوا هذا الشعب، لأن تجارب هذا البلد تؤكد استحالة مراجعة القوانين الكبرى التى حلت أزمات على حساب مصالح المواطنين.