دعا الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما إلى "الأخوة والمودة بين الأديان والتراحم" بين الناس, مستشهدا في هذا الصدد بحديث نبوي ونصوص من الإنجيل والتوراة، كاشفا لأول مرة عن أنه "لم يصبح مسيحيا إلا بعد سنوات عديدة من حياته وأن أباه ألحد بعد أن كان مسلما". وقال أوباما في كلمة ألقاها خلال إفطار الصلوات يوم الخميس الذي اعتاد الرؤساء الأمريكيون الجدد إقامته بعد توليهم: "المسيح قال لنا أن نحب جارنا كما نحب أنفسنا، بينما تنص التوراة على أنه لا ينبغي أن تفعل للآخرين ما تكرهه لنفسك، فيما قال الحديث النبوي في الإسلام لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، مشيرا إلى أن نفس الشيء ينطبق على البوذية والهندوسية. وأضاف أن: "الصيغة الذهبية هي أن يحب أحدنا الآخر، وأن يعامله باحترام ويحفظ كرامته، وتفعيل هذه الصيغة يتطلب من الجميع أن يتحلى بقدر من المسئولية تجاه حقوق الآخرين الذين ربما لا نعرفهم ولا نشاطرهم شعائرهم الدينية أو نتفق معهم في كل شيء أو أي شيء". وقال أوباما: "الأمر يتطلب أحيانا المصالحة مع ألد الأعداء أو التخلص من العداوات القديمة والعطاء للآخرين من أجل أن نعيش في عالم أفضل"، مضيفا أن: "العقائد يمكن أن توحِّد بدلا من أن تفرِّق بين الناس، وأن نتكاتف جميعا لإطعام الجياع وكسوة العرايا وراحة المكلوم وتحقيق السلام في مواقع الصراع وبناء ما دمر وانتشال المكروبين من محنهم". واعتبر الرئيس الأمريكي أن هذه ليست فقط دعوة من أصحاب الأديان، لكنها أيضا "واجب علينا كمواطنين أمريكيين ومواطنين عالميين"، مشيرا إلى أنه سيتم التواصل مع الفقهاء والدعاة والزعماء في مختلف أنحاء العالم لتكريس الحوار البناء والسلمي حول الأديان. "لم أكن مسيحيا" وكشف باراك حسين أوباما في كلمته أنه "لم يترب في بيئة دينية، إذ إن أباه ولد مسلما، لكنه ما لبث أن أصبح ملحدا، كما أن جديه لأمه كانا من المسيحيين المنهجيين والمعمدانيين، لكنهما لم يكونا من المواظبين على العبادة، وكانت أمه من المتشككين في الأديان، "رغم أنها كانت أكثر من عرفتُهم حنانا وروحانية، وعلمتني وأنا طفل أن أحب وأن أتفاهم وأن أفعل للآخرين ما أحب أن أفعله لنفسي"، بحد قوله. وأضاف أوباما أنه لم يصبح مسيحيا إلا بعد سنوات عديدة من حياته عندما انتقل إلى ضاحية "ساوث سايد" بشيكاغو بعد أن أنهى سنوات دراسته قبل الجامعية، وقال: "لم يحدث ذلك بسبب وحي مفاجئ نزل علي، لكن أمضيت شهورا عديدة مع رجال الكنائس الذين كانوا يساعدون المكروبين أيا كان لونهم أو موطنهم".ولم يكشف أوباما عن هويته الدينية خلال هذه الفترة من حياته. وقال إنه في هذه الشوارع وفي هذه الضواحي سمع روح الرب تأتيه وتهديه، وهناك شعر بأنه ينادى إلى هدف أسمى، "وهو هدف الرب". وخلال حملته الانتخابية التي انتهت بفوزه على منافسه الجمهوري جون ماكين في الرابع من نوفمبر الماضي، نفى أوباما أكثر من مرة اتباعه دين والده الذي يقول إنه كان مسلما، مشددا على أنه (أوباما) مسيحي يتبع كنيسة شيكاغو. "الأخوة في العقيدة" من جهة أخرى أعلن أوباما كلمته عن إنشاء ما أسماه بمكتب "الأخوة في العقيدة والشراكة في الجوار"، والذي سيكون تابعا للبيت الأبيض، مشيرا إلى أن هذا المكتب الذي سيعلن عن مهامه لاحقا لن يفضل أصحاب دين على آخر أو أصحاب الأديان على العلمانيين، بل سيساعد المنظمات التي