تبا لشعر لا يتمثل لعنة «الحريكَ» والحكَرة» *ما الذي قاد المحامية سميرة فرجي من نصوص المواد والفصول القانونية إلى كتابة النصوص الشعرية؟ ** لابد لي من التأكيد أن حكايتي مع الشعر لم تكن وليدة اللحظة، بل تمتد إلى سنوات خلت، فقد كنت منذ فترات الدراسة الثانوية والجامعية مسكونة بالهوس الشعري، وبجمالية الصور الشعرية التي نسجها فطاحلة الشعراء العرب، بدءا بامرئ القيس والخنساء وعروة بن الورد والمتنبي وابن زيدون والمهلهل... لهذا، ورغم أنني تشبعت على المستوى المهني بالنصوص والمواد القانونية، فإن ذلك لم يحجب عني رؤية روعة الشعر وبهاء الكلمة الموزونة بميزان الفراهيدي، وجمالية الصور الشعرية. * ما هو الشعر بالنسبة إليك؟ ** الشعر كهربة جميلة، وسحر بالكلمات، وإكسير الحياة، ولا يمكن للشعوب أن تعيش دونه... وحده الشعر قادر على استتباب الأمن الروحي وعلى إعطاء نفس جديد لمعنى الوجود... الشعر، في رأيي، إحياء للنفوس وتعلق بخيط أمل رفيع ينسجه الشاعر الذي يكون ملتصقا بقضايا الناس والوطن، وقضايا «الخبز»، وقفة وضنك العيش. * معنى هذا أن للشعر وظيفة ومعنى؟ ** النقد العربي عرف الشعر بكونه ديوان العرب الذي يؤرخ لتاريخهم ومشاكلهم اليومية.. والشعر العربي ظل يعيش جنبا إلى جنب مع حياة القبلية في مختلف تجلياتها.. والشاعر العربي هو لسان حال القبيلة وسفيرها والناطق باسمها والمعبر عن توجهاتها والمدافع عنها... لهذا، ظل الشعر العربي ملتصقا بهموم الناس والبلاد والعباد... الشعر بدون وظيفة أو معنى سيكون حتما ضربا من الخيال... فتبا لشعر لا يتمثل لعنة «الحريك» و«الحكرة»... * «صرخة حارك» هو عنوان ديوانك الشعري الصادر مؤخرا، فماذا يعنيه لك «لحريك»؟ ** «الحريك» هو من المفاهيم الجديدة التي دخلت مجال الكتابة الصحفية، فهو تعبير مجازي يعكس سخط المجتمع عن واقع لا يضمن أدنى شروط العيش الكريم في الوطن، مما يدفع العديد من الشباب لركوب البحر بحثا عن الفردوس المفقود. فمفهوم «لحريك» بهذا المعنى له دلالات سياسية... لكن في عنوان ديواني ارتقيت بهذا المفهوم إلى مدارج اللغة الشعرية التي تستطيع أن تحول حدثا سياسيا إلى مضمون جمالي... و«صرخة حارك» تستحضر في ذاكرتي تراجيديا الشباب الهارب من وطن إلى وطن يستوعب انشغالاته ويوفر له رغد العيش وزيف الهجرة غير القانونية عبر قوارب الموت... لكن «الحريك» في الديوان هو لعنة تطارد الكل، فالحارك في لا يتجسد فقط في من التقطته زعانف سمك القرش، بل تتجسد هذه اللعنة في مختلف مناحي الحياة: فالفقراء «حاركون» في معيشتهم و«البطالي» «حارك» في مستقبله ومهضومو الحقوق غارقون في حقوقهم.. لان «الحريك» أصبحت له وجوه متعددة و تمثلات كثيرة. أصدرت الشاعرة سميرة فرجي (محامية بهيأة وجدة) ديوانا شعريا بعنوان «صرخة حاركَ»، تتمثل فيه شعريا تراجيديا الشباب الهارب من وطن إلى وطن يستوعب انشغالاته ويوفر له رغد العيش وزيف الهجرة غير القانونية عبر قوارب الموت، وأيضا لعنة «الحريكَ» الآخر التي تتجسد في مختلف مناحي الحياة... حاورها: عبد المجيد بن الطاهر