بقلم الحبيب عكي طبعا، قد قال جلالة الملك - حفظه الله - في خطاب العرش الأخير يوليوز 2016، أنه لا ينتمي إلى أي حزب مغربي ممن يسيؤون الممارسة السياسية ويسيؤون إلى سمعة الوطن ويركبون عليه من أجل مصالحهم الحزبية الضيقة، ولكن الحزب الوحيد الذي ينتمي إليه هو "حزب المغرب"؟؟، ولن نسأل جلالته بأن يخبرنا ما هو "حزب المغرب" هذا الذي ينتمي إليه حتى ننخرط فيه وراءه حكومة وشعبا، أحزابا وجمعيات، نقابات وأبناك وشركات، وكل الفاعلين وكل المؤسسات، والوطن يستحق ومعركة التنمية قد طالت وتستلزم، بل فقط سنحاول أن نتعرف على الحزب المغربي الذي ينتمي إليه الشعب حاليا، إن كان ينتمي، فإذا كان نفس الحزب حمدنا الله واطمأنا على مستقبل الوطن، وإذا كان غير ذلك بحثنا عن توحيد الوجهة والجهود وحتى الأحزاب في إطار التعدد فهو تعدد في إطار الوحدة؟؟. 1- طبعا، لم يعد أحد من الغيورين العاقلين ينتمي إلى الأحزاب الإدارية التي ولدت بإيعاز من الإدارة، ولم يكن لها أي مشروع مجتمعي غير الدفاع عن تخلف الإدارة وتسلطها فطالت بذلك الأزمة واستفحلت، مقابل ما يوضع في فم هذه الآلات الانتخابية من ملاعق ذهبية وفي واجهاتها من أعيان المجتمع ورجالات الدولة أو على الأصح "خدام الدولة"و"الريع السياسي"، إلى درجة أن أحدها جمع أكبر عدد من البرلمانيين وكان هو الحزب الأول في البرلمان ولم يؤسس بعد؟؟. 2- ولا يشرف أحد كذلك، الانتماء إلى الأحزاب ضيقة الأفق الديمقراطي، ومنها التي لا تولد إلا عن قيصرية الانشقاق عن أحزابها الأصلية وما أكثرها، ذلك أن زعمائها يحسمون المواقف الحرجة عند حرج الاختلاف لصالحهم بأداة الانشقاق بدل أداة الحسم الديمقراطي؟؟، ليكبلوا مستقبل ضيعاتهم السياسية بعد ذلك في معارك هامشية للاستقطاب والتنظيم والعمل على بدء كل شيء من الصفر بدل الانشغال في التنمية؟؟. 3- و من ضيقي الأفق الديمقراطي أيضا، زعماء "أنا أو لا أحد"، أولائك الزعماء الحزبيون الأنانيون الخالدون الذين لا يؤمنون بالتداول ولا يستنكفون عن فتح دكاكينهم السياسية في سوق ممتلئة بالعشرات من أمثالها وبضاعتها التي بارت منذ زمان، ومن كل طيف سياسي، يساري ويميني، علماني وإسلامي، وحتى الإتني القومي الضيق، ناهيك عن بعض الأحزاب الجمعيات التي ليست إلا رجع الصدى لموجات عالمية عابرة هنا أو هناك، وهي أحزاب قد تناسب بيئاتها الشيوعية والبعثية والليبرالية والبيئية أكثر من غيرها؟؟. 4-ولا حتى الانتماء الفعلي أو العاطفي إلى الأحزاب الوطنية ذات المشروعية التاريخية والمصداقية النضالية، والامتداد الجماهيري، والانجاز السياسي المحترم، والهيئات الموازية الفاعلة، والتأطير المجتمعي الدائم وليس في المواسم الانتخابية فقط، ولكن هذا الصنف من الأحزاب لديها في نظرنا عقدتين لو استطاعت التخلص منهما لأجمع وأقبل عليها الجميع، أول هذه العقد أنها عاشت على الدوام في المعارضة الشاملة، المعارضة للسلطة والنظام ولبعضها البعض، ولم تفتح لها أبواب التدبير والمشاركة في الشأن العام إلا وهي منهكة صريعة القوى، ومن إلفها للمعارضة وإدمانها عليها أنها تعارض اليوم على الشعب الذي تدعي تمثيلة وخدمته، بل و حتى على نفسها؟؟