تخدم المجتمعات المحلية دون أن يمحو ذلك الخط الفاصل الذي وضعه الآباء المؤسسون بين الدولة والكنيسة، بحد قوله. وقال أوباما: "هذا المكتب سيساعد هذه المنظمات التي تقدم العون للأسر التي فقدت منزلها أو تقوم بتدريب من يبحثون عن عمل". وأضاف أوباما أنه: "ليس بساذج ولا يتوقع أن تتلاشى الانقسامات بين عشية وضحاها، ولا أن تتبدد الأفكار العتيقة أو الصراعات فجأة"، معربا عن "اعتقاده أن المفاتحة الأمينة والصادقة وتغليب رحمة الخالق بين الناس كفيلة بإذابة هذه الفروق وتولد الشراكة بين البشر". وقال: "في عالم يتضاءل يوما بعد يوم ربما يتمكن الناس من طرد قوى التطرف المدمر والتعصب المفرط ويفسحون الطريق لقوة التفاهم الشافية". ويواجه أوباما تحديات جسيمة خلفتها إدارة الرئيس جورج بوش، مثل إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان، وتحقيق الاستقرار في باكستان، مع دعم العلاقات الأمريكية الإسلامية التي تضررت بشكل كبير جراء سياسات سلفه. ورحب العديد من زعماء العالم الإسلامي والمنظمات الإسلامية بأوباما رئيسا للولايات المتحدة، وتعهده خلال تنصيبه بمسار جديد مع العالم الإسلامي. وأكد في مقابلة أجرتها معه قناة "العربية" الفضائية قبل أكثر من أسبوع أنه سيفي بوعده خلال حملته الانتخابية بالتوجه للعالم الإسلامي من خلال منتدى إسلامي في الفترة الأولى من رئاسته، وأنه سيتحدث للعالم الإسلامي من إحدى عواصم دول العالم الإسلامي دون أن يحددها، في حين رجح خبراء أن تكون جاكرتا بأندونيسيا أو مراكش بالمملكة المغربية،بينما البعض يروج إلى مدينة إسلامية مقدسة والله اعلم. التذكير بصلاة أوباما رفقة أحد الخامات اليهود ب"حائط المبكى" فقد اختتم أواخر شهر يوليوز من السنة الماضية اختتم المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، باراك أوباما، زيارته إلى القدس، المحطة الأخيرة في جولته الشرق أوسطية، حيث توجه بعدها إلى ألمانيا التي جعلها نقطة انطلاق لجولة عالمية هدفت إلى تعزيز موقعه على مستوى السياسة الدولية. لكن أوباما، الذي شهدت اجتماعاته مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إعادة تذكير بالتزاماته بدعم السلام و"أمن إسرائيل" لم يغادر المدينة قبل الذهاب إلى منطقة البراق"حائط المبكى" الذي يقدسه الصهاينة بزيارة غير معلنة، حيث أدى الصلاة بحضور أحد الحاخامات وسط حراسة مشددة، بينما سُمع صوت رجل يصرخ له "أوباما.. القدس ليست للبيع." وجاءت زيارة أوباما للحائط، الذي يعتبر أحد أكثر الأماكن قدسية لدى الصهاينة لارتباطه بالاوهام الصهيونية المتطرفة حول "هيكل سليمان" عند الساعة الخامسة فجراً تقريباً، وقد وقف في موقع كان سبق للشرطة أن حددته. ووضع أوباما القلنسوة اليهودية على رأسه، واقترب من الحائط مع الحاخام إشمايل رابينوفيتش، الذي تلا مقطعاً من التوراة بينما كان المرشح الديمقراطي ينظر إلى كتاب مقدس بين يديه، وقد ترك أوباما ملاحظة مكتوبة، وفق العادة المتبعة لدى زيارة كبار الشخصيات للموقع. وشوهد أوباما وقد أطرق رأسه بصمت ووضع يده على الحائط للحظات، وقالت مراسلة CNN، ساشا جونسون، أن العشرات كانوا قد تحلقوا في الموقع لمتابعة زيارة المرشح الديمقراطي، وقد صرخ أحدهم "أوباما.. القدس ليست للبيع" وذلك رغم طلب الحضور منه التوقف عن ذلك. يشار إلى أن الحائط هو بدوره موقع خلاف بين المسلمين اليهود