، وثاني هذه العقد أنها مبتلية بعادة الركوب على بعضها وعلى اختصاصاتها وحتى على الوطن، فأصبحت تتزايد فيما لا يقبل المزايدة مما يشكل سوء حظ الحكومة الحالية للأستاذ عبد الإله بنكيران، كأولوية الدولة ومصالحها وتوازناتها والتزاماتها قبل كل شيء، وتحدي الإصلاح في ظل الاستقرار، والحفاظ على الأمن في ظل زلزال الربيع العربي الكامن، والإرث الثقيل ل50 سنة من التجارب الحكومية التي لم تنجح في الغالب إلا في تجفيف مصادر الثروة الوطنية وهدرها، فلا خوصصة اليوم ولا ضرائب ولا مساعدات، مما أدى إلى اتخاذ قرارات قاسية تجرأت على مس مكتسبات الشعب المغربي وخاصة الطبقة الوسطى وأبنائها(كحذف صندوق المقاصة والزيادة في أثمنة المحروقات وفي سن التقاعد للموظفين، وفصل التكوين عن التوظيف، وقمع الاحتجاجات في الشارع لأفواج المعطلين، والأطباء والأساتذة المتدربين...) وغير ذلك مما يفقد الثقة في كون المعارك الانتخابية واللعبة السياسية ككل يمكن أن تكون من أوجه ومحامل الإصلاح والتنمية في المغرب والناس لا يرون فيها غير "التسلط" بدل السلطة، و"التحكم" بدل الحكم، و"اختلاق"المشاكل واستفحالها بدا مقاومتها وحلها، لا من الناحية المادية والمكتسبات والامتيازات فقط بل حتى في مجال الحريات والأخلاق التي تتراجع؟؟. · إن "حزب المغرب" أو حزب الملك والشعب، ليس مثل هذه الأحزاب السيئة الذكر، التي تخلق كذا أزمات وكذا هشاشة وصراعات وهي المرشحة للقضاء عليها أو على الأقل التخفيف منها إن لم يكن القضاء؟؟، ولا الأحزاب التي لا تتغذى إلا على ما ينالها من الريع السياسي؟؟.ولا الأحزاب التي لا زالت تقتات على ما كان من النضال التاريخي للشعب المغربي تدعيه لنفسها، ولا الأحزاب التي تعجز كل هويتها ونظافتها وتسبيحاتها وجلساتها من أن تضمن لقمة عيش كريم للمواطن ولا المحافظة على مكتسبات الشعب في الشغل والسكن والصحة والتعليم؟؟ولا الأحزاب الجمعيات الطوابير الخامسة التي ليست إلا رجع الصدى لموجات عالمية عابرة ترفية عبثية عابثة هنا أو هناك قد تناسب شعوبها وبلدانها ولكن ليس غيرها؟؟، وليست تلك الأحزاب التي لا تلعب أدوارها الدستورية في تأطير المواطنين، وإذا ما حدث ففي المواسم الانتخابية فقط وبأدوات لا دستورية كالعرقية والولائم والرشاوي والأيمان الغليظة؟؟، مما يجعل كل مسلسلات الاستحقاقات الوطنية كما يقولون:"شهر للولائم و"المرقة" وأسبوع للرشوة و"الزرقة"ويوم للصندوق ووضع"الورقة"وبعدها خمس أو ست سنوات"للسرقة"بكل نزاهة وشفافية"؟؟، ولا تلك التي لا تؤمن بكفاءة المرأة والشباب وتداول المسؤولية لا داخل هياكلها ولا في الشأن العام، وإذا ما حدث فمن اجل شبيبات مطبلات ونسائيات مزغردات لسياسات هي أولى ضحاياها؟؟، ولا تلك التي لا تراعي هوية المغرب الدينية والتعددية والتزاماته القومية الدولية والكونية، ولا يهمها إلا مشاكلها وتطلعاتها التي لا تخجل من أجلها من ضرب بلدها من الخلف حتى بمخالفة الإجماع الوطني وربما التطبيع مع العدو والاستقواء على البلد ولو بالشيطان؟؟، ولا تلك التي يملأ برامجها مجرد الكلام الفارغ بدل الأعمال والخدمات والتعايش الميداني الدائم مع المواطنين، خاصة في هذا العصر الذي تتحول فيه كل الأحزاب الناجحة في العالم من السياسة إلى الخدمات؟؟