الذين يطلقون عليه اسم "الحائط الغربي" ويعتبرون أنه الأثر الوحيد الباقي من "هيكل سليمان" وغالباً ما يقترب المتطرفون من المتدينون اليهود منه للصلاة والبكاء، وقد عرف لذلك بحائط المبكى. بالمقابل،نعتبر نحن المسلمون الحائط جزءاً من الحرم القدسي، ويرتبط لدينا ب"الإسراء والمعراج" الخاص بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم . وكان أوباما قد التقى قبلها، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس كجزء من زيارته التي يلتقي خلالها قادة فلسطينيين وإسرائيليين. وفي وقت سابق ،التقى أوباما الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في القدس، وتعهد بالعمل على بذل جهوده لإحلال السلام في المنطقة سواء انتخب رئيسا للولايات المتحدة أم لا. وقال أوباما "جئت إلى هنا للتأكيد على العلاقات المتينة بين إسرائيل والولاياتالمتحدة، والتزامي الراسخ بأمن دولة إسرائيل، وكلي أمل أن أعمل بشكل فاعل، سواء انتخبت رئيسا، أم بقيت نائبا، على إحلال السلام في المنطقة." كما زار بلدة سديروت الجنوبية التي تتعرض لقصف صاروخي من قطاع غزة، حيث سيزور بعض البيوت المتضررة،بينما الغارات الإسرائيلية وسجونها وفظائعها فتلك لا تذكر عند السي أوباما. وقالت سوزان رايسوقتها، وهي كبيرة مستشاري أوباما لشؤون السياسة الخارجية، إن المرشح الديمقراطي "ينظر قدماً للحصول على وجهات نظر قادة مؤثرين في الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، وهو سيقابل زعماء كافة الفصائل السياسية، بمن فيهم رؤوساء المعارضة. وعلّقت رايس على الزيارة بالقول إن سيناتور إلينوي، "سيحظى بفرصة رؤية الآلام والتحديات التي يعيشها الشعب الإسرائيلي الذي يعيش تحت الخطر المحدق لصواريخ (حركة المقاومة الإسلامية) حماس،" ليعود بعد ذلك إلى القدس للقاء أولمرت. ونفت رايس بشكل مطلق احتمال أن يتدخّل أوباما في المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وقالت إن للولايات المتحدة رئيس واحد، هو جورج بوش، وأن المرشح الديمقراطي "لا يعتزم التدخل في المباحثات أو صناعة القرار. وكان أحمد صبح وكيل وزارة الشؤون الخارجية الفلسطينية قد ذكر أن عباس "سيلتقي مرشح الرئاسة الأمريكي حيث سيضعه في أجواء الحالة السياسية والاقتصادية والأمنية" وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية. يذكر أن أوباما كان قد أثار الكثير من التحفظات العربية والفلسطينية مطلع يونيو الماضي، وذلك عندما صرح خلال كلمة أمام المؤتمر السنوي للجنة العلاقات الإسرائيلية الأمريكية "أيباك" قائلاً: "أي اتفاق مع الشعب الفلسطيني يجب أن يحافظ على هوية إسرائيل كدولة يهودية لها حدودها الآمنة والمعترف بها." وتراجع السيناتور الديمقراطي لاحقاً بصورة غير كاملة عن تصريحاته، قائلاً إن وضع المدينة يبقى إحدى القضايا التي يجب أن يتفاوض حولها الفلسطينيون والإسرائيليون. وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، قد اعترض على تصريحات أوباما قائلاً: "عندما قال أوباما ما قاله فقد أظهر أنه منحاز للمعسكر المعادي للسلام." وتعتبر سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية بشأن وضع القدس، غامضة منذ وقت طويل، إذ رغم دعوات عدد من السياسيين بضرورة نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، فإن هذا الوضع لم يتحقق بعد.