، ولا تلك التي ليس لها من الحزبية والزعامة والسياسة والأغلبية والمعارضة غير الكذب والكذب وضجيج الأرقام الفارغة، وتعجز زعاماتها العائلية الخالدة حتى من انتزاع مقعد لها في البرلمان أو الجماعات، مما يجعل حتى الفايسبوك واليوتوب ومواقع التواص الاجتماعي أكثر منها حسما ونجاعة وفعالية؟؟. · إن حزب الملك والشعب، ليس هذا الحزب أو ذاك ولا..ولا..ولا..ولكنه حزب على كل حال؟؟وكم حزب وتجربة حزبية وتحالف حكومي هجين ضاعف ألام الشعب وضيع أحلامه، حتى أنها أصبحت اليوم من عجزها وجبنها يؤاخذ عليها النظام بدل أن تؤاخذ عليه، ويحرجها بدل أن تحرجه، ويوجهها بدل أن تقنعه بمشروع أو إبداع يكون في مصلحة الشعب المسكين الذي تؤاخذ عليه معارضته وعزوفه وغضبه واحتجاجه بدل أن تنجز له ما يقنعه؟؟، ومع ذلك، ومن أجل مصلحة الوطن، فقد نتخلى عن أنانيتنا ونتحمس للانخراط في هذا الحزب المغربي، فقط لو يخبرنا عن سؤالين إثنين مؤرقين أزليين، أولهما ماهية وكينونة هذا الحزب، خاصة وأن الشعب يعلم علم اليقين ومن خلال الحقائق الحزبية السابقة أنه لا يوجد في المغرب مع الأسف غير حوالي 05 أحزاب حقيقية لازال نجمها يسطع على الدوام وهي: · حزب الخوف، وشعاره:"اللي خاف نجا"؟؟ · حزب الصمت، وشعاره:"لا عين شافت ولا قلب وجع"؟؟ · حزب الفقر، وشعاره:"كم حاجة قضيناها بتركها"؟؟ · حزب المقهى والملهى، وشعاره:"لعن الله ساس ويسوس..اليوم مقهى وغدا ملهى"؟؟، وهو من حزب المقاطعين الذي نال اليوم أوراق اعترافه بعد عقود من التواجد الميداني الفعلي، ويتنبأ له المراقبون باكتساح كافة الاستحقاقات، اكتساحه لمباريات "البارسا والريال"؟؟ · حزب الفايسبوك واليوتوب ومواقع التواصل الاجتماعي، وشعاره: "العالم الافتراضي هو الواقع ما دام الواقع هو الافتراضي"، وهو أكثر نجاعة وانتشارا وفعالية من كل الأحزاب، وكأنه هو الحزب المغربي الصيني الأندنوسي الناهض، ذو عشرات الملايين من العضويات والإنجازات رغم انعدام الموارد والامكانيات، فهناك على الدوام الأفكار والمشاريع تتفجر، فله يرجع الفضل في ظل الأمن والاستقرار والحريات وعلى رأسها حرية المبادرة و"قلة ما يدار"، له يرجع الفضل في حل العديد من القضايا الوطنية الشائكة أكثر من كل حكومات الظل والواجهة بعفاريتها وتماسيحها، ومن ذلك على سبيل المثال:قضية البيدوفيلي "دانيال" والسياحة الجنسية واغتضاب الأطفال//قضية تعنيف المرأة وتشغيل القاصرات وتزويجهن بمغتصبيهن//نفايات "الحيطي" و"شرفات" 02 فرانك، وتقاعد البرلمانيين والوزراء//إقالة وزراء "الشوكلات" و"الكراطة" و"الكوبل"الوزاري المتيم//حركة 20 فبراير الإصلاحية الهادرة وعزمها نسف الفساد والاستبداد و رموزه من العفاريت والتماسيح، وقد تجاوبت معها الدولة بدستور استباقي غير مسبوق 2011، ما منحها شرف النسخة المغربية للربيع العربي المؤسس للإصلاح في ظل الاستقرار وما أثمره من حملات "الزيرو"، "زيرو ميكا"، "زيرو كريساج"، "زيرو خدام الدولة"، والبقية تأتي، فقط لا تترددوا في الانضمام..لا تترددوا في الانضمام؟؟ · والسؤال الثاني، ليس هو سؤال السياسة في المغرب، فهناك والحمد لله تقدم وتوافق مضطرد في هذا المجال، والقطار قد يكون وضع على السكة ولاشك سيتحرك في الاتجاه الصحيح، ومحطة الوصول آتية ولا ريب، ما صدقت النوايا وقويت العزائم؟؟، ولكن السؤال الذي دوخنا سبع دوخات ولا يزال، رغم...ورغم...ورغم...هو سؤال التنمية في المغرب، التنمية مفهوما ورؤية، تخطيطا وبرامج، عدالة وإنصافا فئويا وجهويا ومجاليا، وخاصة، عائد كل ذلك على حياة المواطن كما قال جلالة الملك، فإلى يومنا هذا لازالت ترتبط كل جهود التنمية في هذا البلد بمجرد السياسات الحكومية المتعاقبة ومشروع الجهوية الموسعة المنتظرة دون جدوى، بل بمجرد الغرف المهنية للتجارة والصناعة والصيد البحري، أو وكالات التنمية الاجتماعية أو وكالات تنمية أقاليم الشمال أو الجنوب، أو حتى مجرد شجر النخيل والأركان و مخططات المغرب الأخضر والمغرب الأزرق، أو فقط مشروع تنظيم كأس العالم ومشروع عشرة ملايين سائح، وأحيانا بمجرد مبادرة "التنمية البشرية"، ومبادرة "الملايين" من المحافظ و"القفف"الرمضانية، و"أضاحي"العيد؟؟، أو بمجرد شركات القطاع الخاص وشراكات جمعيات المجتمع المدني، أو مجرد توأمة بعض مدننا مع بعض المدن الأجنبية ولو توأمة شرفية لا قروض فيها ولا مساعدات ولا تكوينات ولا تبادلات، و أحيانا كم تنهال المساعدات على دولنا النامية فيبددها الفساد لأن سياستها ترتكز على الليبرالية المتوحشة وأساها النفوذ والفساد، فلا تجد لها أي أثر في تحسين حياة العباد وتنمية البلاد؟؟. وجل ما سبق ولاشك هو مداخل وحوامل تنموية ممكنة، ولكن لابد أن نتيقن من أن التنمية ليست بالاستيراد ولا بالتدبير المفوض ولا بالقروض والمساعدات ولا بانتظار الذي قد يأتي ولا يأتي، بل بجهود ذاتية وطنية يشارك فيها الجميع من أجل الجميع، بهموم السكان لا بهموم غيرهم؟؟، فهل سيكون هذا بعض دين و ديدن دولتنا وحكومتنا وجهويتنا الموسعة، وأحزابنا المغربية المناضلة حقا في الميدان، خاصة ونحن على مشارف استحقاقات 07 أكتوبر 2016، الكل يرجو فيها عدم تكرار ما حدث في استحقاقات 04 شتنبر 2016، من مهازل التصويت على بياض، أو من اجهاز الناخبين الكبار على إرادة المواطنين عن قصد وترصد وإصرار، إصرار على "التحكم" في المداخل والمآلات، وعلى تمييع الانتخابات والمؤسسات وإفراغها من المعنى ضدا على كل الإرادات والتوجيهات والتشريعات والانتظارات؟؟، وتلك إساءة عامة للوطن ما بعدها إساءة وركوب على الجميع شر ركوب لم ينحني فيه أحد للراكبين؟؟، لا خيار لنا للخروج من هذه المتاهات وتجاوزها إلى منتجعات الديمقراطية والتنمية إلا الاستفادة من التوجيه الملكي الحكيم للسلطات وللأحزاب وللمواطنين وانخراطنا الجماعي في "حزب المغرب" بكل أطيافه وأصنافه من أجل المغرب كل المغرب؟؟، ترى هل سنستفيد من ذلك ويتحمل كل منا مسؤوليته من أي موقع وجد وكل المواقع ضرورة موجودة، أم أنه كالعادة سيكمن الشيطان في التفاصيل، ويظل حزب "الفايسبوك" و"تقرقيب الناب"يصول ويجول في انتظار الذي قد يكون ولا يكون..على أي كيفما تكونون تكن أحزابكم وانتخاباتكم وديمقراطيتكم وتنميتكم..كيفما تكونون يكون الوطن؟؟.